11/02/2009

محمد ضياء الدين ومحمد حنفي

سقطة جديدة من سقطات الديمقراطية.. استغل نواب الحزب الوطني أغلبيتهم الغاشمة بـ276 نائبًا بجلسة اليوم "الثلاثاء 10/2/2009م بالموافقة على اقتراح ممثل الأغلبية عبد الأحد جمال الدين بحرمان أشرف بدر الدين (عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين) من حضور جلسات واجتماعات اللجان بمجلس الشعب حتى نهاية دور الانعقاد الحالي بدعوى أنَّ واقعة رفعه للحذاء كانت في وجه نواب الوطني، ولم تكن موجهةً إلى الكيان الصهيوني.

جلسة قرار بدر الدينفي بداية الجلسة، عرضت د. زينب رضوان (وكيلة المجلس) تقرير لجنة القيم، مدعيةً أنَّ ما صدر من العضو على النحو الثابت بمضبطة الجلسة الثالثة والعشرين بتاريخ 10 يناير 2009م وبالشريط المرئي الذي شاهدته اللجنة يؤكد أنه قام بخلع حذائه ورفعه بيده في الهواء عاليًا وملوحًا به ومهددًا في مواجهة نواب الأغلبية، بما يمثل إهانة لمجلس الشعب، ومساسًا بكرامته وهيبته، وانحدارًا بمستوى الأداء البرلماني الرفيع الذي يجب أن يحكم سلوك النائب تحت قبة البرلمان سواء في مناقشاته أو تعاملاته مع زملائه من أعضاء المجلس!

وواصلت رضوان زعمها بالقول إنَّ الممارسة البرلمانية تقوم على الحوار الوقور الهادئ الذي يعبر فيه العضو عن آرائه بكل موضوعية، وهو ما يتنافى تمامًا مع لغة الصراخ أو الإهانة أو الأفعال المشينة أو غيرها من الأفعال التي تعبر عن الإهانة.

أشرف بدر الدين2وأشارت إلى أنَّه من المقرر قانونًا أنَّ العضو لا يتمتع إلا بالحصانة الموضوعية التي تكفلها له المادة 98 من الدستور، وتقتصر على الآراء والأفكار، ولا تنصرف على الأفعال، ولا شك أنَّ خلع الحذاء والتلويح به في مواجهة نواب زملاء مهما اختلفت الآراء وتباينت وجهات النظر وتعددت الاتجاهات والمذاهب السياسية يعد أمرًا مخلاً.

وزعمت رضوان أنَّ العضو أشرف بدر الدين تجاوز بفعله وسلوكه غير الطبيعي فيما فعل كل حدٍ معقولٍ أو مقبولٍ، وخرج بذلك لا عن حدود واجبات العضوية فحسب، بل عن حدود الحصانة أيضًا.

ادعاءات "رضوان"
وقالت رضوان إنَّ اللجنة لم تر مبررًا لتنصل العضو من المسئولية عن الإخلال بواجبات العضوية، مشيرةً إلى أنَّ ما أبداه د. محمد سعد الكتاتني (رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين) في جلسة 11 يناير نقلاً عن النائب أشرف بدر الدين وما ردده في دفاعه أمام اللجنة أنه حينما لوح بالحذاء ما كان يقصد الأغلبية ولا المجلس ولا الحكومة وإنما كان يقصد الكيان الصهيوني، حيث إنَّ دفاعه قال إن ما صدر عنه كان رد فعل تلقائي للاستفزاز الذي نجم عن اتهام المعارضة بالتعاون مع العدو، وأنَّه لم يكن يقصد توجيه إهانة لزملائه النواب، وذلك لأنَّ رد الفعل يكون معادلاً للفعل، وهو ما لا يصدق على ما صدر من النائب أشرف بدر الدين.

وأضافت رضوان أنَّ ما نُسب للمعارضة كان قولاً ولم يتجاوزه وأيما كان أثره حتى لو كان بالغ القسوة ما كان ليواجه إلا بقول أيضًا.

وادعت رضوان أنَّه ثبت في يقين اللجنة وفقًا لما جاء في مضبطة الجلسة أنَّ أشرف بدر الدين قام بخلع الحذاء ورفعه بيده في الهواء عاليًا وملوحًا به ومهددًا به في مواجهة نواب الأغلبية.

وأضافت أنَّه بناء على تقدم فإنَّ اللجنة تخلص إلى أنَّ الواقعة المنسوبة للنائب أشرف بدر الدين ثابتة في حقه وتنطوي على إخلال جسيم بواجبات العضوية بالمخالفة لأحكام المواد 3 ، 285 ، 370 ، 377 من اللائحة الداخلية للمجلس، وأنَّ اللجنة قد ثبت في يقينها مخالفة أشرف بدر الدين لأحكام الدستور والقانون واللائحة على النحو الذي أثبتته في تقريرها بعد أن استمعت إلى أقواله ودفاعه، وترى رفع أمره إلى المجلس لاتخاذ ما يراه في شأنه.

الكتاتني يرد على ادعاءات زينب رضوانوفي رده على المغالطات التي سردتها زينب رضوان أكَّد د. محمد سعد الكتاتني (رئيس الكتلة) أنَّه ما أشبه اليوم بالبارحة، فمنذ بضعة أشهر، وفي نفس القاعة كان يناقش المجلس تقرير اللجنة التشريعية لإسقاط عضوية النائب مختار البيه (عضو الكتلة) رغم أن هناك العديد من التقارير المماثلة، ولم ينظرها المجلس، مشيرًا إلى أنَّه من الواضح أنَّ السياسة التي ينتهجها المجلس بها ازدواجية في المعايير.

وأضاف الكتاتني أنَّه سبق وأن أوضح أمام المجلس يوم 20 يناير الماضي بأن ما أتى به أشرف بدر الدين لم يكن يقصد الإساءة للأغلبية أو الحكومة أو رئيس المجلس، فنحن نحترم الأغلبية ونقر بالممارسة البرلمانية في إطار قانون دستوري.

وأوضح الكتاتني أنه لا يعنينا معاقبة أو إسقاط عضوية أحد النواب، فأنتم اليوم يا نواب الأغلبية تقفون موقف القضاة العدول، ونحن نرجو تحكيم العقل.

وزعم إبراهيم الجوجري (وكيل اللجنة التشريعية ونائب عن الحزب الوطني) أنَّ النائب أشرف بدر الدين أهان المجلس واستهزأ بالتقاليد، وأنَّه لو كان رفع الحذاء في وجه الكيان الصهيوني لأعلن ذلك قبل الفعل وليس بعده.

النواب ثاروا من أجل بدر الدينوأبدى مصطفى بكري (نائب مستقل) تحفظه على التقرير؛ لأنه أصدر حكمًا قبل أن يعرض الموضوع، مشيرًا إلى أنَّ الكل يتفق أنه لا أحد مع رفع الحذاء، ولكن كان يجب أن يتم أخذه في السياق الذي تم فيه؛ لأنه من حق أي شخص عندما تشكك في وطنيته أن يثور، وناشد د. سرور والنواب الوقوف مع حرية الرأي والتعبير، وقال إنَّ ما فعله أشرف بدر الدين لم يكن خطأ متعمدًا.

وفي مجاملة لرغبة أحمد عز (أمين التنظيم بالحزب الوطني) في إسقاط عضوية بدر الدين تقدَّم النائبان أحمد أبو عقرب وأحمد الصاوي (حزب وطني) باقتراحٍ بإسقاط العضوية بزعم استرداد مجلس الشعب هيبته!!!

حسين إبراهيموقال حسين إبراهيم (نائب رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين) إنَّ هناك ازدواجية في المعايير تستشعرها المعارضة، مشيرًا إلى أنَّ اللجنة خالفت اللائحة عندما كلفت القطاع الطبي ثم مكتب لجنة الصحة لتوقيع الكشف الطبي على النائب وهو ما يخالف اللائحة.
 

وتساءل إبراهيم عن سبب عدم إحالة النواب الذين أهانوا زملاءهم، وقال: ألم يُهن نواب المعارضة ونعتوا بالعمالة واكتفت المنصة بشطب العبارات من المضبطة؟ هل يستقيم اتهام المعارضة بالعمالة دون عقاب؟
وأشار إبراهيم إلى أنه سبق أن حدثت واقعة مماثلة حيث قام علوي حافظ بإلقاء اللائحة والدستور في وجه رئيس المجلس، وعوقب بالحرمان 10 جلسات.

 إبراهيم: علوي حافظ ألقى اللائحة والدستور في وجه رئيس المجلس وعوقب بالحرمان 10 جلسات

 فرد سرور قائلاً: "لو عملها تاني سيأخذ إسقاط عضوية".

وقال إبراهيم: "لو وضعنا في الاعتبار الظروف والأعصاب المشدودة لم يكن حدث ما حدث"، مشيرًا إلى أنَّه لم يكن هناك قصد لإهانة المجلس.

وصاح نائب الوطني أحمد أبو حجي، وقال: "أقسم بالله أنه لم يقصد الوطني، ولو كان يقصد ذلك لقمنا بأخذ حقنا، ولكنه كان يقصد الكيان الصهيوني"، وقام من مقعده وتحرك محثًا نواب الوطني على عدم التعسف تجاه أشرف بدر الدين، فاعترض أحمد أبو عقرب (حزب وطني) وعدد من نواب الحزب الوطني وكادت تحدث مشاجرة بين النائب أبو حجى وصبري زكي طنطاوي.

 

 276 نائبًا بالوطني صوتوا للقرار وأبو حجي أقسم بالله أنَّ بدر الدين لم يهن المجلس

وقال صبحي صالح (أمين القطاعات الجغرافية بالكتلة وعضو اللجنة التشريعية بمجلس الشعب) يجب التفكير بحيادية، والتقرير جاء معيبًا وقاصرًا في تقديم الوقائع، وخاليًا من دفاع جوهري وهناك 4 ملاحظات أبديناها لم يذكر التقرير سوى واحدة منها، وهذا دليل على أنه غير مكتمل.

وأكَّد أنه طلب إعادة استرجاع الوقائع على الشريط؛ لأن الوقائع المادية لا تحتمل معها معنى الأفكار أو المجاملة، وقال صالح إنَّ أحد النواب قام بالسب والقذف العلني، وهو يستوجب العقاب لكن عوقب أشرف بدر الدين وحده!!

صبحي صالحعلاء عبد المنعم أوضح أنَّ المجلس فرض عقوبة مشددة من قبل على النائب سعد عبود (نائب عن الكرامة) لأنه اتهم بعض ضباط الشرطة بالتربح من أموال بعثة الحج، ونشاهد اليوم نائبًا يتهم المعارضة بجميع فصائلها بالعمالة ولا يوقع عليه شيء وتعلمون جميعًا أن الاتهام بالعمالة جريمة لا يستهان بها.

وأضاف عبد المنعم أن هناك علاقة سببية فلا يجوز تجزئة الفعل عن رد الفعل ويجب أن يحاط المجلس علمًا بكافة أعضائه بالشريط المسجل بالجلسة؛ لأنه يحتوي ما يهين كرامة المجلس.
 وطالب بإخلاء القاعة من جميع الإسلاميين ويقتصر الحضور على النواب العاديين كي يتم التأكد أنَّ ما ورد بالشريط يهين المجلس.

وقال عبد المنعم إنَّ النائب حسن نشأت القصاص (حزب وطني) قال كلامًا كبيرًا، وبالتالي لا بد من مشاهدة الشريط، وليس من العدالة أن نقطتع مشهدًا من شريط كامل فتنحى الشتائم والسباب، مشيرًا إلى أنَّ دور لجنة القيم انتهى والقرار اليوم للمجلس، وتمسك بعرض الشريط حتى يتبين للنواب الحقائق وإن لم يكن هذا فلتحفظ الواقعة.

وأشار النائب طاهر حزين إلى أنَّه، ووفقًا للائحة أحكام الجزاء بالحرمان من حضور أكثر من 10جلسات لا ينطبق على أي فعل من الأفعال التي قام بها بدر الدين لأنها تتعلق بواقعتين أولها تهديد رئيس الجمهورية واستخدام العنف.

ثم عرض عبد الأحد جمال الدين (زعيم الأغلبية) اقتراحًا بحرمان النائب أشرف بدر الدين من المشاركة في جلسات المجلس أو اجتماعات اللجان حتى نهاية الدور، ثم أخذ التصويت نداء بالاسم ووافقه 276 من النواب.