وائل الحديني
قضيت أكثر من 5 سنوات مساعداً لأحد أشهر نواب برلمان 2005 ، كنا نطارد المشكلات التي تؤرق المواطنين فى الداخل والخارج بأدوات البرلمان (بيانات عاجلة وطلبات إحاطة واستجوابات..) بنقد لاذع وعبارات حداد ، ثم نرسلها إلى الصحف المستقلة ( وقتها ) فتتجاوب وتنشرها كما هي غالباً ، خاصةً إذا زادت حدة الرفض والاعتراض وقَسَت الكلمات .
(نقطة) ..لابد أن نفهم أن لكل مغنم مغرم ، وأن الحكومات بما تملكة من سلطة تبقى دوماً فى دائرة الهجوم ، بعكس المعارضات التقليدية التي تجلس على مقاعد ضيافة وثيرة ـ بلا مسئوليات ـ لترفض وتهاجم .
لكن يجب أن ننوه أن المعارضة الفاعلة طوال عهد مبارك كانت شريفة فى مراميها وإن وقف على هامشها بعض العناصر الهجين المصطنعه ، كما أن وسائل الإعلام سمح لها فى إطار حدود معينة أن تكون أداة تنفيس لتأجيل الإنفجار، فيمابقيت العلاقات بينها وبين النظام قائمة يشتمونه على الورق نهاراً ويتصافحون فى الفنادق والكافيهات ليلاً ، لم تنقطع الصلة بينهم على الدوام وفى أدق الفترات صعوبة .
يختلف الأولون عن معارضة اليوم بنسبة كبيرة والتي تميل إلى الهدم والتأجيج بديلاً للبناء يحفزهم أن إفشال الرئيس يعني سقوط مشاريع الإسلاميين ولفظهم مجتمعياً لفترات طويلة .
أيضاً إنقطعت الصلات بين الإعلام والنظام الحالي وولدَت القطيعة حفلات السب والشتم والتجريح تؤججها كراهية ضياع المصالح والمنبهات البنكونيتية .
فى المقابل عجزنا مؤكداً عن تقديم رسائل واضحة للجمهورعما يدور فى ساحة متشابكة الاحداث :
- عن حقيقة الأوضاع المالية والاقتصادية ومقدار الهدر فى الإحتياطي طوال فترة حكم العسكري والمتاح حالياً و الإحتياجات والمشكلات والتحديات والمؤامرات.
- أن الإخوان لا يحكمون وليسوا تنفيذيين وأن تولى 10 منهم مناصب بين وزراء ومحافظين رغم كفاءتهم قديماً ليست دليل إدانة ولا تنسحب على الباقين الذين يمثلون أطيافاً مختلفة .
- لم نؤكد أن من يتطاولون فى الحديث رفضوا تحمل المسئولية وسعوا بشكل تأمري لتأزيم الأوضاع .
- لم نقنع الجماهير ان الأزمات خيار طبيعي ونتاج إنهيار ستة عقود وأن مرحلة الترميم والتاسيس لوضع جديد يحتاج إلى مشاركة وتحمل .
- لم نكشف بنجاح أكاذيب وجشع الإعلام ونستدعي التلازم بيننا وبين الناس وسعينا فى قضاء حوائجهم طوال سنوات طويلة.
- طغي التشويش على رسائل الدولة إلى الجمهور وفقد الصف الإخواني القلِق رسائل معلوماتية وتحفيزيه داخلية عدا التواصى بالصبر ، واصبح الجميع معزولاً وبات الشعب فريسة للإعلام.
لابد أن ندرك أن الاوضاع كانت ولازالت تحت مستوى السوء وأن الواقع يختلف عن الحلم ، وأن هناك بوناً شاسعاً بين العمل تحت ضغط الرؤية الكاملة على حقيقتها والوعد الإنتخابي الهلامي الذي يتورط الجميع فيه.
وكما أن من حق الشعب أن يطمح فى الاستقرار ورفع المعاناة التي استمرت طويلاً ، فاستحقاقاته لايمكن أن تتحقق من خلال الكسل والمراوحة وإدمان النقد والكلام وتداول الشائعات وهجرة القيم والمبادئ والفوضى والزهد على العمل .
بعيداً عن الألفاظ المنمقة : حكم مصر مغرم كبير والبديل للوضع الحالي كان إما :فاسد به لوثة عقلية أو عبداً للخارج أو ديكتاتوراً رجعياً حالم غادر الواقعية للأبد.
أخيراً ...الخراب صُنع برضى الجماهير الضعيفة الصامته ولو دبت الروح فيهم مبكراً ماتردت الأوضاع بهذا الشكل المزري .
الإخوان لم يخربوا البلد ولم يجدوا فيها تلاً أساساً ليجلسوا عليه ، وهم يسعون لإنقاذها واستنهاضها وإذا رماهم جاهل بمذمة لا يخجلون . والهلاك للقاعد الذي يبشر به ، وبسواعدهم والرجاء لا ينقطع الأمل .