أكد المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، أن المجاعة تلوح في الأفق بقطاع غزة، حيث إن واحدًا من كل 4 من السكان يتضور جوعًا.
وتابع أنه رأى مع خبراء مستقلين آخرين في مجال حقوق الإنسان بمنظومة الأمم المتحدة، كيف ترتكب إسرائيل الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
وفي مقال له نشرته الأناضول، قال فخري: إن محكمة العدل الدولية قضت مؤخرًا بأن تصرفات إسرائيل قد ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، ومنذ ذلك الحين استمرت الخسائر في صفوف المدنيين، ومعاناتهم في تزايد بسبب العنف الذي تمارسه إسرائيل وحلفاؤها ضد الشعب الفلسطيني.
وفي اليوم الذي أُعلن فيه قرار محكمة العدل الدولية، أطلقت إسرائيل ادعاءات كاذبة مفادها بأن 12 من موظفي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) يتعاونون مع حركة "حماس"، بينما تدعي حاليا بأنهم 9 موظفين.
وبناء على ذلك، علقت 18 دولة مانحة رئيسية للأونروا، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وألمانيا وسويسرا واليابان أموالها للمنظمة، ولذلك فإن إنهاء الأونروا لأنشطتها بحلول نهاية الشهر الجاري وفقدان سكان غزة لسبل عيشهم الأساسية سيجعل الدول المانحة متواطئة في مسألة الجوع.
وأكد أن هذا أيضًا عقاب جماعي ضد الشعب الفلسطيني، حيث يخدم 30 ألف موظف في الأونروا حوالي 3 ملايين لاجئ فلسطيني في الضفة الغربية ولبنان وسوريا والأردن.
سلاح التجويع
وقال إن سكان غزة حاليًا 80 بالمئة من مجموع الأشخاص الذين يواجهون المجاعة أو الجوع الكارثي في جميع أنحاء العالم، ولوضع الأمور في منظور عالمي، لم نشهد منذ الحرب العالمية الثانية مثل هذه المجاعة السريعة والكاملة للسكان المدنيين، لكن كيف حدث هذا؟
وأضاف أن إسرائيل لا تجعل المنطقة غير صالحة للسكن وحسب من خلال قصف المنازل والبنية التحتية المدنية، بل بنفس الوقت لا تترك أي مكان آمن في غزة، كما تستخدم إسرائيل الجوع سلاحا لإيذاء وقتل المدنيين في القطاع.
وذكر بأنه في 9 من أكتوبر 2023، أي بعد يومين من هجوم حماس، أمر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قواته بفرض حصار كامل على غزة، ومنع دخول الغذاء والماء والوقود والدواء إلى أي جزء من القطاع، وحتى الآن تكاد لا تتدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، وتمنع إسرائيل الأمم المتحدة أو أي منظمة إغاثة من إيصال المساعدات إلى المنطقة.
وأشار إلى أن 335 ألف طفل دون سن الخامسة يتعرضون لخطر سوء التغذية الحاد مع استمرار تزايد خطر المجاعة، وبسبب سوء التغذية يتعرض جيل كامل لخطر المعاناة من إعاقات جسدية وإدراكية دائمة، وهو ما يسميه الأطباء "التقزم".
ونبه إلى أنه بالرغم من الكمية الضئيلة من المساعدات الإنسانية المسموح بدخولها، لا يزال سكان القطاع يفتقرون إلى الوقود اللازم للطهي، ومعظم المخابز تفتقر لما يكفي من الوقود أو الدقيق لصنع الخبز للناس، ويحاول الآباء إطعام أطفالهم بالقليل من الطعام الحيواني المتبقي لديهم، كما أن حيوانات المزرعة تتضور جوعا ولا يمكن أن تصبح مصدرا للغذاء.
وفي الوقت نفسه يستمر انخفاض الوصول إلى المياه الصالحة للشرب، وبالإضافة إلى منع المساعدات الإنسانية تعمل إسرائيل على تدمير النظام الغذائي في غزة منذ بدء الهجوم البري في 27 أكتوبر الماضي.
ويرى أنه منذ ذلك الوقت جرفت القوات الإسرائيلية أكثر من 22 بالمئة من إجمالي الأراضي الزراعية في شمال غزة، بما في ذلك البساتين والبيوت البلاستيكية والأراضي الزراعية، كما دمرت قرابة 70 بالمئة من أسطول الصيد في غزة وتواصل استهداف الصيادين.
الحل الوحيد
إسرائيل تخنق غزة منذ سنوات، ومنذ عام 1948 يعانى الفلسطينيون، واجهوا الموت الناجم عن الطرد الجماعي وسلب منازلهم وقراهم على يد إسرائيل، ومنذ عام 1967 يتعرض الفلسطينيون لاحتلال الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، ولمزيد من القمع والفصل العنصري.
وأكد فخري أن إسرائيل تفرض حصارًا على غزة منذ عام 2007، مما أدى إلى تقييد شديد لتدفق البضائع، وبسبب الحصار وحتى قبل هذه الحرب، كان نصف سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي وكان 80 بالمئة منهم بحاجة إلى مساعدات إنسانية، والطريقة الوحيدة لإنهاء هذا الرعب هي وقف فوري لإطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية دون عوائق.
وذكر أن الطريقة الوحيدة لتحقيق السلام الدائم هي تفعيل حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، فالناس يشهدون الفظائع في غزة ويتحدثون عن ذلك علنًا، وتمارس الجماعات المنظمة سياسيًا ضغوطًا على حكوماتها وتطالب بوقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية دون عوائق.
وختم بالقول لقد آن للحكومات أن تستجيب لهذه النداءات وأن تمارس ضغطًا سياسيًا واقتصاديًا حقيقيًا على إسرائيل وحلفائها لإنهاء المجاعة والإبادة الجماعية في غزة.
أطفال غزة يموتون بسبب سوء التغذية
ومن جهته، قال مدير مستشفى كمال عدوان، الدكتور حسام أبو صفية، إن عددًا من الأطفال في شمال قطاع غزة ماتوا خلال الأيام الماضية بسبب سوء التغذية ونقص الطعام وانتشار الأمراض والأوبئة الناتجة عن العدوان والحصار الإسرائيلي المتواصلين.
وأوضح أبو صفية أن أغلب الحالات كانت تصل إلى المستشفى وهي تعاني أعراض الجفاف الحاد بسبب سوء التغذية، إضافة إلى انتشار العدوى على مستوى الجهاز الهضمي والنزلات المعوية، وفقًا لـ"الجزيرة".
وأضاف أبو صفية أن المستشفى دمج قسمي العناية والحضانة بسبب انقطاع الكهرباء، مشيرا إلى أن المواليد الجدد يصلون إلى المستشفى في حالات حرجة جدًا، وتظهر عليهم علامات الضعف والشحوب بسبب سوء تغذية الأمهات.
وأشار إلى أن عدم توفر حليب الأطفال يفاقم من هذه المعاناة، واصفًا أوضاع الأطفال -خاصة المواليد الجدد- بالكارثية.
وشدد مدير مستشفى كمال عدوان على أنه إذا لم تُقدّم إغاثة عاجلة للمستشفى، فإن مزيدًا من الأطفال معرضون للموت.
ويعاني واحد من بين كل 10 أطفال في غزة -دون سن الخامسة- من سوء التغذية الحاد، وفقًا لبيانات أولية من الأمم المتحدة من خلال قياسات الذراع التي تظهر مستويات الهزال لدى الأطفال.
وقالت مؤسسة "أكشن إيد" الخيرية إن بعض الناس يلجؤون إلى أكل العشب. وأضافت أن "الجميع في غزة يعانون الآن الجوع ولا يحصل الناس إلا على 1.5 لتر أو لترين من المياه غير الصالحة للشرب يوميًا لتلبية جميع احتياجاتهم".