دخل جراح القلب والصدر الدكتور محمود مصطفى محمد علي، الأستاذ المساعد السابق بكلية طب الأزهر بأسيوط، والمعيد الأسبق بمعهد ناصر في القاهرة، عامه الخامس خلف القضبان، في واحدة من أطول فترات الحبس الاحتياطي التي طالت أحد الكفاءات الطبية الشابة في مصر. ورغم مرور أكثر من أربع سنوات على احتجازه، لا تزال محاكمته تراوح مكانها، بعد أن قررت محكمة جنايات القاهرة تأجيل أولى جلسات نظر قضيته إلى يناير 2026، في خطوة اعتبرتها منظمات حقوقية "مؤشراً خطيراً على استمرار سياسة إطالة أمد الحبس دون سند قانوني".
الدكتور محمود مصطفى، الذي يُعد من أبرز أطباء جراحة القلب والصدر في جيله، اعتُقل في 27 مايو 2021 على خلفية اتهامات وُصفت بأنها "فضفاضة وغير محددة" في القضية رقم 965 لسنة 2021 حصر أمن دولة عليا، والتي شملت اتهامات بـ"الانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف القانون ونشر أخبار كاذبة". غير أن أسرته ومحاميه أكدوا مراراً أن الاتهامات تفتقر إلى أي أدلة مادية أو شهود، وأن القضية تستند فقط إلى تحريات أمنية لا ترقى لمستوى الدليل القضائي.
مسيرة مهنية حافلة توقفت قسرًا
قبل احتجازه، كان الدكتور محمود من بين الأسماء الواعدة في مجال جراحة القلب، إذ عمل ضمن الفريق الطبي المساعد للبروفيسور مجدي يعقوب لمدة عامين، حيث اكتسب خبرات متقدمة أهلته للعمل في كبرى المستشفيات داخل مصر وخارجها. زملاؤه وصفوه بأنه طبيب بارع وإنسان مخلص، عرف بدقته العلمية واهتمامه بمرضاه.
لكن مسيرته توقفت فجأة مع اعتقاله، ليتعرض لاحقًا للفصل من عمله بسبب "الانقطاع عن العمل"، رغم أن غيابه القسري كان نتيجة احتجازه التعسفي داخل سجن أبو زعبل 2، حيث يُحتجز منذ أكثر من أربع سنوات في ظروف صحية ونفسية صعبة.
منظمات حقوقية: "حبس بلا محاكمة عادلة"
أعربت كل من الشبكة المصرية لحقوق الإنسان ومركز الشهاب لحقوق الإنسان عن إدانتهما الشديدة لاستمرار احتجاز الدكتور محمود مصطفى، مؤكدتين أن ما يتعرض له يمثل "انتهاكًا صارخًا للحق في الحرية والمحاكمة العادلة"، ومخالفة واضحة للدستور المصري وللعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي وقعت عليه مصر.
المنظمتان اعتبرتا أن النيابة العامة تستخدم الحبس الاحتياطي كأداة للعقاب السياسي، لا كإجراء قانوني مؤقت، مشددتين على أن "استمرار احتجاز الأطباء والعلماء بهذه الصورة لا يضر فقط بحقوقهم الفردية، بل ينعكس سلبًا على المجتمع كله الذي يخسر كوادر مؤهلة ومتفوقة".
ظروف احتجاز قاسية وتنكيل ممنهج
وفق شهادات حقوقية وتقارير ميدانية، يعاني الدكتور محمود داخل محبسه من حرمان متواصل من الرعاية الطبية والزيارات المنتظمة، إضافة إلى تقييد حقه في الاطلاع على أوراق قضيته أو التواصل مع أسرته بشكل طبيعي.
وأكدت مصادر مقربة من أسرته أن حالته الصحية تدهورت خلال الشهور الأخيرة، خاصة في ظل إصابته بمشكلات في القلب والصدر، ما يزيد من خطورة استمرار احتجازه في ظروف غير إنسانية.
مطالب بالإفراج الفوري وإنهاء معاناة مستمرة
طالبت المنظمات الحقوقية الجهات القضائية والسلطات التنفيذية بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الدكتور محمود مصطفى، معتبرة أن استمرار حبسه يمثل "وصمة على جبين العدالة"، وأن استخدام الحبس الاحتياطي بهذه الطريقة يُعد عقوبة مقنّعة قبل صدور أي حكم.
كما دعا البيان إلى تمكينه من حقه في العلاج ومزاولة مهنته واستعادة موقعه الأكاديمي، مؤكدين أن استمرار احتجازه لا يخدم سوى تكريس مناخ القمع وتكميم الأصوات المهنية والعلمية.

