السيد البابلي :

ما يحدث في مصر حاليا هو ترجمة وتنفيذ لمخطط مدروس يهدف إلي إحداث فوضي وشلل في المجتمع كله تدفعنا إلي كراهية الثورة والترحم علي النظام السابق.
فلا يمكن أن يكون من قبيل المصادفة مثلا ما حدث في استاد القاهرة في نهاية مباراة الأهلي وفريق كيما الأسواني..!

فالجماهير الكروية اعتادت أن تخرج عن النص وعن المباريات بعبارات وشعارات وهتافات قد لا تكون رياضية ويتغاضى عنها الأمن ويتعامل فقط مع مثيري الشغب أو من يقذفون بالأحجار.
ولكن في هذه المباراة فإن الأمن تعامل مع الهتافات بشكل أخر وانقض علي الجماهير ليقودهم إلي الشارع وهو يعلم جيدا أن مواجهات الشارع تعني الفر والكر وتحطيم الممتلكات العامة والخاصة وإيقاف حركة المرور وإحداث شلل كامل في المناطق التي تشهد المواجهات وهو ما حدث بالفعل..
وبينما الناس تشكو وتئني وتتوجع في شارع صلاح سالم، فإن شارع القصر الذي يمثل شريانا في قلب القاهرة كان يشهد مواجهات أخرى بين أصحاب الاحتجاجات الفئوية والشرطة بعد أن أغلق الشارع تماما..

ولم يكن المشهد مختلفا في شارع الجلاء حيث أصيب وسط القاهرة بالشلل نتيجة لقيام سائقو الميكروباص بقطع شارع الجلاء بعد اعتداء بلطجى علي زميل لهم وفرض الإتاوات عليهم.
ولم يختلف الحال في المحافظات عن القاهرة ففي جنوب سيناء كانت هناك احتجاجات أدت لقطع كريق شركة بترول بلاعيم وفي المنصورة قطع أهالي ضاحية سندوب طريقي المنصورة إلي القاهرة والزقازيق وفي أسوان أحرقوا مبنى المحافظة، وفي البحر الأحمر هدد عمال شركة المياه بإغلاق محابس البحر الأحمر، وأئمة سوهاج هددوا بعدم اعتلاء المنابر، واجتاحت المظاهرات الفئوية شرم الشيخ وأضرب عمال البريد في البحيرة وقطع عمال النظافة في أسيوط شارع ديوان المحافظة..!

ولا أحد يعلم من الذي يقف وراء كل هذه الفوضى العارمة التي تسود كل المحافظات، ومن يشعل الاحتجاجات الفئوية كلما توقفت.. ومن يريد للشارع أن يظل في حالة غضب وهياج.. ومن يسعى لعرقلة الإنتاج وإضعاف الاقتصاد..!
أن هذا المشهد الفوضوي يأتي متسقا مع دعوات أخري غريبة ومخيفة تحرض علي الانتقال إلي المرحلة الثانية من الخطة الموضوعة لحرق وتدمير مصر والتي تتمثل في جر الجيش إلي التصادم مع الشعب..

فهم الآن علي بعض المواقع المشبوهة والمجهولة علي الانترنت يدعوني صراحة إلي التصادم مع الجيش ويحرضون عليه ويحاولون إيهام الناس الجيش يقف عائقا ضد مسيرة الثورة، وينشرون الكثير من الشائعات والأكاذيب التي تتغذي هذا الاتجاه والتي تدفع في اتجاه العنف والتطرف.
لقد تصاعدت وتيرة هذا المخطط الفوضوي منذ قرار القضاء بحل المجالس المحلية حيث تزايد الانفلات الأمني وأعمال العنف والتخريب في المحافظات مرة أخرى بهدف إسقاط هيبة الدولة وإظهار ضعفها وعجزها عن تنفيذ وعودها الإصلاحية لتحسين الأوضاع المعيشية.

وانعكس ذلك علي خسائر فادحة في الاقتصاد المصري وصلت إلي 172مليار من الجنيهات منذ 25يناير، وإغلاق 450مصنعا بالمدن الجديدة ونزيف في البورصة بخسائر أكثر من مائة مليار دولار، والمخطط مستمر لدفع الاستثمارات الأجنبية للخرج من مصر أيضا..!

والأمل.. الأمل معقود في أن تجرى الانتخابات البرلمانية في موعدها، وأن تليها الانتخابات الرئاسية حتى يكون في مصر سلطة مدنية منتخبه قادرة علي اتخاذ القرار وحل المشاكل العالقة وطمأنة الشعب فالحكومة الحالية التي يرأسها شرف، لا تصلح لتسيير أعمال ولا كحكومة انتقالية، فهي حكومة غائبة، مترددة، بل سلطات حقيقية وبلا قدرة علي اتخاذ القرار..

 إن الأوضاع الحالية لا تدعو إلي التفاؤل.. ولن تقودنا إلا إلي انهيار في الخدمات والمرافق.. وزيادة المعاناة الاقتصادية ومواجهات لن تؤدي إلا إلي زيادة قوة ونفوذ البلطجية الذين سيجدون أن الطريق مفتوح أمامها لقيادة وتحريك ثورة الجياع والتي ستهدد بحرق مصر كلها..!

المصريون
[email protected]