نشرت صحيفة "ميدل إيست مونيتور" البريطانية مقالا للكاتبة أميرة أبو الفتوح تتحدث فيه عن الاعتقالات التي تشنها سلطات الانقلاب العسكري حاليا في صفوف النشطاء وكل من تعتقد إنه معارض، مشيرة إلى أن ذلك يظهر أن الدولة في أضعف حالتها رغم أنها لا تظهر ذلك.

وتحت عنوان "يحدث اﻵن في مصر” سلطت الكاتبة -التي لديها العديد من المقالات في جريدة اﻷهرام التابعة للدولة- الضوء على اﻷسباب وراء الحملة الشرسة التي تشنها السلطات على كل معارضيها، ومخاوفها من ثورة جديدة.
 
وفيما يلي نص المقال.

الانقلاب الذي يقود الحكومة في مصر حاليا في أضعف حالاته،  رغم أنه لا يظهر ذلك، فيد الظلم والقمع الوحشية وصلت إلى كل عنصر من عناصر المجتمع، حيث تم اختطاف الشباب من المقاهي ووسائل النقل، وأحدثها اختطاف 5 فتيات من حافلة على أيدي الشرطة، وطبيب من مدينة الفيوم.
 
وهذه الحالات تأتي ضمن الاختفاء القسري الذي تجاوز الـ 300 حالة -بحسب تقارير لمنظمات حقوق اﻹنسان-  السلطات تقوم بإعادة الوقت إلى قبل 25 يناير عندما ثارت اﻷمة بأكملها ضد الطاغية حسني مبارك وتمكنت من اﻹطاحة به، ولكن للاسف لم يعزل نظام مبارك الفاسد، والدولة العميقة.
 
وأكثر من ذلك فقد هاجموا الوطن وثورته العظيمة مع تنفيذهم إنقلاب دموي وقيامهم بثورة مضادة نظمتها المخابرات بتمويل من اﻹمارات والسعودية، وبمباركة الولايات المتحدة وإسرائيل وأوروبا. وقضوا على ثمرة الثورة ( الديمقراطية) التي ولدت من رحم ثورة عظيمة أثارت أعجاب العالم باسره وهزت عروش كل ملك وأسرة حاكمة في المنطقة.
 
وأيضا لن ننسى الدور الذي لعبه المثقفين الذين يعتبرون النخبة، والذين طالبوا مرارا وتكرارا بالحرية والديمقراطية لسنوات طويلة، ومع ذلك عندما جلبت الديمقراطية العدو اللدود – جماعة اﻹخوان المسلمين إلى السلطة- كفروا بالديمقراطية وحقوق اﻹنسان وهاجموا السلطة، وركبوا الدبابات، وفضلوا الظلم والقهر والعنف.
 
وتمكن الجيش من سرقة ثورة الشعب واستعادة حكمه بقبضة من حديد، ومع قرب الذكرى السنوية للثورة، أصبح أكثر ذعرا وينتقم من كل رموز الثورة، ويزيد من وتيرة الاعتقالات والتعذيب ضد كل من دعم أو بارك الثورة، ﻹنهم يعرفون أنهم أسسوا نظاما ضعيفا على الجثث وأنقاض شعبهم.
 
وليس بعيدا عن هذا الانتقام، هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الذي دعا في 2006 ﻹستقلال القضاء بعد اكتشاف تزوير الانتخابات، هذه الدعوات مهدت الطريق إلى ثورة 25 يناير.
 
ورغم أمانته التي قادته لمنصبه الحالي خلال حكم الرئيس الشرعي محمد مرسي، تم إطلاق حملة شرسة ضده ﻷنه أعلن أن خسائر الفساد في مصر بلغت 77 مليار دولار في 2015، وهذا أثار مشاكل كبيرة للرجل، ﻷنه أشار إلى أطراف ذات سيادة مثل الجيش والمخابرات والشرطة والقضاء، وبدلا من محاسبة هذه اﻹطراف، تم الدعوة ﻹقالة جنينة، ووضعه في السجن ومحاكمته بتهمة الخيانة العظمى.
 
الدولة الفاسدة تحاولة تغطية فسادها، وحماية رموز الدولة والتخلص من كل فرد شريف في هذه البلد، ويبدوا أن الدولة تقول لهولاء اﻷفراد:” لا يوجد مكان لكم هنا.. هذه هي الدولة الفاسدة التي تقف ضد كل من ثار في 25 يناير".
 
وللاسف لم يتم القضاء على الفساد من جذوره، وحينما أزيل رأس الدولة فقط، كان هذا أكبر خطأ أرتكبه الشعب المصري، ﻷنه كله يدفع ثمن ذلك الآن، فقد عادت الدولة نفسها بكل مؤسساتها، ولكن مع رئيس جديد.
 
اﻵن تعلم الثوار الدرس، فهم يخططون للانتقام منهم (الدولة العميقة ورموز نظام مباك) في ثورتهم القادمة، وهذا هو سبب مخاوف وذعر اﻹنقلاب الذي يقود الحكومة من الثورة القادمة.