والقصص التي يحكى والأحوال التي نعايشها والحوادث التي نراها ونسمع عنها تقص الكثير من العجائب عن رجل قتل زوجته لأنها لم تسارع في تلبية أمره ونهيه، وعن رجل قتل أخاه لخلافه على بضعة جنيهات.. هذه قد تكون نزغات شياطين، أما أن يكون الأمر متعلقًا بالمرض المُميت والعلة القائلة، ثم يساوم على العلاج بأحد الأساليب؛ فهذا من العجائب.
العلاج مقابل العمالة
فيحكي أحد المرضى قبل أن يلقى حتفه، فيقول: ساومني على العلاج مقابل العمالة، علم مرضي ولهفي على العلاج، خاصةً أن لي أولادًا يحتاجون إليَّ، فقال لي الضابط: العلاج مقابل أن تدلَّنا على كذا وكذا، فقلت له هذه خيانة ومستحيل أن أقبل ذلك، فقال ونحن مستحيل أن نسمح بالعلاج واللازم حتى توافق على ما نقول، فقلت: سبحان الله الخيانة مقابل العلاج!!
قال: نعم هذه بتلك، ووضع المريضَ في مكان ما حتى أتاه أجلُه سريعًا وفارَقَ الحياة ولم يهتزّ شعور أحد أو إحساسه!.
أوضاع الأسيرات
لم أكن أتصور أن اليهود تعتقل النساء والبنات والأطفال الصغار، ولم أكن أصدِّق أن السلطة الفلسطينية تتناسى المطالبة بالإفراج عنهم وإخراجهم مع الدفعات التي تُكرِمهم "إسرائيل" بها رغم أحوالهم السيئة.
تروي المسجونة عرين شعيبات فتقول: أوضاع الأسيرات الفلسطينيات كما هي بل تزداد سوءًا، فلا يكاد يمر يوم إلا ويتعرَّضن فيه للقمع والإذلال داخل سجون الاحتلال.
وتقول شعيبات: إن الأسيرات الفلسطينيات يتعرَّضن لعمليات قمع ممنهجة من إدارة السجون الصهيونية، وتزايدت الانتهاكات ضدهن بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة.
وتشير إلى أن الاعتداءات على الأسيرات تأخذ شكلَين مختلفَين: الأول يكون بالضرب المباشر واستخدام الكلاب البوليسية للتفتيش، ويصل الأمر لإطلاق النار في بعض الأحيان، أما النوع الآخر وهو الأخطر فيكمن في استخدام العزل الانفرادي والتهديد بأشياء معينة.
وتلفت شعيبات إلى أن خطر العزل يكون بوضع الأسيرة مع سجينات "إسرائيليات" محكوم عليهن في قضايا جنائية؛ حيث تتعرض الأسيرة للقمع والضرب بشكل همجي وبأدوات حادَّة.
منع التعليم
ولا تقتصر الانتهاكات على ذلك ليمتد الأمر إلى منع الأسيرات من التعليم والقراءة؛ بما في ذلك منع إدخال الكتب التعليمية والتثقيفية للسجون، كما تقول الأسيرة الفلسطينية.
ومن السياسات المتبَعة داخل السجون- وفق شعيبات- منع أي تجمع لأكثر من ثلاث سجينات، ويدخل في ذلك الجلسات الثقافية أو أي نشاط داخل المعتقلات، مؤكدةً أن الهدف من ذلك تكريس سياسة قديمة جديدة هي التفرقة ووضع حواجز بين الأسرى.
وشدَّدت شعيبات على أن الأسيرات الفلسطينيات يعلِّقن آمالاً كثيرةً على صفقة الجندي الأسير جلعاد شاليط، داعيةً فصائل المقاومة الآسِرَة له إلى عدم التنازل والعمل على تحرير الأسرى؛ بما في ذلك الأسيرات بالسجون الصهيونية.
توحيد الصف
كما طالبت الأسيرة المحررة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والمعنيِّين بشئون الأسرى بالعمل بكل قوة من أجل الوحدة الوطنية وتوحيد الصف الفلسطيني حقيقةً وليس برفع الشعارات.
وعبَّرت عن ثقتها بأن الوحدة هي التي ستجمع الآراء الفلسطينية وتقوي المطالب بضرورة الإفراج عن الأسرى والأسيرات، فتكاتف الجهود يعدُّ خطوةً جيدةً على طريق نيل الحقوق الفلسطينية والحفاظ على الثوابت.
يُذكر أن شعيبات اعتُقلت عام 2002م، وحُكِمَ عليها بعد أكثر من عشرين جلسة بالسجن سبع سنوات وأُفرج عنها الخميس من سجن الدامون بحيفا، تاركةً وراءها أكثر من 56 أسيرة فلسطينية يتوزَّعن على سجني هشارون والدامون.
وهذا وغيره الكثير من الحوادث والوقائع يدل دلالةً قاطعةً على انحطاط في الأخلاق وضياع للقيم، وهذا ما دعا القيادي البارز في حركة فتح حسام خضر للقول بعد أن رأى الكثير: نحن شهود زور على عصر منحطّ، ثم يتحدث عن الكثيرين في حركة فتح التي نشأت جهاديةً، ثم تحوَّلت إلى صديقة لـ"إسرائيل"، فيقول: والاحتلال لم يمس وجودهم ولم يهدِّد مكانتهم ولا مصالحهم، ووفرَّ لهم كل الامتيازات، فيما أن الديمقراطية ستفرض تغييرًا حقيقيًّا في قيادة فتح، وبالتالي فهم يخشون الديمقراطية التي قد تغيِّرهم، ولا يخشون من الاحتلال الذي لا يشكِّل خطرًا يتهدَّد مصالحهم، وبالتالي فأعتقد أن هذه القيادة استُهلكت ولم تعد قادرةً على مواكبة الأحداث والتطورات التي قادت الحركة من هزيمة إلى هزائم، وخسرنا قطاع غزة ومنظمة التحرير والسلطة، وبالتالي شعبنا، حيث هناك انقسام في الساحة الفلسطينية يهدد مجمل مشروعنا الوطني وحتى الآن فهذه القيادة لم تتعظ ولم تستيقظ من غفوتها، وكل ما يهمها هو المناصب والامتيازات التي تتأتَّى من كون هذا عضو مجلس ثوري أو ذلك عضو لجنة مركزية، وأنا من هنا وعلى أبواب عقد المجلس الثوري أتمنَّى أن يمتلك أعضاء هذا المجلس وأعضاء تلك اللجنة الشجاعةَ وروحَ المسئولية، وأن يعلنوا عن حلِّ أنفسهم كقياديين معطِّلين في الحركة وغائبين عن مسرح الأحداث اليومية؛ دونما أية غيرة أو إحساس تجاه ما آلت إليه حركتنا العظيمة وبالتالي أدعو اللجنة المركزية والمجلس الثوري للاستقالة فورًا؛ إنصافًا للحركة وتاريخها المجيد وقيادتها الأصيلة وكوادرها الأحرار وعناصرها الأوفياء المخلصين، وكل تلك القوافل من الشهداء والأسرى والجرحى والمطاردين.. مركزية فتح تمارس حالةً من القهر والانتقام ضد قيادات وكوادر وتاريخ حركتنا العظيمة فتح، فهذه القيادة بعثرت كل إنجازات وتاريخ حركتنا وداستها بنعالها، وسلمت رقابنا رخيصةً إما للاحتلال "الإسرائيلي" وإما للإسلام السياسي الصاعد على سلَّم عجزنا وأخطائنا وممارساتنا القذرة والقبيحة.
وبعد.. قول لك عزيزي القارئ كما قال قيادي فتح: يعيش البعض الآن شهود زور على عصر منحطٍّ ضاعت فيه القيم والأخلاق وبِيعَ فيه كلُّ شيء بثمن بخس.