انتقد الكاتب والمحلل السياسي جمال طه استمرار هدم الجبانات التراثية مقابل ترميم المعابد اليهودية، ومنها معبد "بن عزرا" بين 25 معبدا قام على ترميمها قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي وحكومته.
 
وتحت عنوان "ما بين هدم المدافن الأثرية، وترميم المعابد الدينية" أشار "طه" إلى أن استقالة د. أيمن ونس أستاذ التصميم العمراني والبيئي، من رئاسة اللجنة الدائمة لحصر المباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميز بالمنطقة الشرقية في القاهرة، وإن تراجع عنها "لايغير من الأمر شىء، فقد أحدثت الاستقالة تأثيرها بشكل كامل، وشكلت ضغطا على ممارسي التجاوزات فى حق المبان الأثرية، والحقيقة ان تراجعه لا يحسب إلا عليه شخصيا".
 
وربط الكاتب في مقاله بين جريمتين أحدهما تخص التراث الأخرى تخص البيئة، فقال: ".. هذا الإهدار للتراث يعيد للأذهان جريمة مذابح أشجار شوارع القاهرة، التي تعاون سكان الأحياء المختلفة لزراعتها من أموالهم الخاصة، لكن أعداء البيئة اقتلعوها بدم بارد، غير ابهين بكل الصرخات والنداءات التي ناشدتهم وقف تلك المذبحة".
 
وأشار إلى استقالة ايمن ونس كانت احتجاجًا على استمرار أعمال هدم وإزالة المقابر الأثرية بالإمام الشافعي والسيدة نفيسة.. معتبرا أن الاستقالة؛ "إجراء كاشف يفضح تجاوزات الحكومة، وضربها عرض الحائط بكل الاعتبارات والمقاييس واجبة الاحترام.. فالدكتور أيمن وفقا لقرار تعيينه هو المسئول الأول عن تحديد المباني ذات القيمة التراثية، التي يلزم الحفاظ عليها لقيمتها المنصوص عليها في القانون رقم 144 لسنة 2006.
 
وأضاف أنه ".. يستند في عمله هذا على التفويض الممنوح له، وعلى مرجعية قانونية.. لكنه فوجئ بأعمال هدم وإزالة لمقابر تراثية بالقاهرة التاريخية، في إهدار صريح لثروات مصر التاريخية ذات القيمة، فمن الذي يملك صلاحية الأمر بالهدم، تجاوزا لصلاحيات رئيس اللجنة المسئولة".
 
وأشار إلى أن "ونس" ظهر فى صورة الأرعن الذى يحاول امتطاء الترند، ثم يتراجع فى اللحظات الفاصلة لأنه مفتون بذهب السلطان وسيفه.
 
ولفت جمال طه إلى أن د. أيمن ونس ليس وحده من يحاول الدفاع عن التراث، ولكن مجموعة شخصيات من هيئات اجتماعية وجمعيات ونقابات مهنية ومتخصصين وشخصيات عامة وجهت نداء بعنوان «أنقذوا جبانات القاهرة التاريخية من الزوال»، أدانوا فيه التعدي على منطقة جبانات القاهرة التاريخية، والمسجلة على قائمة الـتراث الـعالـمي، وتجاهل الحلول البديلة للإزالة التي قدمتها اللجنة التي شكلها مجلـس الـوزراء مـن المـتخصصين فـي التخطيط الـعمراني والحفاظ على التراث.".
 
وأوضح أن "هذه المجموعة رفعت دعوى قضائية أمام مجلس الدولة، لوقف أعمال الإزالة بالمنطقة، لكنه رفض نظر الشق العاجل في دعواهم، لتستمر أعمال الازالة الجارية على قدم وساق".
 
وأضاف الكاتب "كنت من المؤيدين لانتشار المشروعات العمرانية الحديثة، في ضوء تأكيدات الحكومة التزامها بالحفاظ على كل ما هو تراثي، لكن استقالة رئيس لجنة حصر المباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميز، واختصام مجموعة الأثريين والشخصيات العامة للحكومة فضح تجاوزاتها".
 
وأشار إلى تأكيدات أن "الحكومة التي نفذت توجيهات السيسي بإزالة العشوائيات، هي نفسها حكومة بالغة العشوائية بعيدا عن توجيهاته وتعليماته".
 
وهاجم طه حكومة الانقلاب وقال : "الحكومة التي أهدرت تراث، وأغضبت أمة، وأبكت بشرا يدفنون رفاة أحبتهم للمرة الثانية، ويجددون أحزانهم، هي نفسها التي افتتحت - فى نفس يوم استقالة د. أيمن- معبد «بن عزرا»، أحد أقدم المعابد اليهودية في مصر، بعد الانتهاء من أعمال ترميمه.. حسبنا الله ونعم الوكيل".