يتعرض المعتقلين في سجون الانقلاب لأنواع كثيرة من الانتهاكات وألوان متنوعة من التعذيب التي تبدأ بالتواصل مع عائلاتهم أو محاميهم لشهور، والاحتجاز في أوضاع تنتهك الكرامة، دون أسرّة أو أفرشة أو مواد النظافة الشخصية الأساسية، كما يتعرضون للإهانة والضرب والسجن لأسابيع في زنازين "التأديب" المزدحمة، وهي معاملة يُرجح أنها ترقى لمصاف التعذيب في بعض الحالات، مع عرقلة الرعاية الطبية للنزلاء بشكل ربما أسهم في وفاة بعضهم.

وربما أن الظالمون لما يكتفوا بجم  تلك الانتهاكات داخل السجون بل طال تفكيرهم الإجرامي لمد تلك الانتهاكات، للتواصل بعد الخروج من المعتقل، عبر تركيب سوار إلكتروني، يجعلهم منبوذين داخل المجتمع،  بالإضافة إلى مراقبة المفرج عنه ووضعه تحت أعين قوات الأمن الوطني.

 

مقترح السوار الإلكتروني

مع ارتفاع دعوات المنظمات الحقوقية بضرورة الإفراج عن المعتقلين السياسيين في سجون السيسي الذي يتجاوز أعدادهم عشرات الآلاف، بدأ نظام العسكر في التفكير في بدائل قيد جديدة  تكون بديلة عن الحبس الاحتياطي، حيث قالت رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر خلال مشاركتها، السبت، في برنامج المسائية على الجزيرة مباشر أن السلطات تبحث بدائل للحبس الاحتياطي منها ارتداء “سوار إلكتروني” في اليد لإجراء مراقبة على الشخص المعني بذلك.

جاء ذلك بعدما طرحت، النائبة بالبرلمان، سميرة الجزار، الأسبوع الماضي، مقترح، لتركيب سوار إلكتروني في قدم أو يد سجناء الرأي، من المحبوسين احتياطيا والمفرج عنهم.

 

 السوار الإلكتروني

والسوار الإلكتروني هو سوار مصنوع من البلاستيك وفولاذ التيتانيوم عالي الجودة، ولا يمكن التلاعب به، وإذا حاول الشخص نزع السوار أو قلقلته أو قضمه، فإن المستشعرات الداخلية ترسل على الفور إنذارا إلى "العقل الإلكتروني"، الذي يقوم بتحويله إلى مركز الشرطة أو مركز المراقبة، وكذلك ينطلق صوت تنبيه عندما تصل شحنة البطارية دون مستوى معين.

كما أن السوار مزود بإمكانات عديدة، من بينها شريحتي اتصال يمكن بواسطتهما تحديد موقع الشخص من خلال مستقبل نظام الأقمار الاصطناعية العالمي للملاحة وموجات الراديو، مما يسمح بتتبع حركة الشخص بين المنزل والعمل، وكذلك معرفة السرعة التي يتحرك بها، وما إذا انحرف عن مساره المعتاد، أو ابتعد عن نقطة بعينها.

وفي حالة تحديد موقع إقامة الشخص، فإنه يتم تحديد نطاق معين يتحرك فيه، ولا يسمح له بالابتعاد عنه.

 

أسباب طرح فكرة السوار الإلكتروني

من جانبهم يرى خبراء في القانون أنه لا يوجد أي ذرائع لسلطات الانقلاب، لفرض هذا النوع من القيد على معتقلي الرأي المفرج عنهم، سوى الخوف من مشاركتهم في الاحتجاجات ومواجهة سياساتهم الخاطئة، مضيقين أن هذه الفكرة غير قانونية، وأن عددا كبير من المعتقلين تم الإفراج عنهم بعد عجز السلطات الأمنية في إدانتهم وتقديم أدلة اتهام بحقهم، خاصة وأن كل ما وجه إليهم هي تهم تتعلق بحرية التعبير.

وأكد الخبراء أن السلطات القمعية في مصر تريد أن تحول فرحة الإفراج عن المعتقلين،إلى حزن، وبيوتهم وشوارعهم إلى سجن، يتم التحكم فيهم عن بعد، كما يريد أن يحوّل الأهالي إلى سجانين على أبنائهم وأطفالهم، من باب خوفهم الشديد عليهم بحال تجاوزوا هذا القيد.

وتابع الخبراء أنه مؤخراً، أن هذه الفكرة طرحت بعد الضغوطات التي تتعرض لها حكومة السيسي للإفراج عن معتقلي الرأي بالإضافة لقرب انتهاء محكوميات العديد من المعتقلين، ورغبة الحكومة في تسهيل اعتقالهم مرة ثانية.

 

انتقام من معتقلي الرأي

وأضاف الخبراء القانونيون أن الحرمان من حرية الحركة والتواصل أهم مؤثر نفسي على المفرج عنهم الذين يتعرضون لهذا النوع من القيد، وهو ما يجعله لا يقل عن ما كانوا يعانوه من قمع داخل السجون.

ونوه الخبراء أن السلطات المصرية، تريد الانتقام من معتقلي الرأي على تحديهم لسياستهم، وعلى نشاطهم الثوري، الذي ينبعث من حبهم لوطنهم، كما تريد السلطات من تشريع هذا الطلب للتأثير على تفكير وعقيدة المفرج عنهم لتغيير قناعاتهم وهندسة هذا الوعي، بما يتلاءم مع سياسته.

وأكمل الخبراء، هذه الإجراءات كلها غير قانونية، وهي لا علاقة لها باستكمال عقوبة أو محاكمة، خاصة وأن محاكم العسكر عاجزة عن إدانة معتقلي الرأي، فيما تترصد لآخرين لا زالوا في السجون، وتصرّ على محاكمتهم".

وأشار الخبراء إلى أن هذه الإجراءات تأتي في إطار سياسة تكريس سلطات الانقلاب، وتذكير المعتقلين بأنهم تحت وطأتهم في أي مكان ، في وقت فشلت فيه مشاريعهم، وأصبح الشعب يئن من فسادهم وسوء إدارتهم للأزمات.

 

إيذاء بدني ونفسي

وشدد خبراء القانون على أن السوار الإلكتروني يؤثر ليس فقط على حركة معتقلي الرأي، وإنما ينعكس على وضعهم النفسي، خاصة ونحن نتحدث عن محاولة مراقبتهم  بالقوة، وعن مدة لم تتحدد بمدة وربما يتم تجديدها، حيث سيبقى هؤلاء المفرج عنهم مقيدين به.

وأوضح الخبراء بأن مجرد وجود هذا القيد يسبب أيضًا تضييقًا على قدم المعتقل أو يده ويتحول مع الوقت إلى آلام شديدة، قد تتطور إلى إصابتهم بأمراض.

يذكر أن محاكم الاحتلال الصهيوني وجهات التحقيق التابعة لها استخدمت مؤخرًا "الإسوارة الإلكترونية" كبديل عن الحبس الفعلي في سجون الاحتلال، عبر مراقبة المعتقل داخل منزله ومنعه من مغادرة منازلهم، وذلك في ظل تزايد أعداد المعتقلين وحملات الاعتقال بالداخل.