أحمد القاعود
كاتب وصحفي مصري
منذ الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير، المغدورة، في 30يونيو قبل الماضي، ويلوح فى الأفق وهج جحيم مستعر سيلتهم الجميع، وتتسارع وتيرة شرارات إشعال الكراهية ، وتتجه بمصر إلى مصير سيكون بالضرورة أسوأ من سوريا والعراق، التى طالما ردد مشعلو هذه الشرارات، عبارتهم الشهير "أحسن من سوريا والعراق".
تطور الفعل الثوري على أرض الواقع المصري، وعدم خموده أو خفوته طيلة عام وسبعة أشهر، مع خطاب إعلامي بدا قادرا على إحداث حالة ثورية، وجذب قطاعات واسعة من المصريين، الذين سئموا خطابا واحدا منذ الانقلاب العسكري، كان له تأثيره القوي والصادم للسلطة الحاكمة فى مصر، دفعها إلى الضجر من مصير مجهول، فى بلد لم تنجح حتى الأن قوي دولية مع عصابات داخلية فى إخماد ثورته.
تجلى هذا الاهتزاز والارتباك الكبير داخل سلطة وحشية، قائمة على القتل والترويع، قبل ذكرى الثورة، فى حملة إعتقالات واسعة النظاق فى قري ومدن مصر، طالت صحفيين ومنهم صاحب هذه السطور، وباتت أكثر وضوحا مع هجوم مسلحي سيناء على قوات الجيش التى تعمل منذ فترة كبيرة تحت دعوى مكافحة الارهاب.
الهجوم الدموي الذي خلف أكثر من 40 قتيلا من جنود وضباط الجيش، والمتكرر منذ الانقلاب دون معرفة أي تفاصيل للأحداث، أو جدوى العمليات التى تقوم بها السلطة هناك ضد المدنيين، كشف ارتباك واضح فى السلطة، التى لم تقدم جديدا. حيث جاءت الصور هى الصور، والمشاهد هى المشاهد والخطاب هو الخطاب، مع مزيد من عمليات التوحش الارهابي التي تقوم بها السلطة فى سيناء ضد أهلها العزل، تنفذا لمخطط، لم يتصور فى أي زمن من الأزمنة أن تفعلهمصر، أو حتى قوات الاحتلال الصهيوني نفسها.
هذا المخطط المريع والمروع، يتمثل فى إزالة مدينة مصرية كاملة، لانشاء منظقة عازلة تحمي إسرائل، الداعمة الاقليمية للانقلاب، وتشديد الحصار ضد المقاومة الاسلامية التى فى باتت مرمي قذائف الانحطاط العربي، اعلاميا وسياسيا.
الأخطر فى الموضوع هو تحدث قائد الانقلاب الدموي، ودعوته العلنية لحرب أهلية، ستأكل الأخضر واليابس، حينما دعا المصريين للثأر لقتلى الجيش، وكأن التفويض الذي حصل عليه شعبيا، في 26 يوليو2013، لمواجهة ارهاب محتمل، لم يعد صالحا لمواجهة عنف حقيقي هو بالأساس صنيعة السلطة الارهابية، ومنتسبيها.
صاحب تصريحات قائد الانقلاب غير المسؤولة والصبيانية، دعوات ارهابية أخرى علي شاشات التلفزة الداعمة لعصابات رجال الأعمال و الممولة خارجيا، لتدمير الوطن، الدعوات الهادفة لقتل المتظاهرين السلميين وحرق بيوت المنتسبين لجماعة الاخوان المسلمين، التى لم تدان حتى الآن بأي حادث عنف، لم تجد من يتصدى لها أو يهاجمها ممن اطلق عليهم فى غفلة الزمن، مثقفين أو قادة رأي أو نخبة، وبات المشهد المصري رهينة لفاشية مقيتة يدعو لها أنصار 30 يونيو، رغبة فى الهروب من فشل ذريع طيلة عام ونصف، حيث لم يتحقق أي نجاح يذكر حتى الآن، ويبدو أنه مستحيلا مع هذه الطغمة الفاشية.
تخبط السلطة ومكارثية القائمين عليها، دفعت وزارة الخارجية التابعة لها لمخاطبة السلطات الفرنسية لوقف بث قنوات مناهضة لها تبث من فرنسا ويقال أنها على قمر فرنسي، فالانقلاب لم يحتمل ظهور أصوات معارضة له وكاشفة للحقيقة ولا تفعل شيئا إلا إبراز مافرض عليه حصارا محكما من قبل النظام والمتأمرين معه عربيا ودوليا.
تطور الخطاب الاعلامي الثوري فى الفترة الأخيرة، مصحوبا بفضائح تنسف فكرة الدولة، تمثلث فى تسريبات لقادة فى النظام، مع تغيير المواقف الدولة نسبيا، وكان أبرزها وفاة الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز،الراعى والكفيل الأول للانقلاب العسكري، وعدم اتضاح موقف خلفه الملك سلمان من الحكم المصري، الفاشل، وعودة قناة الجزيرة الاخبارية للتركيز على الشأن المصري والانتهاكات التى يقوم بها النظام بحق معارضيه، مع أنباء عن عمل قناة الجزيرة مباشر من جديد، وتوقع ارتفاع نصيب مصر من تغطيتها، كل هذا ساهم فى إحساس النظام المصري بأنه بات متورطا أكثر مما مضي فى رحلة فشل ستنتهي نهاية مؤلمة تحت وطأة فعل ثوري غاضب ومتطور.
استقبال عدد من المسؤولين الأمريكيين وفدا مصريا معارضا للانقلاب، ضم قيادات من جماعة الاخوان المسلمين، مثل أيضا صدمة قوية، لنظام مأمور من الولايات المتحدة، واعتبر اشارة لعدم ثقة البيت الأبيض فى نظام بدا وجوده ضارا بالمصالح الأمريكية أكثر من نفعه، حتى ولو أزال مدينة كاملة حماية لاسرائيل، أو قمع بوحشية الصحوة الاسلامية الصاعدة فى البلد الأكبر فى الشرق الأوسط.