14/11/2009
حازم سعيد
بداية أنا أحد المهتمين بالمباراة ، وأحد الذين يتمنون فوز المنتخب المصرى بحكم مصريتى .. مع احترامى لأشقائى بالجزائر .. ولكن هذا التمنى لا يخرج عن إطار التنافس الشريف فى مباراة للكرة .. ليس أكثر ولا أقل ..
أما عن أجواء المباراة سواء ما يتعلق منها بالشق الإعلامى ، وتراشق الفضائيات ، أو ما يتعلق باهتمامات رجل الشارع وترقبه لها ، فقد ذكرتنى بالقصة التى تروى عن سقوط الأندلس ..
وحاصل القصة أن ملك الإفرنجة أرسل جاسوساً لمراقبة الأندلس وإخطاره إذا ما كان يصلح له أن يداهمها أم لا ؟ فذهب الجاسوس ووجد طفلاً يبكى بجوار شجرة فسأله ما الذى يبكيك ؟ فقال له رميت هذين العصفورين بسهم واحد فأصاب السهم أحدهما ولم يصب الآخر ...
فعلم الجاسوس أن هذه أمة مجاهدة ليس للإفرنجة عليهم سبيل ..
ثم مكث سنوات وعاد فإذا به يسمع المغنيات ويرى أناساً لاهين بين الخمر والحسناوات .. فعاد لملك الإفرنجة وبشره بأوان رحيل المسلمين عن هذه البلاد .......... وقد كان .......
وحكيت القصة بطرق أخرى مختلفة حاصلها واحد .. منها أن الفرنجة كانوا يرسلون جواسيسهم إلى غرناطة و الأندلس فيرون المسلمون وتعاملهم فقيل أن جاسوسًا رأى بائع قماش فأراد أن يشتري منه فقال له البائع هذا الذي عندي سوف تجد عند جاري نوعية جيدة أذهب إليه ، فنقل هذا التعامل لملك الفرنجة فقال المجتمع المسلم متماسك صعب علينا أن نهجم عليهم ونحاربهم أتركوهم بعض الوقت وبعد فترة أرسل جاسوس أخر فوجد كل بائع يمدح بضاعته وبدأ التنافس بين التجار فنقل هذا للملك فقال الملك لقد حان الوقت واقترب .
ورويت بصورة أن بعض الشباب يبكون على عدم إصابتهم للهدف بالرمي بالقوس وبعد فترة من الزمن وجد الجاسوس انهم شاب يبكي على فراق حبيبته .. والقصص كثيرة لكن المعنى واحد
نعم ذكرتنى أجواء المباراة بهذه القصة التى لا أعلم توثيقها التاريخى ، فأمة المسلمين على ما عندها من مآسى تدم القلوب من دم يراق بفلسطين ومسجد أقصى – مسرى نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم – ينتهك ، ومن أرض وعرض يغتصبان بالعراق ، من دماء تراق بالصومال ، ومن أجساد كريمة تنتهك بأفغانستان ، ومن .... ومن ... ومن ....
أقول : على ما عند أمة الإسلام من مآسى وأحزان .. تجدهم يستغرقون فى مباراة كرة على أنها المعركة الفاصلة ، والحرب الشرسة ، وموقعة الكرامة ..
تناسى المسلمون دماءهم ودموعهم وأحزانهم ، وواجباتهم إزاء هذه الدماء والدموع والأحزان ، وعاشوا معركة وهمية لا مجال فيها للفرسان ..
بل وتناسى كلا الشعبين المصرى والجزائرى مآسيهم الداخلية وأحوال المعيشة الضنك التى أغرقتهم فيها حكومات الطوارئ المتعاقبة فى كلا البلدين ..
إنها تذكرة وصرخة ألم على حال أمة مكلومة ، شغلتها الملاهى والألعاب عن وظيفتها التى فقدتها منذ قرون خلت ، وظيفة ريادة البشرية للحق والخير والاستخلاف فى الأرض ..
لتصبح أمة منهارة ، تمشى فى ذيل الأمم ، تتبع الغرب اتباعاً أعمى فى ما هو مرتبط بالشهوات ، وتنسى أن تقلده فى أسباب الحضارة المادية ..
وصدق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال : " لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه " .
وأسائل المصلحين المخلصين : كيف السبيل لإنقاذ هذه الأمة المنهارة ، والتى ظهر المرض عليها وطفح ، حتى تراشقت وتعادت وتخاصمت على مباراة كرة ..
وأذكر كل مخلص مصلح بدوره فى إصلاح هذه الأمة والنهوض بها ، وأن الله سائلنا عن هذه الأمانة .
وأستحى من الله ثم من التاريخ أن يسجل أسماءنا فى هذه الأجيال التى استضعف فيها المسلمون وانتهكت فيها أعراضهم وأرضهم ودماؤهم .. ونحن نشاهد مباراة كرة ونتحمس لها وننسى ألامنا وأحزاننا من أجلها ..