تتصاعد جريمة الإقدام الكيدي لحرق القرآن من قبل متطرفين يمينيين في دول أوروبية، وتتخذ أبعادًا خطيرة، بعضها سياسي وبعضها مجتمعي والبعض الآخر أمني.

 

وبدأت تتصاعد، مؤخرًا، أصوات من الداخل الأوروبي تحذر من خطورة ذلك وتبعاته المحتملة، فالأمر أبعد من مجرد حرق كتاب مقدس لنحو مليار ونصف المليار مسلم حول العالم.

 

ونظرًا لأن الإسلاموفوبيا أصبحت بالفعل قضية رئيسية في ألمانيا، فهناك مخاوف متزايدة داخل المجتمع المسلم من قيام نشطاء اليمين المتطرف بحرق القرآن في البلاد، مثل تلك التي شوهدت في دول أوروبية أخرى بينها السويد والدنمارك.

 

حرق القرآن عمل عدواني

وفي السياق، حذرت الخبيرة الألمانية كارين تايلور، رئيسة الشبكة الأوروبية لمناهضة العنصرية، من مثل هذه التصرفات، مؤكدة أنه "ينبغي منع حرق القرآن بسبب انتشار الإسلاموفوبيا بالفعل في ألمانيا"، وفقًا لـ"الأناضول".

 

وقالت إن الأمر "سيبدأ بالكتب، لكنه قد ينتهي بإحراق المنازل أو إصابة الناس. وإذا حدث ذلك، فقد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية ودوامة من العنف".

 

ودعت تايلور الحكومة إلى "سن قوانين صارمة لمواجهة التطرف العنيف ضد المسلمين"، وأعربت عن أملها في "عدم السماح بحرق القرآن الكريم في ألمانيا".

 

وتابعت: "ما أتوقعه هو ألا يسيطر الغضب على المجتمع المسلم وحده، ولكن كل السكان في ألمانيا سيرون أن هذا عملًا عدوانيًا، يصنف من أعمال الكراهية والتمييز".

 

وشددت على أن "حرق القرآن أو تدنيسه يجب أن يكون محظورا في ألمانيا، وعلى المجتمع بأكمله أن يقول إن هذا أمر محظور".

 

 

258 جريمة ضد المسلمين في 6 أشهر

 

وفقا للأرقام الرسمية، تضم ألمانيا ثاني أكبر عدد من السكان المسلمين في أوروبا الغربية، بعد فرنسا.

 

ويبلغ عدد المسلمين في ألمانيا نحو 5 ملايين مسلم، من مجموع عدد السكان الكلي للبلاد البالغ أكثر من 84 مليون نسمة.

 

وأشارت أحدث الإحصاءات الرسمية إلى وقوع 258 جريمة ضد المسلمين في ألمانيا في النصف الأول من العام 2023 الجاري.

 

وتعرض أكثر من 12 مسجدا للهجوم في الفترة من يناير إلى يونيو الماضيين.

 

كما أصيب ما لا يقل عن 17 شخصًا في عشرات الاعتداءات الجسدية أو المضايقات اللفظية، التي طالت المسلمين في الشوارع أو في الأماكن العامة.

 

والملفت أنه رغم إعلان وزارة الداخلية الألمانية أنها فتحت تحقيقات في هذه الانتهاكات والاعتداءات الموجّهة ضد مسلمين، إلا أنه لم توقف أي شخص حتى الآن، وفقا لتايلور.

 

وفي هذا الشأن، قالت الخبيرة الألمانية إن "الخوف من الإسلام أو الكراهية ضد المسلمين هو حقيقة واقعة".

 

وأشارت إلى أنه "حتى الآن لا توجد إجراءات كافية ضد الكراهية المعادية للإسلام"، مطالبة بـ"مزيد من القوانين لمكافحة الإسلاموفوبيا".

 

 

اعتداءات في معقل اليمين المتطرف

 

وفقا للبيانات الصادرة عن وزارة الداخلية الألمانية، ردًا على سؤال برلماني طرحه حزب اليسار المعارض، ارتُكبت معظم الجرائم الموجهة ضد المسلمين في ولايات شرق ألمانيا، المعقل التقليدي لأحزاب اليمين المتطرف.

 

ومع ذلك، تم أيضًا تسجيل عشرات من جرائم الكراهية المعادية للإسلام في العاصمة برلين والمدن الغربية، مثل كولونيا وفرانكفورت وميونيخ.

 

أما بيانات عام 2022، فتظهر أن الشرطة سجلت ما لا يقل عن 610 جرائم كراهية بسبب الإسلاموفوبيا، بما في ذلك هجمات على 62 مسجدًا وإصابة 39 شخصًا على الأقل.

 

وفي عام 2021، سُجّل ما لا يقل عن 662 جريمة بدافع معاداة الإسلام، بما في ذلك الهجمات على حوالي 46 مسجدًا، بينما كان هناك أكثر من 900 جريمة من النوع نفسه في عام 2020، مع تسجيل هجمات استهدفت نحو 80 مسجدًا وإصابة ما لا يقل عن 48 شخصًا.

 

وأوضح تقرير حديث صادر عن مجموعة الخبراء المستقلة المعنية بمواجهة العداء الموجه ضد المسلمين "UEM"،أن "ما لا يقل عن ثلث المسلمين في ألمانيا تعرضوا للعداء بسبب دينهم".

 

وأكد الخبراء في تقريرهم الصادر في يونيو أن "الأرقام الحقيقية من المرجح أن تكون أعلى، حيث يبدو أن 10% فقط من المسلمين يبلغون عن العداء وجرائم الكراهية ضدهم".

 

هذا الواقع دفع تايلور إلى ضرورة ضمان "توثيق أفضل حول كيفية معاملة الأشخاص ذوي الخلفية الإسلامية، ثم اتخاذ قرار بشأن التدابير المتخذة ضد التمييز الذي يواجهونه".

 

وشددت على أن "نقص البيانات يؤدي إلى استجابة متساهلة، فالحقائق تظهر أنه إذا لم تكن لدينا الأرقام، فلا توجد مشكلة، وإذا لم تكن المشكلة موجودة، فإننا لا نحاربها".