أكد الكاتب محمد بركات أن الغرب يستخدم صناعة السينما في صراعه الأيديولوجي ضد المسلمين.

وتناول بركات نموذج فعل هوليودي أنتج مؤخرًا يتناول دراكولا بمنظور مختلف عما تناولته السينما من قبل، فالمعروف أن دراكولا في الأفلام هو قوة الشر التي ينتصر عليها الإيمان (الصليبي)، إلا أن هذا الفيلم المعني يصوره كبطل مدافع عن الأوطان ضد الغزاة المسلمين من العثمانيين.

وقال الكاتب في مقال له على العربي الجديد بعنوان "دراكولا يحارب الإرهاب: دماء المسلمين بين أنياب هوليوود" اليوم الخميس: إن من يشاهد الفيلم يخرج ليتحدّث عن "داعش"، حيث إن الفيلم يقول بأن الكونت دراكولا هو أمير أوروبي قتل السلطان العثماني التركي المسلم محمد الثاني حين حاول اجتياح بلاده بجحافل المسلمين. وهذا بالطبع تحريف للتاريخ.

وأضاف: بالعودة إلى كتب التاريخ وإلى الويكيبيديا وبعض أساتذة التاريخ في الجامعة اللبنانية، تبيّن أنّ ارتباط قصّة "دراكولا" بالمسلمين حقيقة تاريخية. فالأمير "فلاد الرهيب" كان حاكمًا على فالاكيا، التي هي جزء من رومانيا اليوم.

وكما يُكتَب التاريخ بانتقائية، فإنّ ما وَصَلَنا من حكاية هذا الحاكم صورة مقسومة، نصفها تصوّره "بطلًا" كان يصدّ هجمات العثمانيين ويحمي الأقليات الأوروبية، ونصفها يصوّره "مجرمًا" قتل ما يزيد على 100 ألف من شعبه ومن أعدائه، والكلام للكاتب.

وأضاف بركات: بعض الحكايات تقول: إنّه فعلًا، كما يروي الفيلم الجديد، أرسل فلاد الثاني ابنه فلاد الثالث، الذي سيصير "فلاد الرهيب"، ليتربّى لدى السلطان العثماني، عربون وفاء وولاء واحترام. وحين توفي الوالد عاد فلاد الثالث إلى فالاكيا ليحكم بالسيف والقتل.

وتابع: الرواية التاريخية تقول: إنّ هذا الحاكم كان دمويًّا بطش بأبناء شعبه لتثبيت أركان حكمه وبسط سلطان الرعب في أرجاء مملكته. وليس فقط، كما قدّمه الفيلم، على أنّه كان يقتل غزاة عثمانيين مسلمين يدكّون أسوار أوروبا.

وأضاف الكاتب: كان دراكولا فعلًا سدًّا منيعًا أمام الغزوات التركية لأوروبا، لكنّه كان يقتل و"يُخَوْزِق" الجنود العثمانيين، ومثلهم من يتمرّد عليه أو يشمّ منه شبهة تآمر في الداخل، وحظِيَ هذا الحاكم بمساندة أمراء الممالك المجاورة لأنّه "حارب الأتراك".

كان "ممانعًا" إذًا، لكن ليس على طريقة الممانعين العرب الذين يدّعون العداء للولايات المتحدة الأميركية و"إسرائيل"، وهم في العمق يحرصون على أمنهما ويعقدون الصفقات معهما، بحسب بركات.

وأضاف الكاتب: كان "فلاد دراكولا" يقاتل الأتراك فعلًا ويدافع عن ثغور أوروبا، ولهذا غضّ ملوكها النظر عن مجازره بحقّ شعبه وعن خروجه على أبسط تعاليم الدين. إذ كان يجفّف الجثث التي يخوزقها ويقطّر دمها وأحيانًا يغمّس الخبز في الدم ويأكلها. ومن هنا وُلِدَت فكرة رواية "دراكولا" التي خرجت إلى النور في عام 1897 على يد الكاتب البريطاني برام ستوكر.

وتابع: واسم "دراكولا"، الذي لازم فلاد لاحقًا، اكتسبه من والده. فـ"دراكولا" يعني "ابن التنّين"، بالرومانية. إذ كان والده عضوًا في تنظيم سريّ معادٍ للعثمانيين بأوروبا، يضمّ النبلاء والأمراء، اسمه "التنّين".

وأضاف: في الفيلم الجديد، المعروض حاليًا في صالات السينما حول العالم، يصير دراكولا بطلًا قوميًّا يحارب جحافل المسلمين، الذين يجعلك الفيلم تكرههم وتفرح لموتهم. جحافل الجيوش المسلمة التي تتساقط على أبواب ترانسلفانيا.

وأشار إلى أن الفيلم يجعل مشاهديه محبين لمصّاص الدماء الجديد، الطيب القلب الذي يحبّ شعبه، باعتباره "مقاوِمًا" ضدّ الاحتلال والغزو المسلم لأوروبا. رغم أنّه تحالف مع "الشيطان" ليمصّ دماء البشر. لكن ربّما لا بأس إذا كانوا مسلمين.

وأضاف بركات: هكذا يصير التحالف مع الشيطان مقبولًا، في وجه المسلمين، بعدما كانت أفلام "دراكولا" كلّها تنتهي بقتله بـ"الصليب" و"الإيمان". وكان دائمًا "البطل" الهوليوودي عدوّ دراكولا، الكافر الذي يزعجه الصليب ويؤذيه.

واختتم بقوله: دائمًا كانت هوليوود تركب موجات عالمية. فحينًا يكون الإرهابي هو العربي، وأحيانًا الروسي، أو الشيوعي، أو الكوري، أو الصيني... اليوم هو "المسلم" و"التركي". ولا بأس من قتله، ولو استدعى الأمر التحالف مع الشيطان، ولو استدعى الأمر أن نحبّ مصّاصي الدماء، إذا كانت دماءً مسلِمة تلك التي سيمصّها بطلنا الجديد: دراكولا.