اتهم محمد حمدان دقلو (حميدتي) سلاح الجو المصري بالمشاركة في الحرب الدائرة في السودان وقصف قوات الدعم السريع.

وقال حميدتي “قواتنا في جبل موية بولاية سنار قتلوا وضربوا غدرا بالطيران المصري” وأضاف “صمتنا كثيرا على مشاركة الطيران المصري في الحرب حتى يتراجعوا لكنهم تمادوا الآن”.

وقبل أشهر قليلة قال صحف دولية منها (فورين أفيرز) ودورية (المعهد الأطلسي) إن السيسي يدعم الجيش ضد مليشيا الدعم السريع إلا أن صحيفة العرب الإماراتية نقلت عن مصادر مصرية (لم تسمها) نفيها إمكانية التدخل في شؤون السودان وقيامها بمساعدة الجنرال البرهان بمعدات عسكرية، بعد تواتر تقارير أجنبية أشارت إلى هذه المسألة.

صحيفة (العرب) الإماراتية، أشارت إلى أن القاهرة تتمسك بالثابت المصري المتعلق برفض التدخل في شؤون الدول الأخرى، لأن ذلك من شأنه أن يزيد الوضع سوءا، مستندة إلى تصريحات سابقة أدلى بها عبد الفتاح السيسي ورفض فيها مبدأ التدخلات الخارجية في السودان.

سيناريوهات عدة تتعامل بها القاهرة مع الأزمة في السودان ليس من بينها التدخل العسكري، والذي يمكن أن يزيد الأمور تعقيدا في دولة بها فائض كبير من الآليات العسكرية لدى حركات مسلحة وميليشيات ومرتزقة ومواطنين.

المعهد الأطلسي

(المعهد الأطلسي للدراسات) قال إن القاهرة في مأزق، فإما أن تستمر سرا في دعم قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان في مواجهة قائد قوات “الدعم السريع” شبه العسكرية محمد حمدان دقلو (حميدتي) أو أن تُقدم على غزو شامل وشيك لجارها السودان، ما يهدد بإغضاب الإمارات الثرية التي تحتاجها مصر في ظل أزمتها الاقتصادية المتفاقمة.

ومن عدة عناصر لقلق القاهرة من خسارة الجيش المعركة أضاف تقرير المعهد البحثي الآمريكي أن “مصدر قلق كبير آخر لمصر هو علاقات قوات الدعم السريع القوية مع إثيوبيا، إذ سعت مصر للحصول على دعم السودان في نزاعها المستمر مع إثيوبيا حول حصة دولة المصب من مياه نهر النيل بعد بناء سد النهضة الإثيوبي، والآن إذا قررت مصر استخدام الخيار العسكري ضد إثيوبيا، فلن يكون السودان إلى جانبها”.

ولفت التقرير إلى أن عبد الفتاح السيسي (استبعد) أي تدخل في السودان، بحجة أن الأزمة السودانية مسألة داخلية، وعرض التوسط بين الفصائل المتناحرة. وأنه رغم ذلك، (يشكك البعض) في دعم الجيش المصري نظيره السوداني الذي قويت علاقته به عقب الإطاحة بالرئيس السوداني السابق عمر البشير عام 2019.

وأشار التقرير إلى (تصريحات غير مؤكدة) تفيد بأن مصر زودت الجيش السوداني بمعلومات استخباراتية ودعم تكتيكي، إضافة إلى قصف مقاتلات مصرية لمواقع للدعم السريع.

يخشى السيسي أن يضع نفسه في مواجهة الإمارات، حليف مصر منذ فترة طويلة والداعم المالي الرئيسي لها، والتي ألقت بثقلها وراء قوات الدعم السريع”، بحسب المعهد الأطلسي.

المعهد الأطلسي أشار أيضا إلى أن الجنرال (المتقاعد) المنقلب خليفة حفتر، مؤيد آخر لقوات الدعم السريع، وتسيطر قواته على جزء كبير من شرق ليبيا ودعمته مصر وقوات الدعم السريع خلال هجومه الفاشل على (العاصمة) طرابلس في 2019.

فورين أفيرز

وسبق لمجلة “فورين أفيرز” الأميركية أن أشارت إلى أن “خيار دعم القوات المسلحة السودانية عسكريا، حيث يعدّ موقف مصر تجاهها معقدا، فهي حذرة من النزعات الإسلامية بين قيادتها، وترى -نظرا إلى قضايا هذه القوات مع إثيوبيا- أنها حليف سياسي حاسم في نزاعها حول سد النهضة الذي يهدد بتعطيل مصالح البلاد الإستراتيجية المائية وقطاعها الزراعي الهش”.

 

وأضافت المجلة أن “مصر تدعم سياسيا القوات المسلحة السودانية كممثل معترف به للدولة، واقتصر الدعم على تدريب القوات حتى الآن”. مردفة أن “الدعم العسكري للجيش يضع مصر في صراع مباشر مع (الدعم السريع)”.

 

وأشارت فورين أفيرز إلى أن القاهرة لديها خيار ثان؛ بدعم قوات الدعم السريع عسكريا، وسيكون التحالف بينهما نظريا كابوسا للجيش السوداني الذي سيجد نفسه فجأة محاصرا بين الشمال والجنوب.

أما الخيار الثالث فهو المعتمد حاليا في القاهرة وهو (عدم فعل أي شيء)، (إستراتيجية الانتظار والترقب) بسبب تعقّد الوضع وغموض خياراته، ويبدو هذا النهج حكيما حاليا، لكن فاعليته طويلة الأمد تعتمد على متغيرين غير معروفين، هما مدة الصراع وهوية الفائز.

وفي خيار رابع؛ أن تدعم القاهرة وقف إطلاق النار بين الطرفين، أي لا يحقق الجيش أو قوات الدعم السريع انتصارا عسكريا، وبدلا من استعادة الحكم المدني الديمقراطي ستنضم مصر في هذا السيناريو إلى الأصوات التي تدفع نحو إنهاء الصراع العسكري من خلال الدعوة إلى مفاوضات السلام بين الجيش والدعم السريع ودعمها، كما هو الحال مع مبادرة وقف إطلاق النار الأميركية – السعودية.

أما الخيار الخامس؛ فيتعلق بالوقوف إلى جانب الأطراف المدنية، وسيتوجب على القاهرة أن تصبح البطل غير المتوقع للأحزاب المدنية والديمقراطية في السودان وتطالب بوجودها في جميع المفاوضات المستقبلية.
وأشار التقرير إلى أن مزج مصر بين المصالح السياسية يسمح بتجنب انتقاء الأطراف بشكل صريح مع توفير مساحة أكبر للمناورة في المحادثات والسياق الجيوسياسي الأوسع. مبينا أن التحالف مع مصر لا يعد مثاليا بالنسبة إلى الأحزاب المدنية، لكنه الخيار الوحيد الذي من المرجح أن تقدمه أي قوة إقليمية، والذي تحتاجه هذه الأطراف السياسية بشدة.