صفحات سجلها الشيخ العلامة الرباني عبدالمجيد الزنداني الذي توفي الاثنين 22 أبريل 2023 عن 82 عاما في العاصمة التركية اسطنبول، في جهاد الأفغان شكرها له كبار المجاهدين في حكومات أفغانستان ومنهم الوزير الأفغاني السابق والمجاهد ضد غزو السوفيت عبدالرسول سياف الذي نشره صوره التي تعود لحقبة الثمانينيات وكتب عبر (فيسبوك)، "وداعا يا شيخنا الفاضل و يا أخانا العزيز يا من أفنيت حياتك فى خدمة الاسلام و المسلمين مدافعا عن الحق و العدل و خادما لعقيدة التوحيد ومساهمافى نشرها وتوضيحهاوتعليمها.".
وأضاف، "تلقينا ببالغ الحزن و الأسى نبأ وفاة الداعية الكبير والعالم الجليل الشيخ عبد المجيد الزندانى رحمه الله. إنا لله وإنا اليه راجعون .".
وتابع: " كان الشيخ رحمه الله بجانب علمه و حلمه و دعوته إنسانا متواضعا حبوبا متخلقا بأخلاق حميدة تجعله محبوبا لدى جميع من يعرفه و يلقاه وان إبتسامته التى كان يمتاز بها عند اللقاء كانت تزيل الهموم و الغموم من القلوب . و نحن لا ننسى وقوفه الرجولى بجانب إخوانه المجاهدين الأفغان بكل صدق و إخلاص ".وختم داعيا الله العلى القدير "أن يتغمد شيخنا الغالى بواسع رحمته و يدخله فسيح جنته و أن يجزيه عن الاسلام و المسلمين خير الجزاء على ما قدم من خدمات ثمينة فى مجالات العلم والدعوة و الارشاد و أن يلهم اهله و ذويه و الشعب اليمنى الشقيق و ابناء الامة الاسلامية الصبر و السلوان و ان يعظم اجرهم ، اسال المولى جل ذكره ان يعيد لامتنا التى تتراشق عليها سهام الكيد و التآمر و العداء من كل حدب و صوب عزتها القديمة ومجدها التليد إنه سميع قريب مجيب ".
https://web.facebook.com/photo/?fbid=1026345528849312&set=pcb.1026341802183018
ونشر خليفة سراج الدين حقاني وزير الداخلية بالوكالة في إمارة أفغانستان الإسلامية الثلاثاء نعيه الشيخ الزنداني عبر "فيسبوك" وقال: "بقلوب راضية بقضاء الله وقدره، فإنني أصالة عن نفسي ونيابة عن أسرتي وعن الإمارة الإسلامية وعن الشعب الأفغاني أنعي إلى الأمة الإسلامية برمتها، وإلى أهل العلم والحكمة والدعوة والجهاد في سبيل الله، ببالغ الصبر والرضى والاحتساب فضيلة الشيخ العالم العلامة المجاهد عبد المجيد الزنداني".
وأضاف أن "الشيخ العالم المجاهد قضى حياته كلها في نشر العلم، والدعوة إلى الله، والجهاد لإعلاء كلمته، وإن جامعة الإيمان (منارة العلم والمعرفة) والهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة من الصروح العلمية العالمية العظيمة التي تشهد على المكانة العلمية البارزة التي بلغها الشيخ الفقيد، بالإضافة إلى الآلاف من العلماء وطلاب العلم الذين تتلمذوا على يديه وتأثروا بمنهجه ونهلوا من علمه ومعرفته".
وأشار إلى أنه ".. كان للشيخ الفقيد مواقف إيمانية بارزة في الجهاد الأفغاني مع السوفييت وجهاده مع الأمريكان، وكان واقفا بقلمه وسلاحه إلى جانب إخوانه الافغان في أفغانستان، ولن ينس الشعب الأفغاني تلك المواقف البطولية أبدا، وسيظل رافعا أكف التضرع إلى الله عز وجل أن يجازيه عن الإسلام والمسلمين وعن الشعب الأفغاني خير الجزاء".
وأضاف، "جعل الله جميع تلك الجهود التي بذلها العالم الراحل في سبيل العلم والدعوة والجهاد والذود عن حمى الدين والمقدسات في موازين حسناته".
وكتب، "وإننا إذ ننعي الشيخ العلامة فإننا نعزي الأمة الإسلامية جمعاء بهذا المصاب الجلل، كما نعزي أهل المغفور له *بإذن الله* وأسرته وأبنائه وطلابه وتلاميذه، ونرجوا لهم الصبر والسلوان. كما نسأل الله أن يتقبل الشيخ الراحل في واسع رحمته، وأن يرزقه الفردوس الأعلى مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وأن يجرنا في مصيبتنا هذا وأن يرزقنا والأمة الإسلامية خيرا.".
نخوة العربي
وعزا الأديب اليمني خالد بريه مواقف الشيخ الزنداني المعروفة، إلى أنه "قلةٌ من رجالاتِ اليمن عُرِفوا عربيًّا ودوليًا، أحدهم الزنداني، تنقلَ بينَ البلدان، التقىٰ العلماء، والأمراء، والسَّاسة، وفي كل مكانٍ يحطُّ فيه الرحال؛ تجده صاحب هم، وفكرة، ومشروع، وهو من القلة التي (جُمِعَ) لها ما تفرَّقَ في غيرها، جَمعَ شرفَ العلم، ودهاء السِّياسة، وشموخ القبيلة، ونخوة العربي، ولمّا كانَ الرجل عريقًا في كلِّ تاريخه المليء بالحركة، والإنجاز، والعمل؛ تعدَّدَ الخصوم بتعددِ المَلَكات، فلا أعرفُ يمنيًّا ظُلِمَ من النخبة، والعامَّة، مثل الزنداني؛ وحقُّه التكريم والإجلال!".
وأضاف، "اجترحَ ميادين عدة، ودخلَ في صراعٍ محتدم، وكان ثمة ثمنٌ يدفعه لكلِّ موقفٍ مشرِّف، يقدمُ عليه؛ وكفىٰ بالمرءِ شجاعة وفخرًا أن يكونَ رجلًا في كلِّ مراحلِ حياته، يعيشُ لفكرته، ويقبلُ الخسارة فيما لم يوفَّق فيه. لكن خصومه وقفوا عند بعض أخطاءِ الرجل، ختموا تاريخه، دمغوه بالسواد، أقفلوا الباب، وراحوا ينوحون، ويشغبون، ويطمسون وجه الحقيقة، ويغطون الشَّمس بأيديهم الصَّغيرة، ظنًّا منهم أنهم يحجبونَ النور.. وأنَّىٰ لهم ذلك؟!".
وأشار إلى أنه "خاصمه السَّاسة؛ لأنهم أدركوا تأثيره، ومشروعه في إحلالِ مركزية الشَّريعة في قلبِ الحكم، وخاصمه بعض العلماء، لأنَّ الرجل أكبر من الخلاف، ورؤيته للعلم أعظم من اجترار بعضِ الأوهام، وخاصمه العامَّة؛ لأنهم ضحايا السِّياسي النفعي، وبعض أدعياء العلمِ والثقافة. أشاحَ الرجلُ عن كلِّ خصومه، ومضىٰ في سبيل الله عاملًا لا يقصدُ إلا اللهَ وحده!".
ولمن صادر جامعته في اليمن وجه بريه هذه الرسالة عن "الزنداني"، "زارَ جامعات إسلامية في الشَّرقِ والغرب، ثمَّ عصرَ كل الأفكار والرؤى، وخرجَ إلىٰ العالم (بجامعةِ الإيمان) العامِرة، مهبط العلم، موئل العلماء، ومحظرة الفقهاء، وبقعة الاجتهاد، جعلَ منها محرابًا للتِّلاوة، وزاويةً للمريد، ومركزًا للباحث، ومحضنًا للتربية. كانت مدينةَ العلم التي وصلَ صداها إلىٰ العالم، وإحدىٰ مفاخر اليمن، لو كانوا يعقلون!".
وأكمل: "فتِّش في كلِّ زوايا الأرض، ستجد برعمًا بزغَ من جامعةِ الإيمان، ستجدُ حارسًا للعلم؛ يمارسُ دوره التنويري في نشرِ المعرفة، والدَّعوة، وإصلاحِ الإنسان، لقد كانت بذرة مباركة آتتْ أكلها، وحتىٰ يدركُ الجيل أهميتها، فليرجع إلىٰ التاريخ القريبِ المعاصر، ويسأل نفسه: "لماذا كانت الجامعة المستَهدَف الأول عندما سقطَ اليمن في براثنِ الإمامة؟" لأنها بنيان العلم الشَّامخ، موطن بناءِ الرجال، ومشعل النور الذي أضاءَ في قلبِ القبيلة، المشكاة المباركة التي وصلت إلىٰ الجبال، والهضاب، والقرىٰ النائية، والسُّهول، والنُّجوع، لقد كانت الجامعة امتدادًا مباركًا لكلِّ مراكزِ العلمِ في حواضرِ العالم منذ أربعة عشر قرنًا".
وختم قائلا إن الشيخ رحمه الله "وهو فخرُ الرجال، وشيخُ العلماء، وصوتُ الضَّمير، وخادم العلم، ومربي الفضلاء، وتاريخُ التَّاريخ، وأحد صنَّاعِه الكبار، أحد جبال اليمن الكبير، يعرفُ قيمته الرجال، وتعرفه العقول الوزانة في كلِّ مكان".
وحذر من الانتقاص منه خاتما مقاله ب"إياكم أن تدفنوا محاسن كباركم، فكل فضيلةٍ تُدفن، يحيا عليها وغدٌ ألِف التسلُّق علىٰ أكتافِ الرجال، لنكن شرفاءَ حتىٰ في خصوماتنا، وخلافنا، لنعطِ كل ذي حقٍّ حقه؛ لأننا سنكتشفُ في يومٍ ما أنَّ كل عظيم تربَّصَ به خصمه، أغلقَ دونه باب التاريخ، وطمسَ محامده، لنبقىٰ في العراء بلا نموذج أو سيرة تستحقُّ أن تُروَىٰ في ليالي المجد الطويل!".