مع عودة التضخم للارتفاع مرة أخرى في مصر، تبرز أزمة جديدة تؤثر بشكل مباشر على الشهادات مرتفعة العائد التي يعتمد عليها شريحة واسعة من المصريين في تحقيق عوائد مالية تعوضهم عن التدهور المستمر في قدرتهم الشرائية. في ظل هذه التطورات الاقتصادية، يتساءل المواطنون عن مصير تلك الشهادات، وما إذا كانت الحكومة ستتخذ قرارًا بخفض العائد عليها أو حتى إلغائها بشكل مفاجئ، مما يعيد إلى الأذهان ذكرى ما حدث مع شهادات قناة السويس.

عودة التضخم: ضغوط متزايدة على الاقتصاد والمواطنين
شهد الاقتصاد المصري في الفترة الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات التضخم، وهو ما أدى إلى زيادة كبيرة في أسعار السلع والخدمات، مما زاد من الضغوط المالية على المواطنين. وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفعت معدلات التضخم بشكل حاد، وهو ما أثر سلبًا على القدرة الشرائية لقطاعات واسعة من الشعب المصري. في ظل هذه الظروف، تعد الشهادات مرتفعة العائد ملاذًا للكثير من المواطنين الذين يبحثون عن وسيلة للحفاظ على مدخراتهم في مواجهة تآكل قيمة الجنيه المصري.

مصير الشهادات مرتفعة العائد: هل تستمر أم تتراجع؟
في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية وارتفاع التضخم، بدأ القلق يتزايد بين المواطنين حول مصير الشهادات مرتفعة العائد التي تمثل وسيلة أساسية لتحقيق دخل إضافي لكثيرين، خاصة المتقاعدين وأصحاب المدخرات الصغيرة. وتتمتع هذه الشهادات بأهمية كبيرة كونها توفر عائدًا مرتفعًا يساعد المواطنين على مواجهة التضخم وتغطية تكاليف المعيشة المرتفعة.

إلا أن هناك مخاوف حقيقية من أن تتخذ الحكومة المصرية، بالتعاون مع البنك المركزي، قرارات تتعلق بخفض العائد على هذه الشهادات أو حتى إلغائها. فالحكومة، التي تواجه ضغوطًا كبيرة نتيجة الالتزامات الدولية وصعوبة إدارة الديون الخارجية، قد تجد نفسها مضطرة إلى اتخاذ إجراءات تقشفية تؤثر بشكل مباشر على أصحاب هذه الشهادات.

خطر خفض العائد أو الإلغاء: إعادة لسيناريو شهادات قناة السويس؟
هذه المخاوف ليست مجرد تكهنات، بل تعززها تجارب سابقة، وأبرزها ما حدث مع شهادات قناة السويس. في عام 2014، أطلقت الحكومة المصرية شهادات استثمار لتمويل مشروع حفر قناة السويس الجديدة، وحققت نجاحًا كبيرًا في جذب مليارات الجنيهات من المواطنين. إلا أن الكثيرين شعروا بالخداع بعد أن تم استرداد الشهادات بعد انتهاء مدتها دون تحقيق الفوائد المتوقعة بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والتضخم المتصاعد.

اليوم، يبدو أن الحكومة تكرر نفس النهج، حيث تضع أعباء الأزمات الاقتصادية على كاهل المواطن العادي. وفي ظل استمرار الأزمات المالية وارتفاع الديون، لا يُستبعد أن تقوم الحكومة بخفض العائد على الشهادات مرتفعة الفائدة، مما يعني عمليًا سرقة مدخرات المواطنين بطريقة غير مباشرة.

رد فعل المواطنين: فقدان الثقة في الحكومة والقطاع المصرفي
من المؤكد أن أي خطوة لخفض العائد على الشهادات أو إلغائها ستواجه برد فعل سلبي من الشارع المصري، خاصة في ظل حالة الغضب الشعبي المتزايد تجاه السياسات الاقتصادية للحكومة. يشعر الكثير من المصريين بأن الحكومة لا تتخذ القرارات التي تخدم مصالحهم، بل تخدم فقط مصالح كبار المسؤولين وأصحاب رؤوس الأموال.

لقد أدت الأزمات الاقتصادية المتتالية وفشل الحكومة في تقديم حلول فعالة لمشكلات التضخم والبطالة وارتفاع الأسعار إلى تآكل الثقة في النظام المصرفي المصري. فالعديد من المواطنين يشعرون بأن مدخراتهم أصبحت مهددة، وأنهم قد يُضطرون لمواجهة مستقبل غامض دون أي ضمانات لتحقيق عوائد مالية تكفي لتغطية احتياجاتهم الأساسية.

ختاما؛ يبدو أن الحكومة المصرية في طريقها لخيبة جديدة فيما يخص إدارة الأزمات الاقتصادية، ومع احتمال خفض العائد على الشهادات مرتفعة الفائدة أو إلغائها، يزداد الشعور لدى المواطنين بأنهم ضحايا لسياسات فاشلة تتجاهل مصالحهم. في الوقت الذي يعاني فيه الشعب من تضخم متزايد وارتفاع في الأسعار، تتجاهل الحكومة اتخاذ خطوات جدية لحمايتهم من تداعيات الأزمات الاقتصادية. وما حدث سابقًا مع شهادات قناة السويس يظل حاضرًا في أذهان الكثيرين، مما يزيد من حالة عدم الثقة في الحكومة وقطاعها المصرفي.