في مركز أبو قرقاص بمحافظة المنيا جنوب مصر، راود حلم الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، أسرة مكونة من أب وأم وابنين وبنتين، هربًا من الظروف الاقتصادية المتردية وبحثًا عن مستقبل أفضل، كما فعل الكثيرين من أهالي محافظتهم على مدار السنوات القليلة الماضية، والذين هاجروا بطرق غير شرعية لأمريكا عبر الحدود المكسيكية؛ لكن الأسرة لم تكن تتصور أن أحلامها ستتحول إلى كابوس، وأن رحلتها من مصر إلى الولايات المتحدة، مرورًا بدول المغرب ونيكاجاروا ثم هندوراس وجواتيمالا والمكسيك، ستنتهي بشكل مأساوي، إذ كلفها الأمر حياة الابنتين وإصابة الأب برصاص الجيش المكسيكي. أيضًا تلقى الابن الأوسط شظايا بالرأس، بخلاف ما سيلاقيه الناجون من الأسرة بعدما فقدوا كل مدخراتهم.

قبل أسبوع من الآن كانت مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين، القادمين من مصر وبيرو وهندوراس وباكستان يستعدون لمغادرة بلدة “تاباتشولا” متوجهين إلى العاصمة المكسيكية، في طريقهم لدخول الأراضي الأمريكية، ومن بينهم أسرة سعد صلاح ملك جرجس، ذو الأعوام الـ50، ـ كان يمتلك متجر عطارة في قرية أبو قرقاص البلد-، قبل أن يوهمه سماسرة الهجرة بأن رحلته هو وأسرته ستكون آمنة.

 كانت الأمور تسير كما خطط لها، حتى وضعهم المهربون المكسيكيون في شاحنتين، رفقة 33 مهاجرًا غير نظامي، متجهين إلى الحدود بين جواتيمالا والمكسيك، وبينما كانت الأسرة تستقل الشاحنة الأولى أطلق جنود مكسيكيون النار عليهم، ليتلقى الأب طلق ناري بالحوض، وتلقي ابنته الكبرى سيلفيا ذات الأعوام الـ19، والصغرى إيريني ذات الأعوام الـ11، حتفهما، ويصاب الابن الأوسط يسطس، ذو الأعوام الـ14، إصابات خطيرة بشظايا في الرأس ومناطق متفرقة بالجسم، نقل على إثرها إلى المستشفى الجهوي العالي التخصصي في مدينة تاباتشولا بدولة جواتيمالا، وفقًا لإحدى الصحف المكسيكية، كما قتل شاب آخر من مركز أبو قرقاص، كان بصحبتهم في الشاحنة، يدعى بديع مكرم، في الـ17 من عمره، برصاص الجيش المكسيكي، بحسب ما علمت زاوية ثالثة من أهالي في قرية أبو قرقاص بمحافظة المنيا.

وكانت وزارة الدفاع الوطني في المكسيك، قد أعلنت الأربعاء الماضي، أن جنودًا مكسيكيين قتلوا ستة مهاجرين بعد أن فتحوا النار على مجموعة مكونة من 33 شخصًا كانوا يستقلون شاحنة حاولت التهرب من دورية عسكرية، مبينة أن عشرة مهاجرين أصيبوا في الحادث الذي وقع مساء الثلاثاء،  من بينهم مواطنون من (مصر والنيبال وكوبا والهند وباكستان).

تفاصيل الحادث حكاها حمزة، إلى زاوية ثالثة، وهو مهاجر مغربي رافق سعد في رحلة علاجه في المستشفى، بعد إصابته، وتطوع للترجمة عنه للطاقم الطبي ووسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني بالمكسيك؛ إذ يروي لنا أنه كانت هناك ثلاث شاحنات تضم مهاجرين كانوا قد غادروا جواتيمالا وفي طريقهم من ولاية تشياباس المكسيكية إلى العاصمة مكسيكو سيتي، ومنها إلى حدود ولاية تينيسي الأمريكية، وكانت الشاحنة الأولى تقل مغاربة قرروا أخذ طريق البحر للوصول إلى أمريكا، أما الآخرون الذين استقلوا الشاحنتين الأخرتين، وغالبيتهم من المصريين ومعهم أطفال؛ فاختاروا الطريق البري ظنًا منهم أنه أقل خطورة، إلا أن قوات الجيش المكسيكي ظنت أن سائق الشاحنة الأولى التي بها أسرة سعد ومصريون آخرون، قد ألقى شيء وظنوا أنه تابع للعصابات ففتحوا النار عليهم، وبينما كانت الأم نعمة نبيل فرج، ذات الأعوام الـ40 تجلس في مقدمة الشاحنة برفقتها طفلها الصغير الذي لا يتخطى الخمس سنوات، كان سعد وابنه الأوسط يسطس وابنتيه يجلسون في الخلف، وحين أطلق عليهم النار توفيت الفتاتين من فورهما بينما أصيب والدهما بالرصاص وتلقى شقيقهما شظايا بالرأس والأوردة، وقتل الشاب القاصر بديع مكرم وأصيبت شابة مصرية تدعى آية عبد الوهاب بطلق ناري بالساق، ونجا شاب مصري يدعى زياد كان برفقتهم، بحسب الشاهد.

ويؤكد حمزة أن الأم والابن الأصغر لم يصابوا بأذى، وتم إيداعهما بأحد مراكز الرعاية الاجتماعية، في حين يرقد سعد في المستشفى وقد استقرت حالته وتلقى رعاية طبية جيدة كما يحظى باهتمام المؤسسات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني في المكسيك، أما الابن الأوسط يسطس فهو في حال حرجة وتم نقله بالطائرة إلى مستشفى في مدينة أخرى، كاشفًا عن أن الأسرة كانت تتخوف من التعرض للسرقة فقامت الابنة الكبرى سيلفيا بإخفاء مبلغ عشرة آلاف دولار في ملابسها الداخلية، وهي كل ما تبقى بحوزتهم من مال، وعند مقتلها تم نقل جثمانها ولا يعرف الأب مصير أموالهم، مؤكدًا وفاة الشاب بديع مكرم، وأن جثامين الضحايا لم يتم دفنها بعد.
الخارجية تدخل على الخط 
بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية، فإن وزير الخارجية والهجرة، بدر عبد العاطي، أجرى اتصالاً هاتفيًا مع خوان دي لا فوينتي – وزير خارجية المكسيك-، ناقشا خلاله الحادث، وقد أعرب وزير الخارجية المكسيكي عن أسفه الشديد للحادث الأليم، وطلب نقل تعازيه إلى الحكومة المصرية وأسر الضحايا، مؤكداً أن التحقيقات متواصلة وأنه سيتم موافاة الحكومة المصرية بنتائجها فور الانتهاء منها، في حين طالب الوزير المصري، الحكومة المكسيكية، بسرعة إنهاء التحقيقات والإجراءات اللازمة لنقل جثامين الضحايا إلى مصر، وتوفير الرعاية الطبية اللازمة للمصابين، كما وجه سفير مصر في المكسيك بالسفر إلى المدينة التي تبعد قرابة 850 كيلومتر من العاصمة المكسيكية لمتابعة الموقف والانتهاء من إجراءات نقل الجثامين والوقوف على احتياجات المصابين.

لا تعد أسرة سعد صلاح، ضحية إطلاق النار بالمكسيك، الوحيدة التي سلكت طريق الموت في محاولة للهجرة غير الشرعية إلى أمريكا؛ إذ سبقها المئات وربما الآلاف من المصريين على مدار السنوات الخمس الماضية، وكان أغلبهم قادمين من المحافظة نفسها، المنيا، التي ينقل المهاجرون القادمين منها تجاربهم لغيرهم، كما يوضح مدون السفر والهجرة طارق عبده، المعروف باسم “قنصل الغلابة”، إلى زاوية ثالثة؛ إذ اعتاد المهاجرون غير النظاميين السفر من مصر إلى بنما ثم كولومبيا، ومنها يسافرون بريًا إلى نيكاراجوا باعتبارها لا تحتاج إلى تأشيرة دخول ثم يعبرون من هندوراس وجواتيمالا دون مشكلات، حتى يصلون إلى الحدود المكسيكية التي يلتقطهم منها المهربون ويصطحبونهم إلى الحدود الأمريكية.

يضيف: “هذا الطريق تم قطعه عليهم بعد وضع بنما لشروط صعبة للحصول على تأشيرتها، فخلقت شبكات التهريب طريقًا جديدًا من مطار القاهرة إلى موريتانيا ومنها إلى المغرب ثم ترانزيت إلى مطار مدريد، ومنها ترانزيت إلى السلفادور ويدخلون بريًا إلى جواتيمالا، في طريق محفوف بالمخاطر، يمر بالمكسيك وتسيطر عليه العصابات؛ فيكونون عرضة للخطف أو الموت.”

وتمتلئ مجموعات فيسبوك وواتساب الخاصة بالهجرة إلى الولايات المتحدة والسفر إلى المكسيك أو نيكاراجوا وهندوراس وجواتيمالا، بقصص مهاجرين مصريين، من بينهم شاب مصري من مدينة الإسكندرية ألقي القبض عليه في المكسيك وانقطعت الاتصالات بينه وبين أسرته، كما تستغيث شقيقته إيمان محمود.

ووفق شهادة رانيا التي عبرت الحدود المكسيكية مؤخرًا ودخلت الولايات المتحدة، إلى زاوية ثالثة، فإن 12 شاب مصري قرروا خوض مغامرة السفر عبر طريق الموت والهجرة من المكسيك إلى أمريكا، لكنهم ظلوا عالقين في العاصمة مكسيكو لفترة طويلة، حتى التقطهم مهرب من أصول عربية، وأخذهم إلى طريق خطير، بتكلفة أقل، وتركهم في العراق وحدهم يستغيثون، ثم انقطعت الاتصالات بهم منذ مدة، ولا يزال الغموض يكتنف مصيرهم، فلا تدري رانيا إن كانوا أحياءًا أم تعرضوا للقتل؟ وهل نجحوا في عبور الحدود أم تعرضوا للاعتقال؟.

من موريتانيا أو الأردن إلى نيكاراجوا والمكسيك 
في العاصمة الكينية نيروبي توجد وكالة سفريات، تعد غطاءًا لشبكة تهريب المهاجرين غير النظاميين إلى الولايات المتحدة. وتتصيد زبائنها من المصريين، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتوهمهم بسهولة الرحلة، وتوفر لهم دعوات للسفر إلى نيكاراجوا وقضاء مدة أسبوع بها، نظير 500 دولار للفرد البالغ، و100 دولار عن كل طفل.

 وعند الوصول إلى هناك، تستقبل امرأة تعمل مع الوكالة، المهاجرين، وتوصلهم إلى مهربين يأخذونهم في حافلات من نيكاراجوا إلى المكسيك نظير 1500 دولار عن الشخص الواحد، وحين يصلون إلى العاصمة مكسيكو سيتي ينزلون في فندق معين ويقومون بتسجيل بياناتهم على موقع الهجرة الأمريكية، ويتحركون مجددًا بالحافلات وعند الاقتراب من الحدود تتوقف الحافلات ويسيرون على الأقدام، وفقًا لما أخبر به زاوية ثالثة، سمسار هجرة تابع للوكالة، مؤكدًا أن فرصة المصريين كبيرة في الهجرة عبر هذا الطريق الذي يزعم أنه آمن ما لم يذهب المهاجر رفقة تجار المخدرات المكسيكيين، وأنه أدخل من خلاله العديد من النساء والأطفال.

تحدثت زاوية ثالثة مع سمسار هجرة غير شرعية، موريتاني الجنسية يدعى الشيخ عمر، ينشط على مواقع التواصل الاجتماعي، يقوم بتنظيم رحلات هجرة للمصريين من موريتانيا إلى مطار مدريد، ومنه إلى نيكاراجوا، نظير مبلغ 9500 دولار أمريكي للفرد الواحد، يتم دفعها عند الوصول إلى هناك.
طريق آخر لهجرة المصريين غير الشرعية إلى الولايات المتحدة أوجده وكلاء سفر وسماسرة هجرة أردنيون، من بينهم خالد الذي تحدثت معه زاوية ثالثة. يبدأ بالحصول على تأشيرة سياحية للأردن، وينطلق المهاجر من مطار القاهرة ثم مطار عمان، ليقضي يومين هناك، ثم يتجه في رحلات طيران ترانزيت إلى إسبانيا ثم هندوراس ثم جواتيمالا ثم نيكاراجوا ومنها إلى مدينة تيخوانا في أقصى شمال غرب المكسيك، وتنتهي بالوصول إلى الحدود الأمريكية، حيث يتعاونون مع مهربين وعصابات مكسيكية تتقاضى مبالغ مالية كبيرة نظير إدخال المهاجرين إلى الأراضي الأمريكية.

يتقاضى خالد نظير رحلة الهجرة غير الشرعية التي تتراوح مدتها بين 12 إلى 13 يوم، مبلغ 6600 دولار أمريكي، عن الفرد الواحد، شاملة تذاكر الطيران ونُزل الإقامة، يربح مبلغ 1200 دولار من كل مهاجر.

وعلى مدار العامين الأخيرين يقول إنه قام بإرسال مئات المهاجرين إلى أمريكا، كان بينهم 88 مصري، معظمهم شباب، وكانت من بينهم أسرة لديها أطفال، مبينًا أن هناك طرق أكثر خطورة لكنها أقل تكلفة، يلجأ إليها المهاجرون المصريون كطريق موريتانيا أو المغرب، ويقصدون طريقًا بريًا في المكسيك، ويخالف البعض التعليمات ويخرجون من الأماكن التي يختبئون بها إلى الشوارع؛ فيتعرضون للقبض عليهم في المكسيك وترحيلهم، كما يتورط بعضهم في متاعب مع العصابات حين يسافرون دون وكيل سفريات.

ويشير إلى أنه شهد واقعة إطلاق أعيرة نارية بالمنطقة الحدودية، قبل أيام من إحدى العصابات المكسيكية لتهديد مجموعة من الشباب المصريين المهاجرين من محافظة المنيا، لإجبارهم على دفع مبلغ سبعة آلاف دولار عن كل فرد منهم، وكان من الممكن أن يتعرضوا للقتل لولا أنه ومجموعة من وكلاء السفر والسماسرة ساعدوهم في دفع مبلغ مالي للعصابات، والتي يضطرون للتعاون معها لإدخال المهاجرين.

وبحسب بيان سابق صادر عن ديوان محافظة المنيا، فقد عدد القرى والمراكز التي تسيطر عليها حالات الهجرة غير الشرعية بالمحافظة، وجاءت كالتالي: مركز العدوة في أقصى شمال غربي المحافظة، يضم أربع قرى تصدر الهجرة غير الشرعية، وست قرى بمركز مغاغة، وسبع قرى بمركز بني مزار، وخمس قرى بمركز مطاي، وتسع قرى بمركز سمالوط، وثمان قرى بمركز المنيا، وثمان قرى بمركز أبوقرقاص، وتسع قرى بمركز ملوي، وخمس قرى بمركز ديرمواس.

تكلفة باهظة للهجرة غير الشرعية 
تشير التقديرات إلى وصول إجمالي عدد المصريين في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 1.8 مليون مصري، من بينهم نحو 700 ألف يعيشون في مدينة كاليفورنيا القريبة من الحدود، بحسب تصريحات تليفزيونية للسفيرة سهى الجندي، وزيرة الهجرة وشؤون المصريين في الخارج، العام الماضي.

 ووفقًا للتقرير السنوي الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2023، فقد احتلت مصر المرتبة الأولى على المستوى العربي بالحصول على أعلى عدد من تأشيرات الهجرة إلى أمريكا، ليصل الإجمالي إلى نحو 5.9 ألف تأشيرة، من بين ما يقرب من 562 ألف تأشيرة عالمية في عام 2023.

وبحسب تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في عام 2022، فإن الولايات المتحدة الأمريكية حلت في المرتبة الأولى من حيث عدد المصريين الذين حصلوا على موافقة للهجرة والمصريين، و اكتسبوا صفة المهاجر عام 2022، بنسبة  44.8٪.

على مدار سنوات عمله كمستشار هجرة في الولايات المتحدة، التقى ممدوح نخلة – عضو نقابة المحامين الأمريكية-، العديد من المهاجرين المصريين غير الشرعيين، وتولى الدفاع عن أكثر من 200 مهاجر مصري، جاء 90٪ منهم من محافظة المنيا، وكان غالبيتهم من المسيحيين وبعضهم يزعم تعرضه للاضطهاد الديني ويشتركون جميعًا في المعاناة الاقتصادية وتهميش القرى الصعيدية التي يأتون منها، وقصدوا دولًا لا تحتاج إلى الحصول على تأشيرة دخول للمصريين، ومنها إلى نيكاراجوا وهندوراس وجواتيمالا ثم إلى المكسيك، وعلى مسافة اثنين كيلو متر أو ثلاثة من الحدود الأمريكية لـ ولاية تكساس أو كاليفورنيا أو أريزونا، يتركهم المهربين، خوفًا من إلقاء القبض عليهم، باعتبار أن التهريب جناية في القانون الأمريكي تستحق السجن المؤبد، أما الأشخاص الذين يتم تهريبهم فلا يتعرضون لأي عقوبة، بحسب ما يوضح المحامي إلى زاوية ثالثة.

يلفت لكون بعض المهاجرين يدفعون حياتهم ثمنًا لمحاولة الهجرة غير الشرعية للولايات المتحدة؛ إذ يقتلون برصاص العصابات أو يتعرضون لسرقة أعضائهم وبيعها.

يقول المحامي المصري الأصل إن تكلفة الهجرة غير الشرعية من مصر إلى الولايات المتحدة قد تصل إلى أكثر من مليون جنيه مصري؛ إذ تحصل شبكات التهريب المكونة من عدة جنسيات، على نحو 20 ألف دولار عن المهاجر الواحد، يتم تقسيمها إلى مراحل تنتهي عند الحدود الأمريكية حيث يسدد مبلغ ستة آلاف دولار للمهربين.
ويبين أنه عندما يصل المهاجرين، يصحبهم الضباط إلى مراكز الاحتجاز ليقضوا بها فترة تتراوح بين ثلاثة أيام إلى أسبوعين قبل أن يتم عرضهم على قاضي الهجرة، والذي يصدر حكمه إما بالسماح لهم بدخول البلاد، ويقوم حينها بدفع ألف دولار نظير صدور تصريح العمل، أو قد يقرر القاضي الإبعاد حال وجود سجل إجرامي لديهم أو أوراق مزورة أو فقدانهم للأوراق الثبوتية أو محاولة سابقة لدخول البلاد، ويمكن الاستئناف على الحكم وإذا لم يتم قبول الاستئناف تتم إعادة المهاجر إلى بلده على أول طائرة، وتسجيل تكاليف السفر كـ غرامة هجرة تصبح دينًا عليه إذا حاول الدخول مرة أخرى إلى أمريكا بطريقة شرعية.

ويلفت إلى أن أجر محامي الهجرة للدفاع عن المهاجر غير النظامي يبلغ خمسة آلاف دولار، وحال الاستئناف على الحكم يتقاضى المبلغ نفسه مرة أخرى، بينما يقدم هو وعدد قليل من المحامين خدماتهم بأجر رمزي أو بالمجان للمهاجرين المصريين.

مهدي عفيفي – عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي-، يوضح إلى زاوية ثالثة أن هناك شبكات للتهريب تنشط في بعض القرى المصرية، وتتعاون مع عصابات في أمريكا الجنوبية، ولا سيما المكسيك وجواتيمالا ونيكاراجوا، وعادة ما يكون لدى المهاجرين غير الشرعيين أصدقاء أو أقارب في الولايات المتحدة، يقومون باستقبالهم ومساعدتهم في الحصول على الإقامة والعمل، ويستغلون كون القانون الأمريكي يحظر على ضباط الشرطة سؤال الأشخاص عن جنسيتهم أو إقامتهم، وعما إذا كانوا حاملين لـ”الجرين كارد”، أم لا، ويكون المعنيون بذلك هم المسؤولون بالجوازات والضباط في المناطق الحدودية، ولكن حال الإمساك بهم يكونون عرضة للاحتجاز والترحيل.

ويؤكد أن هناك زيادة كبيرة في حالات الهجرة غير الشرعية من مصر إلى الولايات المتحدة، ويأتي معظمهم من قرى بعينها في صعيد مصر أو الريف عبر شبكات التهريب، لكن لا توجد إحصائية لأعداد المهاجرين غير الشرعيين الحاملين للجنسية المصرية، الذين يصلون إلى الولايات المتحدة.

وقد حذّر الأنبا يوسف – مطران تكساس، وفلوريدا وجنوبي الولايات المتحدة الأمريكية، شباب محافظة المنيا من الهجرة غير الشرعية عبر المكسيك، أثناء زيارته لإيبارشية المنيا وتوابعها في يوليو الماضي. ورغم من ذلك، لا يزال المصريون في بعض من قرى الصعيد؛ خاصة في قرى المنيا المشار إليها، يخاطرون ويشرعون في هجرة غير شرعية ربما تودي بـ حيواتهم مثلما حدث مع أسرة سعد، لكن ما يدعو للدراسة والتساؤل هو أن كثير من مهاجري تلك المحافظة من المسيحيين الذين يسعون إلى الحلم الأمريكي هربًا من مصر.