تتواصل المآسي في سجون عبدالفتاح السيسي، حيث لقي الشاب المعتقل عبد المنعم عبد الباسط إسماعيل السيد (30 عاماً) استشهادة يوم الخميس الماضي، بعد احتجازه لسبع سنوات دون محاكمة، وسط ظروف احتجاز وُصفت بأنها "قاسية وغير إنسانية".
وينتمي عبد المنعم إلى قرية الطويلة التابعة لمركز فاقوس بمحافظة الشرقية، وكان معتقلاً في قسم شرطة فاقوس حين تدهورت حالته الصحية بصورة مفاجئة، وتم نقله إلى المستشفى في حالة حرجة، إلا أن وفاته لم تتأخر كثيراً.
هذه الحادثة ليست الأولى، لكنها تجسيد جديد لواقع مأساوي تعيشها السجون حيث يتعرض المعتقلون، خصوصاً السياسيين منهم، لإهمال طبي ممنهج، وفقاً لما تؤكده منظمات حقوقية محلية ودولية.
سبع سنوات من الاحتجاز دون محاكمة
تروي "مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان" في بيان صدر الجمعة أنّ عبد المنعم عانى من الإهمال الطبي المتعمّد، بعد إصابته بمرض جلدي داخل محبسه بسبب انعدام النظافة، قبل أن يُعزل في زنزانة انفرادية دون أي رعاية. وأكدت المؤسسة أنّ السلطات لم تنقله إلى المستشفى إلا بعد أن ساءت حالته بشكل بالغ، ليُعلن عن وفاته لاحقاً.
وحمّلت المؤسسة السلطات المسؤولية الكاملة عن الوفاة، معتبرةً أن الاحتجاز لفترات طويلة دون محاكمة، وعدم تقديم الرعاية الصحية، يمثلان انتهاكاً واضحاً للدستور المصري والقانون الدولي، وطالبت بفتح تحقيق عاجل ومستقل ومحاسبة المتورطين فيما وصفته بـ"جريمة قتل بالإهمال".
صلاح سلطان.. عالم وأكاديمي بين الحياة والموت
بالتوازي مع هذه الواقعة، أعربت 16 منظمة حقوقية عن قلقها البالغ بشأن الحالة الصحية المتدهورة للأكاديمي البارز الدكتور صلاح سلطان، المحتجز في سجن "بدر 1"، وسط اتهامات بتعرضه لـ"إهمال طبي قد يرقى إلى مستوى التعذيب".
ويحمل سلطان إقامة قانونية دائمة في الولايات المتحدة، وله عائلة أميركية بالكامل، ورغم مناشدات عائلته وحقوقيين دوليين، ما يزال محتجزاً في ظروف وُصفت بأنها "غير إنسانية"، تتسم بالحبس الانفرادي وغياب أي رعاية طبية حقيقية، وسط أنباء عن تكرار فقدانه للوعي مؤخراً، واحتمال إصابته بسكتة دماغية أو نزيف داخلي في الدماغ، بحسب الفحوصات المحدودة التي خضع لها داخل السجن.
محاولات لإنقاذ حياته.. واستمرار "الترهيب" القضائي
وطالبت المنظمات بالإفراج الفوري وغير المشروط عن سلطان، وضمان نقله الفوري إلى منشأة طبية متخصصة، مؤكدة أن استمرار احتجازه يشكل "خطرًا مباشراً على حياته". وذكّرت بأن نجله محمد سلطان، المقيم في الولايات المتحدة، حُكم عليه بالسجن المؤبد غيابياً في يونيو الماضي، في خطوة اعتُبرت "انتقامية" على خلفية نشاطه الحقوقي وسعيه للإفراج عن والده.
وفي شهادة مؤثرة، أكدت العائلة أن صلاح سلطان يُمنع من التواصل مع سجناء آخرين، ويُحتجز في عزلة تامة، وأن حالات الإغماء التي أصيب بها تتكرر بوتيرة تنذر بالخطر، وسط تجاهل رسمي كامل.
نمط ممنهج من الانتهاكات
حالة صلاح سلطان ليست استثناءً، بل جزء من نمط موسّع لانتهاكات ممنهجة في السجون المصرية، وفق ما تؤكده تقارير من منظمات مثل "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات" و"الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، والتي وثّقت مئات حالات الوفاة الناتجة عن الإهمال الطبي، بما يشمل:
رفض النقل إلى المستشفيات حتى في الحالات الحرجة.
حرمان المعتقلين من الأدوية الأساسية، حتى تلك التي توفرها أسرهم.
نقص شبه كامل في الكوادر الطبية بالسجون.
سوء التغذية والحرمان من التهوية والنظافة.
الحبس الانفرادي لفترات طويلة دون أسباب قانونية واضحة.
"سجون بدر".. واجهة حديثة لممارسات قديمة
ورغم إعلان السلطات عن تطوير نظام السجون وإنشاء مجمعات حديثة مثل "بدر"، إلا أن منظمات حقوقية تؤكد أن هذه المنشآت أصبحت "مواقع أكثر عزلاً وانتهاكاً للكرامة"، حيث يُعزل المعتقلون عن العالم الخارجي، ويُحرمون من أبسط حقوقهم القانونية والإنسانية، في ظل رقابة صارمة وتعتيم إعلامي كامل.