حاصر آلاف من الأقلية المسلمة مسجدا في جنوب غرب الصين، خلال عطلة نهاية الأسبوع، في محاولة أخيرة لمنع ما قالوا إنه محاولة من قبل السلطات لإزالة قبة ومآذن المسجد، مع اتساع نطاق حملة قمع الحريات الدينية.

وعبر مواقع التواصل الاجتماعي تضامن مسلمون حول العالم مع مساعي مسلمي الهوي منع هدم مآذن وقباب مساجدهم.
 
وتحولت مظاهرات المسلمين إلى اشتباكات بين قوات مكافحة الشغب والمتظاهرين، وعلى إثرها قامت الشرطة باعتقال العشرات، ممن تجمع من المسلمين الصينيين لمنع هدم المسجد.

وأضاف شهود عيان عبر مواقع التواصل أن الآلاف من سكان منطقة "Hui"- بمن فيهم رجال ونساء وكبار السن وأطفال- تجمعوا حول المسجد، السبت، في ظل انتشار أكثر من 1000 شرطي حول المسجد".

ودفعت الحكومة الصينية بالرافعات إلى المسجد، ووضعوا السقالات (نواصب حديدية) حول المآذن والقبة ما يشير لجاهزيتهم للهدم القسري.

وتصاعد التوتر في الواحدة ظهرا، حيث طالب المصلون بدخول المسجد لأداء صلاة الظهر، وقالوا إنهم رأوا ضباط الشرطة يضربون الحشد بالهراوات، مما دفع بعض السكان للاشتباك مع الشرطة التي ألقت القبض على عشرات المحتجين في موقع الحادث.

واعتقلت الشرطة الصينية من سكان ناجياينغ، حوالي 30 شخصا أغلبهم من الهوي الذين كانت تسالمهم حكومة الصين وتناهض مسلمي (الإيجور)!

وكشف المتحدث باسم مسلمي الايجور محمد أمين إيجور "المأساة التي جاءت على شعب تركستان الشرقية ومسلمي الأويغور جاءت في مسلمي الهوي في داخل الصين. حاولت السلطات الصينية إلى هدم أكبر مسجد في مقاطعة يوننان التي يوجد فيها أكبر تجمع مسلم؛ فخرجوا لسد هذا التخريب للهوية الاسلامية بسلمية، ولكن خمسة آلاف جندي صيني قمعهم بأسلحة كالعادة".

وعلق الإعلامي أحمد منصور عبر حسابه على "تويتر"، "تواصل الصين تجريف الوجود الاسلامي التاريخي في ربوعها عبر هدم المساجد واعتقال مئات الآلاف من المسلمين ووضعهم في معسكرات أسوأ من معسكرات النازية ومحاكم التفتيش لتغيير دينهم".

وأشار عبر (@amansouraja) إلى أن ذلك جاء "مع صمت عربي اسلامي حكومي وشعبي عجيب،إن دعم مسلمي الصين الآن لا يقل أهمية عن دعم قضايا المسلمين الأخرى وعلى…".

محمد الخالدي قال: "الصين والهند تماديا في غيهما وفي طائفيتهما وعنصريتهما، والمؤسف أن الحكومات العربية والإسلامية لا تعترض حتى ولو شفويا، فالمصالح الاقتصادية لها الأولوية!".

وكتبت شريا بهارتي "بعد محو المساجد من تركستان الشرقية ينتقل تركيز الحزب الشيوعي الصيني إلى مقاطعة يونان، المحو الثقافي قائم في الصين".

وكتب سعيد عيد ، "مش مجرد مسجد، ده مركز لتعليم أصول الدين، مسجد يتسع لـ3 آلاف مصلٍ مسجد تاريخي، صلاة الجمعة تشعر أنك في الحرم المكي من كمية الجنسيات المختلفة اللي بتصلي جنبك، أنا جربت الشعور ده، وأقسم بالله شعور عظيم بالفخر".

وقال "تيم": "لا يمكن أن يكون الدين فوق القانون، فقد بني هذا المسجد على أرض لا تخص المسلمين، وهذا أمر غير قانوني ويجب هدمه، وفي الصين المسلمون مسيطرون جدا وغالبا ما يتنمرون على شعب الهان".
 

ويأتي التغيير الواضح لمسجد ينتمي لجماعة هوي العرقية (Hui) في قرية ناجياينغ بمقاطعة يوننان وسط حملة كاسحة أطلقها الزعيم الصيني شي جين بينغ لـ"إضفاء الطابع الصيني" على الدين.

وتهدف السياسة إلى تطهير المعتقدات الدينية من النفوذ الأجنبي ومواءمتها بشكل وثيق مع الثقافة الصينية التقليدية - والحكم الاستبدادي للحزب الشيوعي.

وفي السنوات الأخيرة، أزالت السلطات العمارة الإسلامية بشكل صريح –دمرت القباب وهدمت المآذن- من أكثر من ألف مسجد في جميع أنحاء البلاد، كما يقول نشطاء من منطقة هوي (Hui)، وكان مسجد ناجياينغ واحدا من آخر تلك المساجد.

والآن، تأتي حملة "إضفاء الطابع الصيني" على الدين إلى ناجياينغ، الموطن التاريخي لـ(Hui) المركز الهام للثقافة الإسلامية في يونان، وهي مقاطعة متنوعة إثنيا، تقع على حدود الصين مع جنوب شرق آسيا.

ولكن هذه التحركات واجهت رد فعل عنيف من السكان المحليين.

وتُظهر مقاطع الفيديو التي نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي سكانا يشتبكون مع طوابير من ضباط الشرطة يرتدون ملابس مكافحة الشغب، والذين أغلقوا مدخل المسجد، ودفعوا الحشد بالدروع والهراوات.

وأظهرت مقاطع الفيديو أن السكان ردوا بالصراخ غضبا، وألقى بعضهم زجاجات المياه والحجارة على الشرطة.

وفي حادثة مشابهة عام 2018 نفذ الآلاف من مسلمي الهوي في نينغشيا شمال غربي البلاد اعتصاما استمر 3 أيام لمنع السلطات من هدم مسجد حديث البناء، وانتهى الأمر بتراجع الحكومة المحلية حينها عن هدم المسجد، لكنها استعاضت في ما بعد عن قباب المسجد ومآذنه بأبراج صينية تقليدية.

وتعد قومية هوي في مقاطعة يونان واحدة من آخر القوميات التي تواجه التضييق الحكومي، نظرا لكونها في منطقة بعيدة، وتتميز المنطقة بالتنوع العرقي والثقافي، كما أن أبناء هذه القومية مرنون سياسيا ولا يحاولون معارضة سياسات الحزب الحاكم.

ويبلغ تعداد أبناء قومية هوي نحو 9 ملايين نسمة، ويرجع تاريخها في منطقة نينغشيا إلى أواخر عهد أسرة تانغ الملكية الصينية في القرن السابع الميلادي.