تدخل السيدة أسماء السيد عبد الرؤوف، البالغة من العمر 28 عامًا، عامها الخامس خلف القضبان، رهن الحبس الاحتياطي دون حكم قضائي نهائي، في قضية تعكس نمطًا متكررًا من الانتهاكات بحق النساء المدافعات عن حقوقهن أو زوجات معتقلين سياسيين.

أسماء، خريجة كلية الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر من مدينة فاقوس بمحافظة الشرقية، اعتُقلت فجر يوم 9 نوفمبر 2020 بعد مداهمة منزلها من قِبل قوة أمنية تابعة لجهاز الأمن الوطني، حيث تم اقتيادها إلى جهة غير معلومة. طوال 37 يومًا من الإخفاء القسري، تعرضت – وفقًا لمصادر حقوقية وشهادة ذويها – لتعذيب بدني ونفسي قاسٍ، وصعق بالكهرباء، وتهديد مستمر، دون أن يُسمح لمحاميها أو أسرتها بالتواصل معها.

عند ظهورها الأول أمام نيابة أمن الدولة العليا في ديسمبر من نفس العام، بدت آثار التعذيب واضحة على جسدها، لكن النيابة تجاهلت تلك الانتهاكات، وبدلًا من فتح تحقيق، قررت حبسها احتياطيًا على ذمة القضية رقم 680 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، بتهم الانضمام إلى جماعة محظورة ونشر أخبار كاذبة، وهي التهم التي تُوجَّه بشكل نمطي للمعتقلين السياسيين.
 

زوجان خلف القضبان وطفلة بلا والدين
تُعد مأساة أسماء أكثر قسوة لأنها لا تعيشها وحدها؛ فزوجها محمد جمال الياسرجي، مدرس اللغة العربية، معتقل منذ عام 2019 على ذمة القضية رقم 1480 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، ليجد الاثنان نفسيهما خلف القضبان، فيما تكبر طفلتهما الوحيدة حبيبة بعيدًا عنهما منذ أن كان عمرها ثلاث سنوات، حتى قاربت اليوم التاسعة، محرومة من دفء الأسرة ومن رعاية والديها.

تقول مصادر حقوقية إن استمرار حبس أسماء وزوجها «يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون والدستور، إذ تجاوزت مدة الحبس الاحتياطي الحد الأقصى المنصوص عليه في المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية، ما يجعل احتجازها حبسًا تعسفيًا خارج نطاق القانون».
 

محاكمة بعد خمس سنوات من الحبس
بعد مرور خمس سنوات على اعتقالها، أُحيلت قضية أسماء مؤخرًا إلى محكمة الجنايات، حيث عُقدت أولى جلسات محاكمتها في 21 يوليو 2025 أمام الدائرة الأولى إرهاب برئاسة المستشار محمد سعيد الشربيني. ومع ذلك، لا تزال رهن الاحتجاز، دون صدور حكم أو حتى قرار بالإفراج، في ظل تجاهل تام لمناشدات أسرتها والمنظمات الحقوقية التي تطالب بإطلاق سراحها.
 

انتهاك ممنهج واستخدام الحبس الاحتياطي كأداة للعقاب
قضية أسماء ليست حالة فردية، بل تندرج ضمن نمط متكرر من إساءة استخدام الحبس الاحتياطي كوسيلة للعقاب السياسي في مصر، وهو ما وثقته منظمات محلية ودولية عديدة، من بينها الشبكة المصرية لحقوق الإنسان وهيومن رايتس إيجيبت، اللتان أكدتا أن استمرار احتجازها «يتنافى مع المادة 54 من الدستور التي تكفل الحق في الحرية والأمان الشخصي، ومع التزامات مصر الدولية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية».

وتشير المنظمات الحقوقية إلى أن إبقاء المعتقلين لفترات طويلة دون محاكمة عادلة أو سند قانوني يُعد انتهاكًا لمبدأ العدالة، ويؤكد غياب الرقابة القضائية الحقيقية على قرارات الحبس الاحتياطي.
 

مطالب بالإفراج والتحقيق
طالبت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان في بيانها الأخير النائب العام المستشار محمد شوقي بـ"الإفراج الفوري وغير المشروط عن السيدة أسماء عبد الرؤوف وزوجها محمد جمال الياسرجي، وفتح تحقيق مستقل في الانتهاكات التي تعرضا لها"، مؤكدة أن ما جرى يمثل خرقًا واضحًا لحقوق الإنسان والدستور.

كما دعت الشبكة إلى وقف استخدام الحبس الاحتياطي كأداة عقابية، ومحاسبة المتورطين في وقائع التعذيب والإخفاء القسري، مشددة على أن احترام سيادة القانون ليس خيارًا، بل واجب دستوري والتزام دولي يقع على عاتق الدولة المصرية.

https://www.facebook.com/humanrightsegypt1/posts/1186098193621111?ref=embed_post

https://www.facebook.com/ENHR2021/posts/856257966755264?ref=embed_post