12/01/2010

اتفق المشاركون في الصالون السياسي الذي نظَّمته الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين مساء الأحد 10/1/2010م على أن بناء الجدار الفولاذي لا يخدم الأمن القومي المصري، ويحول مصر إلى حارس للمصالح الصهيونية.

وقال د. حمدي حسن (أمين الإعلام بالكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين ومقدم الصالون) إن الجدار الفولاذي يهدم الأنفاق، ويسد منفذ الحياة أمام مليون إنسان يحاصرهم الكيان الصهيوني حصارًا لا إنساني.

د. حمدي حسن: غلق المعابر دفع الفلسطينيين إلى الأنفاقوشدد على أن غلق المعبر العربي الوحيد بشكل شبه دائم هو الذي دفع الفلسطينيين إلى حفر الأنفاق؛ لذلك جاء رفض الكتلة لبناء الجدار؛ لأنه يحرم الفلسطينيين من 80% من احتياجاتهم اليومية من الغذاء والدواء، ونحن نرفض أن تتحول مصر إلى حارس للكيان الصهيوني في حصار أشقائنا العرب.

واتهم المؤسسة الدينية بالتدليس على الشعب المصري، وأنَّه كان على مجمع البحوث الإسلامية أن يبحث الموضوع من جميع الجوانب لا أن يعتمد رواية النظام.

الأسباب الحقيقية لبناء الجدار:

أمَّا الدكتور حسن نافعة (أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية) فأكَّد أن كافة المعلومات التي وصلتنا حول الجدار جاءت من مصادر إسرائيلية، قائلاً: "لو كانت الحكومة تحترم شعبها لكانت المصدر الرئيسي لمعلوماته، لكنها تعاملت معه بمنطق اللي على رأسه بطحه".

وتابع: "يجب علينا في البداية تفنيد الأسباب التي يقول النظام إنه يبني الجدار من أجلها، وهي القضاء على تهريب السلاح من مصر إلى غزة والعكس والمخدرات.

حسن نافعة يكشف الأسباب الحقيقية للجدارفبالنسبة لتهريب الأسلحة من مصر إلى غزة، يرى النظام أنه يخالف اتفاقية كامب ديفيد التي تحظر على مصر مساعدة الفلسطينيين ضد الكيان الصهيوني، كما أن الجميع يعلم أنَّ حماس تحصل على السلاح عن طريق البحر.

كما أن الحكومة تؤكد أن هناك سلاحًا ومتفجراتٍ تدخل مصر عن طريق غزة من أجل تنفيذ أعمال إرهابية، وتستدل على ذلك بقضية خلية حزب الله، لكنه دليل واهٍ؛ لأن القضية ما زالت منظورة أمام القضاء.

أما بالنسبة للمخدرات التي تدَّعي الحكومة أنها تصل مصر عبر الأنفاق، فهي حجة بالية، والدليل أنه لا يوجد قضية واحدة بهذا الشأن؛ لذلك لا يجب أن نصدق الأسباب الرسمية الواهية، وأن نبحث عن الأسباب الحقيقية التي دفعت النظام لتشييد هذا الجدار.

وأهم تلك الأسباب الخوف من حكومة نتينياهو المتطرفة؛ لأن مصر تخشى أن تقوم بالتحرش بالصهاينة في حال توجيه ضربة عسكرية جديدة على غزة بحجة وجود الأنفاق.

الافتراض الثاني أن النظام المصري يبني الجدار نتيجة الضغوط الأمريكية الصهيونية وأن على مصر أن تختار بين عدائها للبلدين وبين أن تقوم ببناء الجدار، والسبب الثالث أن مصر تريد أن تضغط على حماس، وأنها تعتبر "حماس" امتدادًا لجماعة الإخوان المسلمين لا فصيل سياسي فلسطيني، مما عقد الدور المصري في القضية الفلسطينية؛ لأن النظام في قرارة نفسه كان يريد إضعاف حماس.

والسبب الأخير يمكن أن نعتبر بناء الجدار امتدادًا لسلسلة التنازلات التي تقدمها مصر للولايات المتحدة والكيان الصهيوني من أجل تمرير التوريث، خاصة أن النظام يريد أن يستعيض بالموافقة الأمريكية على التوريث، ضاربًا عرض الحائط بالرفض الشعبي.

وأكَّد أنه طبقًا لمصادر صحفية سيتم بناء مرسى بحري في المياه الإقليمية المصرية بهدف إحكام الحصار على قطاع غزة، وقال: "إذا كان النظام يقول إنه لا يشارك في حصار غزة، فلماذا يقف هذا الموقف من قوافل المساعدات الإنسانية القادمة إلى غزة".

وطالب القيادة السياسية للبلد أن تشرح لنا مفهومها للأمن القومي، لافتًا إلى أنه بدلاً من أن تقف مصر إلى جانب الفلسطينيين لأنهم خط الدفاع الأول عن مصر أصبحوا يعتبرون غزة خطرًا على الأمن القومي المصري لا الكيان الصهيوني الذي يمثل خطرًا حقيقيًّا على أمن مصر.

خرق القانون الإنساني الدولي:

من جانبه، اتهم الدكتور عبد الله الأشعل (أستاذ القانون الدولي) الحكومة بالتماهي مع مصالح الكيان الصهيوني على حساب القضية الفلسطينية والمصالح المصرية، وأكَّد أنها فقدت الثقة من جانب الشعب.

د. عبد الله الأشعل تابع: إنَّ الحكومة تجند وتدفع لوسائل الإعلام لنشر الأكاذيب وتضليل الشعب، وتساءل: لماذا تخاف الحكومة من الإمارة الإسلامية في غزة ولا تخاف من الإمارة اليهودية الصليبية؟.

وقال: "إن مصر تخترق القانون الدولي ببنائها لهذا الجدار، وهو ما يعرضها للمساءلة القانونية، حيث إن من بنود اتفاقية جنيف عدم المشاركة في حصار إقليم مجاور محتل والسعي إلى رفع الحصار عنه.

وشدد على أننا يجب أن نفرق بين القانون الدولي وبين توصيف الكيان الصهيوني للقانون الدولي الذي يقوم بعمليات إبادة عرقية، وحذَّر من أن سقوط المقاومة في غزة سيؤدي إلى احتلال  الصهاينة لسيناء في ظل عدم تعميرها حتى الآن.

وأضاف أن لكل عصر مَعلمًا، حيث شيَّد عبد الناصر السد العالي، والسادات صاحب العبور، ومبارك شيد الجدار الفولاذي فمبارك عليه الجدار.

كما طالب بالتحقيق الجدي في اغتيال الجندي المصري؛ لأنه يشك في أن أطرافًا مصرية وصهيونية هي من قتله؛ لأنها صاحبة المصلحة الوحيدة في قتله، وتساءل: لماذا لم تحدث تلك الضجة عندما قتلت دبابة صهيونية 3 جنود مصريين وقالت إنهم إرهابيون فتم دفنهم حتى دون جنازة عسكرية؟.

وختم حديثه بدعوة الحزب الوطني إلى احترام مصر، وقال إننا لن نسكت إلا بسقوط هذا الجدار؛ لأنه في حال اكتماله يزيد من إمكانية الكيان الصهيوني على احتلال سيناء.

وأكَّد أن الجدار أسقط أوهام بعض المثقفين والخبراء بأن هناك سلوكًا وطنيّا مستترًا يمارسه النظام بعيدًا عن أضواء الإعلام في مساعدة الشعب الفلسطيني في غزة.

حرب الحصول على مشروعية:

أما المهندس محمد عصمت سيف الدولة (خبير في الشأن الفلسطيني)، فقال: "لابد من إعادة الموضوع إلى أصله، حيث إننا نحارب الصهاينة منذ حوالي قرن، ويمكن تقسيم هذه الفترة إلى أربع مراحل:

المرحلة الأولى من 1879 إلى 1922م: وحصلوا فيها على وعد بإقامة دولتهم.

والمرحلة الثانية من 1922م إلى 1947م واستطاعوا فيها تهجير مليون يهودي إلى فلسطين.

والمرحلة الثالثة من 1948 إلى 1973م استطاعوا فيها إقامة الدولة.

أما المرحلة الرابعة من 1973 إلى وقتنا هذا فهي معركة من أجل الحصول على مشروعية الدولة والاعتراف العربي والدولي بها.

م. محمد عصمت سيف الدولةواعتبر أن أول نصر للكيان الصهيوني هو اعتراف مصر والسلطة الفلسطينية بالكيان، والتنازل عن 80% من الأراضي الفلسطينية، ثم ظهرت المبادرة العربية التي أبدت إمكانية اعترف الجامعة العربية بالكيان عام 2003م نتيجة ضغوط بوش بعد أحداث 11 سبتمبر.

وبذلك لم يتبق سوى فصائل المقاومة بقيادة حماس الذين يرفضون الاعتراف بالدولة الصهيونية، وإذا سقطوا سينجح المشروع الإسرائيلي القائم منذ قرن؛ لذلك تم حصار قطاع غزة، وخاض الكيان الحرب على غزة.

وأخيرًا تشييد الجدار الفولاذي للقضاء على حماس ومشروع المقاومة أو إخضاع حماس وكسر إرادتها وجرها للاعتراف بالكيان الصهيوني، وهو في حال حدوثه يعني اعترافًا باستقلال اليهود من الاحتلال العربي والإسلامي كما هو اعتراف بحق الكيان بدولة من النيل إلى الفرات.

وقال إن غزة لها ستة معابر مغلقة مع الكيان ومعبر واحد مع مصر، وشدد على أن اتفاقية فيلادلفيا تمنع مصر من بناء أي تحصينات على معبر صلاح الدين.

وشدد على أن الحديث عن السيادة المصرية لا يستحق الرد؛ لأن 22 مليون دولار من المعونة الأمريكية تم إنفاقها على بنائه؛ مما يؤكد أن الجدار هو مطلب إسرائيلي وليس مصريًّا، كما أن مصر ممنوعة من تسليح ثلثي مساحة سيناء، بالإضافة إلى وجود ألف جندي أجنبي لمراقبة أنفاق السلاح.

ووجه عتابًا إلى كل القوى الوطنية والعربية التي تتبنى تحرير فلسطين، الذين تظاهروا أثناء الحرب على غزة؛ لأنها تخلت عن المقاومة أثناء التسوية والمفاوضات، واهتموا بهمومهم القطرية، مشيرًا إلى أنَّه يجب على تلك القوى أن تعلن أنها خط الدفاع الثاني عن المقاومة.

الجدار خطر على أمن مصر:

وفي مداخلة من أسامة نور الدين (باحث سياسي) أكد أنَّ الجدار الفولاذي خطر على الأمن القومي المصري، على عكس ما تدعي الحكومة وذلك لعدة أسباب:-

أولها: أنه سيؤدي إلى الإضرار بالسكان المحيطين بالجدار من الناحية المصرية الذين يعتمدون في معايشهم على تجارة الإنفاق، مما قد يدفع بهم للهجرة من ذلك المكان، وبذلك تكون مصر بدلاً من تعمير سيناء تساهم بطريق غير مباشر في تفريغها من السكان.

كذلك يضر بناء الجدار بالبيئة المحيطة به، حيث يتكون الجدار من ما يقرب من 45 ألف متر مكعب من الصلب المعرض للتحلل بسبب العوامل الجوية المختلفة، وهو ما يتسبب في تلوث المياه الجوفية في المنطقة، وهو ما سيؤثر مستقبلاً على الزراعة والحياة في المنطقة.

كما أن الجدار يمثل إساءة بالغة إلى سمعة مصر في الخارج، الأمر الذي أدى إلى قيام العديد من المظاهرات المنددة بمصر في الخارج، فضلاً عن تأثير ذلك على العمالة المصرية العاملة في الأقطار العربية والغربية على حد سواء، وقيام بعض أصحاب العمل بطردها من تلك الأقطار الأمر الذي من شأنه أن يزيد من معدلات البطالة والفقر في مصر.

كذلك سيؤدي بناء الجدار إلى قيام الفلسطينيين بالبحث عن بدائل أخرى للجدار، قد تكون هذه المرة مضرة بالأمن القومي المصري، خاصة أنه ليس أمام الفلسطينيين إلا المتنفس المصري، الذي يستطيعون من خلاله الحصول على ما يحتاجون إليه من غذاء ودواء، وليس كما يدعي البعض الحصول على المخدرات.

_____________

المصدر : برلمان دوت كوم