تدخل قضية الطالب أحمد عادل محمد محمد عدوي عامها العاشر وسط استمرار الغموض والصمت الرسمي، في واحدة من أطول وقائع الإخفاء القسري التي طالت طالبًا في المرحلة الثانوية دون إعلان عن مصيره أو الكشف عن مكان احتجازه، رغم البلاغات والشهادات والنداءات الحقوقية المتكررة.
أحمد عدوي، الذي كان يبلغ من العمر 18 عامًا وطالبًا بالثانوية العامة، اختفى قسريًا منذ 24 أبريل 2016، عقب القبض عليه من قريته بهبيت التابعة لمركز العياط بمحافظة الجيزة، في واقعة ما زالت تثير تساؤلات حقوقية وقانونية حادة حول مصير شاب لم يُعرف عنه سوى أنه طالب يسعى لإكمال دراسته.
القبض التعسفي وبداية المأساة
بحسب ما وثقته الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، جرى القبض على أحمد عدوي يوم الأحد 24 أبريل 2016 بواسطة قوة أمنية تابعة لمركز شرطة العياط، قبل نقله إلى مركز شرطة أبو النمرس. عملية القبض تمت دون إذن قضائي أو توجيه اتهامات رسمية، في مخالفة صريحة للإجراءات القانونية والدستورية.
شهادات معتقلين سياسيين سابقين، كانوا محتجزين في مركز شرطة أبو النمرس خلال الفترة نفسها، أكدت أن أحمد، رغم صغر سنه، تعرّض لتعذيب وحشي وممنهج داخل مقر الاحتجاز، شمل اعتداءات بدنية قاسية، في إطار ما وصفوه بأساليب تعذيب معتادة آنذاك.
تعذيب ثم اختفاء كامل
وفقًا لتلك الشهادات، أُخرج أحمد من محبسه عقب جلسة تعذيب عنيفة، ولم تتم إعادته مرة أخرى إلى الزنزانة. منذ تلك اللحظة، انقطعت أخباره تمامًا، ولم يظهر اسمه في أي سجل رسمي، أو عرض على أي جهة تحقيق أو قضاء، في واقعة تُعد نموذجًا مكتمل الأركان لجريمة الإخفاء القسري.
هذا الاختفاء المفاجئ، بعد تعرضه لتعذيب شديد، رفع منسوب القلق حول مصيره، وفتح الباب أمام مخاوف حقيقية تتعلق بحياته وسلامته الجسدية والنفسية.
رحلة الأسرة بين الأقسام والبلاغات
أسرة أحمد لم تقف مكتوفة الأيدي. فمنذ الأيام الأولى لاختفائه، بدأت رحلة شاقة من البحث والسؤال، شملت التوجه إلى أقسام الشرطة المختلفة، وتقديم بلاغات رسمية، ومخاطبة جهات قضائية وأمنية، على أمل الوصول إلى أي معلومة عن مكان احتجازه.
لكن الرد كان واحدًا: إنكار تام لوجوده داخل أي جهة أمنية، دون تقديم بدائل أو توضيحات، ودون فتح تحقيق جدي في شهادات التعذيب التي نقلها محتجزون سابقون، ما فاقم من معاناة الأسرة، وحوّل الانتظار إلى عبء نفسي وإنساني ثقيل امتد لسنوات.
جريمة لا تسقط بالتقادم
تؤكد الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أن مرور نحو عشر سنوات على واقعة القبض والتعذيب والإخفاء القسري لا يسقط الجريمة، إذ تُصنّف هذه الانتهاكات ضمن الجرائم الجسيمة والجرائم ضد الإنسانية وفقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا تخضع لمبدأ التقادم الزمني.
كما شددت على أن الدولة المصرية، ممثلة في وزارة الداخلية والنيابة العامة، تتحمل المسؤولية القانونية الكاملة عن سلامة وحياة أحمد عدوي، وعن استمرار حالة الإفلات من العقاب، نتيجة غياب التحقيقات المستقلة والشفافة في هذه الوقائع.
مطالب حقوقية عاجلة
في ضوء استمرار الإخفاء القسري، جددت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان مطالبها العاجلة، والتي شملت:
- الكشف الفوري وغير المشروط عن مصير أحمد عدوي ومكان احتجازه.
- الإفراج عنه فورًا حال ثبوت احتجازه، أو عرضه على جهة قضائية مختصة مع ضمان كافة حقوقه القانونية.
- فتح تحقيق مستقل وجاد في وقائع التعذيب والإخفاء القسري.
- محاسبة جميع المسؤولين والمتورطين، أيًا كانت مناصبهم.
- التزام الدولة بتعهداتها الدولية واحترام الاتفاقيات التي تجرّم الإخفاء القسري وتكفل حقوق الضحايا وأسرهم في العدالة وجبر الضرر.
وترى الشبكة أن استمرار الصمت الرسمي والإنكار لا يمكن اعتباره موقفًا محايدًا، بل يمثل تواطؤًا غير مباشر مع الجريمة، ويعمّق من معاناة أسرة تعيش منذ عقد كامل على أمل ضعيف في معرفة مصير ابنها.

