لأول مرة منذ ثلاثة أعوام يقف على جبل عرفات أكثر من مليوني حاج، وذلك بعد أن أدت جائحة كورونا إلى تقليص أعداد الحجاج بسبب القيود الصحية التي فرضتها السلطات السعودية المختصة.
وكان وزير الحج والعمرة السعودي، توفيق الربيعة، أعلن في وقت سابق، أن أعداد الحجاج عادت إلى مستويات ما قبل وباء كورونا.
الحجاج يؤدون صلاة الفجر في مسجد نمرة
وأضاف الربيعة، أن 37 جهة حكومية سعودية تقدم خدماتها للحجاج، موضحا أن المملكة وفرت تسهيلات كبيرة لهم لاسيما الخدمات الإلكترونية.
وبدأ الحجاح بالتوافد على جبل عرفات منذ،فجر الثلاثاء، لأداء "الركن الأعظم" من الشعائر، في "أكبر تجمع بشري بالرداء الأبيض في العالم"، وفق صحيفة "عكاظ" المحلية.
وبحسب وكالة "واس"، فإن مساحة مشعر عرفات قرابة 33 كيلومترا مربعا، وتتميز باستوائها، وتحيط بها سلسلة من الجبال يقع في شمالها جبل الرحمة.
وسيبقى الحجاج طوال يوم الثلاثاء في الموقع نفسه، يصلون ويبتهلون ويتلون القرآن الكريم، والكثير منهم سيعتلي جبل الرحمة ويجلسون بين صخوره.
حجاج على جبل الرحمة، في سهل عرفات، خلال موسم الحج
وبعد غروب الشمس، يتوجه الحجاج إلى مزدلفة، في منتصف الطريق بين عرفات ومنى، ليناموا في الهواء الطلق، قبل بدء رمي الجمرات الأربعاء، أول أيام عيد الأضحى.
ويقام موسم الحج هذا العام بدون أي قيود لناحية أعداد الحجاج أو أعمارهم، بعد ثلاث أعوام من تنظيم حج محدود على خلفية تفشي جائحة كورونا.
وفي الموسم الماضي، بلغ عدد الحجاج نحو 899 ألف شخص، منهم نحو 780 ألفا من خارج المملكة، وهو أقل من السقف الأعلى لعدد الحجاج الذي كان مستهدفا وقتها.
واقتصر موسم الحج لعام 2021 على مشاركة 60 ألفا فقط من داخل المملكة، في ظل ضوابط صحية مشددة آنذاك بسبب تفشي وباء كورونا.
وكان العام 2020 قدشهد موسما استثنائيا، إذ اقتصر عدد الحجاج فيه على نحو 10 آلاف، ومن داخل السعودية فقط.
ولا تزال المعلمة المصرية، تسنيم جمال، (35عاما) لا تصدق أنها ضمن الحجيج هذا العام بعد محاولات سابقة باءت بالفشل.
وقالت الشابة التي تعيش في المملكة "لا يمكنني وصف مشاعري أعيش فرحة كبيرة" واستفادت جمال التي جاءت رفقة صديقاتها من قرار السلطات السعودية إلغاء شرط وجود مرافق رجل مع النساء.
يتسابق الحجاج إلى اعتلاء قمة جبل الرحمة خلال وجودهم في عرفات ضمن مناسك الحج
الاستعدادت
ويؤدي الحجاج المناسك، والكثير منها في الهواء الطلق، تحت شمس حارقة وفي أجواء خانقة، تتسبب في كثير من الأحيان في ضربات شمس وحالات إعياء إضافة إلى توقف عضلة القلب، حتى أن الهواتف الذكية تتوقف عن تأدية بعض المهام ما لم "تبرد".
وتوقع المركز الوطني للأرصاد أن تتراوح درجات الحرارة في مكة بين 43-45 درجة نهارا خلال موسم الحج.
وقد أكملت مستشفيات وزارة الصحة السعودية في "عرفات" استعداداتها لتقديم الرعاية الطبية للحجاج، إذ جهزت الوزارة 4 مستشفيات هي مستشفى "جبل الرحمة"، و"عرفات العام"، و"نمرة"، و"شرق عرفات".
الحجاج يتوجهون إلى مشعر عرفات لتأدية الركن الأعظم
كما يوجد مستشفى ميداني، و46 مركزا صحيا بمشاركة أكثر من 1700 كادر على اختلاف تخصصاتهم، وتم تجهيزها بأحدث الأجهزة الطبية والتقنيات الحديثة، كم تم تأمينها بجميع المستلزمات الطبية.
وتحمل بعض مناسك الحج مشقة، إذ لا يمكن للرجال وضع قبعات منذ لحظة الإحرام ونية الحج.
وخلال هذا الأسبوع، شوهِد كثيرون في المسجد الحرام يحمون أنفسهم بالمظلات وسجادات الصلاة والأوراق المقواة، فيما تغطي النساء رؤوسهن بالحجاب.
وعند جبل عرفات، بكى حجاج وهم يصلون، وقد حملوا مظلات استعدادا لارتفاع درجات الحرارة في وقت لاحق الثلاثاء.
وقبل توجهه إلى عرفات، أعرب المهندس الأميركي، أحمد أحمدين، (37 عاما) عن سعادته لأن "الله اختاره من بين ملايين" المسلمين لأداء الحج.
وتابع بحماس "أحاول التركيز في الدعاء لأهلي وأصدقائي والصلاة لأنها فرصة لا تتكرر".
سيدة تصلي على جبل عرفات خلال موسم الحج لهذا العام
وأعلنت الهيئة العامة للطرق عن استخدام طائرات مسيرة في فحص وتقييم شبكة الطرق بالمشاعر المقدسة، بهدف التأكد من سلامة وجودة الطرق، حيث تعمل هذه التقنية بشكل حراري لرصد الملاحظات على شبكة الطرق، بالإضافة إلى دور هذه التقنية في فحص العبارات والجسور بشكل آلي وسريع ودقيق.
وكانت الهيئة العامة للطرق قد سخرت العديد من التقنيات الحديثة، ومنها تقنيات ومعدات المسح والتقييم التي تبلغ 18 معدة حديثة.
وعمدت الهيئة بعمل تقنية طلاء الأسطح الإسفلتية لطرق ومسالك المشاعر المقدسة بهدف خفض درجة الحرارة على الحجاج، وتبريد المناخ للدرجات المعتدلة في طرق المشاة.
وتعمل التقنية الحديثة في تحقيق الراحة التامة للحجاج علميا من خلال زيادة مستوى التبريد للمناخ من حولهم، حيث يسهم الطلاء الأبيض في خفض درجة حرارة السطح بحوالي 30 درجة مئوية، باستخدام عدة مواد محلية الصنع لها القدرة على امتصاص كمية أقل من الأشعة الشمسية.
الحجاج يتوجهون إلى مشعر عرفات لتأدية الركن الأعظم (واس)
وفي سياق متصل، أنهت أمانة العاصمة المقدسة أعمال صيانة وتجهيز أكثر من 20 ألف وحدة إنارة في المشاعر المقدسة استعداداً لاستقبال الحجاج على صعيد عرفات ومنى ومزدلفة.
وأوضحت أن المشاعر المقدسة تحتضن أكثر من 955 برج إنارة، و3829 عمود إنارة بمختلف ارتفاعاتها، يتم تغذيتها من خلال 370 لوحة توزيع كهربائية إضافة إلى أكثر من 400 مروحة بمظلة المشاة، يتم صيانتها وتجهيزها من قبل جهاز فني متكامل من مهندسين ومشرفين وفنيين، يتمثل دورهم في المتابعة الإدارية والميدانية على مدار الساعة، لجميع ما يتعلق بشبكة الإنارة مزودين بـ 78 معدة.
حجاج على جبل الرحمة
وأفادت أن فريق الصيانة يقوم بالكشف على وحدات الإنارة ومتابعتها على مدار اليوم، كما يتم تفقد الشبكة، والاطمئنان على سلامة الكابلات والتوصيلات الداخلية، علاوة على صيانة لوحات التوزيع الكهربائية، ومتابعة استمرار عملها بدرجة عالية من الكفاءة.
متابعة "أمن الحج"
وعلى صعيد آخر، تابع وزير الداخلية السعودي، الأمير عبدالعزيز بن سعود، خلال زيارته غرفة العمليات بالمركز، إجراءات تنفيذ خطط أمن الحج، وعمليات نقل الحجاج إلى المشاعر المقدسة، واستمع إلى شرح مفصل من مدير الأمن العام رئيس اللجنة الأمنية بالحج، الفريق محمد بن عبدالله البسامي، عن مراحل تنفيذ خطط أمن الحج؛ للحفاظ على أمن وسلامة ضيوف الرحمن خلال وجودهم في المشاعر المقدسة.
حجاج يؤدون الصلاة على جبل الرحمة
واستعرض وزير الداخلية تطبيقات الذكاء الاصطناعي، التي تم تطويرها بالتعاون بين الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) ومديرية الأمن العام؛ لمساندة قوات أمن الحج في تنفيذ مهامهم لإدارة وتنظيم الحشود في المشاعر المقدسة وأثناء أداء النسك في المسجد الحرام ومنشأة الجمرات.