في حادثة تبرز الفجوة بين الطموحات الواقعية والنتائج الفعلية فشلت المملكة العربية السعودية في تحقيق هدفها المنشود بالحصول على مقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة رغم إنفاقها مليارات الدولارات في محاولة لتحسين صورتها على الساحة الدولية تستثمر المملكة بشكل مكثف في مشروعات ضخمة تهدف إلى تحويل البلاد إلى وجهة سياحية وترفيهية من خلال مشروعات كبرى مثل نيوم وملعب الغولف الفاخر وفعاليات موسمية ضخمة لكن هذه الجهود تواجه سخرية وانتقادات حادة من المجتمع الدولي المراقبون يعتبرون أن هذا الفشل يمثل صفعة قوية لجهود المملكة في مجال تحسين صورتها على المستوى العالمي إذ جاءت هذه المحاولة في وقت تسعى فيه الرياض لإعادة رسم هويتها الدولية بعد عقود من الانتقادات حول سجلها في حقوق الإنسان وتؤكد تقارير منظمات دولية حقوقية أن المملكة تواصل انتهاكات جسيمة وموثقة تجاه حقوق المواطنين والمقيمين فيها بالإضافة إلى تدخلاتها العسكرية في الدول المجاورة وتحديدا في اليمن حيث أدت الحرب إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم السعودية لم تنجح في إقناع المجتمع الدولي بأن لها دورا إيجابيا في مجال حقوق الإنسان على الرغم من استثماراتها الضخمة في الأحداث الدولية مثل استضافة الفعاليات الرياضية والثقافية وبالطبع تلك المشاريع التي تهدف إلى جذب السياح من كافة أنحاء العالم ومع ذلك تظل المملكة محاطة بانتقادات شديدة حول قضايا الحريات الأساسية والاعتقالات السياسية وسوء معاملة النشطاء يظهر بوضوح أن المملكة قد بالغت في تقدير قدرتها على استغلال تلك الاستثمارات لتعزيز مكانتها في المحافل الدولية إذ كان من المتوقع أن تسهم تلك المشاريع في إحداث تغيير إيجابي في صورتها لكن الواقع كان مغايرا فقد انكشفت حقيقة أن تلك المبادرات لم تكن سوى محاولات تجميلية للواجهة الخارجية دون أن تمس جذور المشاكل الجوهرية المتمثلة في انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة المراقبون يسلطون الضوء على أن هذا الفشل يعكس عدم قدرة الحكومة على مواجهة التحديات الحقيقية التي تطرحها مسألة حقوق الإنسان في المملكة وهو ما يجعلها مضطرة لتقديم مزيد من التنازلات في المستقبل من أجل الحصول على مقاعد في المنظمات الدولية وهذا يشير إلى أن خطط التحول الكبيرة التي تسعى لتحقيقها عبر رؤية 2030 لا تزال غير قادرة على معالجة النقاط الحساسة التي تعوق تحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية في الأثناء يعتبر كثيرون أن هذه الواقعة تمثل دليلا على أن الاستثمارات في مجال السياحة والترفيه لن تكون كافية لتغيير الرأي العام الدولي تجاه قضايا حقوق الإنسان فإذا كان المجتمع الدولي قد اتخذ موقفا صارما من انتهاكات السعودية فلا شيء يمكن أن يعيد بناء الثقة بين الرياض والمجتمع الدولي إلا خطوات حقيقية وملموسة في مجال حقوق الإنسان قد تبدو الحكومة السعودية في حالة إنكار أمام تلك الانتقادات إذ تتبنى خطابات رسمية تتحدث عن التقدم في مجالات حقوق الإنسان لكنها في الواقع تعاني من انعدام الاستقرار الداخلي بسبب القمع المستمر واعتقال المعارضين وغياب الحريات الأساسية هذا الفشل في الحصول على المقعد الدولي يعد تذكيرا صارخا بأن التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تسعى إليها المملكة لن تعني شيئا ما لم يكن هناك تغيير حقيقي في السياسة الداخلية في سياق متصل ينتقد الناشطون الحقوقيون سياسة الحكومة في إغلاق الفضاء العام أمام التعبير الحر بينما تتبنى الحكومة سياسات انفتاحية تجذب السائحين الأجانب في الوقت نفسه تستمر الاعتقالات التعسفية للمدافعين عن حقوق الإنسان مما يبرز التناقض الكبير بين الصورة التي ترغب الرياض في تقديمها والصورة الواقعية المظلمة التي يعيشها الكثير من المواطنين تتوالى الضغوطات على الحكومة لإجراء تغييرات حقيقية وجذرية في سياستها المحلية وعلى الرغم من إنفاقها مليارات الدولارات على مشاريع ترفيهية فإن تلك الأموال لم تسهم في تحسين حقوق الإنسان بل زادت من حدة الانتقادات الموجهة إليها على الساحة الدولية بما في ذلك الولايات المتحدة التي لم تتردد في الإشارة إلى أن الإصلاحات الاقتصادية لا تعكس التقدم في حقوق الإنسان وتستمر محاولات المملكة لتلميع صورتها بشكل قسري ومع ذلك يبقى الفشل في الحصول على مقعد في مجلس حقوق الإنسان بمثابة تنبيه حاد من المجتمع الدولي بأن الصورة التي تسعى لتقديمها لا تعكس الواقع المرير الذي يعيشه المواطنون كما أن العالم لم يعد ينخدع بالخطابات والمشاريع الوهمية بينما تظل انتهاكات حقوق الإنسان قائمة بلا رادع مما يدفع إلى التساؤل حول ما إذا كانت السعودية قادرة على تغيير مسارها نحو المستقبل أم أن هذه الجهود ستكون مجرد سراب لا يُرجى منه خير