فيما يحتفي العالم بيوم الطفل العالمي، تتجدد في مصر مأساة طفل سيناوي دخل عامه الثامن داخل دائرة لا تنتهي من الإخفاء القسري، بعيداً عن أسرته وطفولته ومستقبله.

 

إذ وثقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان استمرار الأمن الوطني في شمال سيناء باحتجاز الطفل عبد الله بومدين نصر الله عماشة، الذي لم يكن قد تجاوز سن 12 عاماً عند توقيفه لأول مرة، ليكمل اليوم عامه الثامن داخل دائرة انتهاكات وُصِفت بأنها «جريمة لا تسقط بالتقادم».

 

الاعتقال… لحظة غيّرت مصير طفل

 

في 31 ديسمبر 2017، داهمت قوة أمنية مسلحة منزل عائلة بومدين في مدينة العريش، قبل أن تعتقل الطفل الصغير تعسفياً دون مذكرة توقيف، ليختفي أثره منذ تلك الليلة. كانت تلك اللحظة بداية رحلة قاسية لطفل وُلد في 12 ديسمبر 2005، ولم يعرف من سنوات مراهقته سوى الزنازين والتحقيقات والانقطاع التام عن العالم الخارجي.

 

سبعة أشهر في الظلام… انتقال بين الأقسام والمعسكرات

 

ظل عبد الله مختفياً مدة سبعة أشهر كاملة، تنقل خلالها بين قسم العريش أول، ومعسكر الكتيبة 101، التابع للمخابرات الحربية، دون السماح لأسرته أو محاميه بمعرفة مكانه أو حالته الصحية.

 

وفي 2 يوليو 2018، ظهر عبد الله أخيراً بعد غياب طويل أمام نيابة أمن الدولة العليا، حيث تم التحقيق معه وحبسه احتياطياً على ذمة القضية رقم 570 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، بتهم تتعلق بالانضمام لجماعة محظورة والمساعدة في زرع عبوات متفجرة، رغم صغر سنه واستحالة تورطه في تلك الاتهامات المعقدة.

 

حبس انفرادي وتحويلات تعسفية

 

وبسبب صغر سنه، صدر قرار بإيداعه في إحدى دور الأحداث. إلا أن الواقع كان أكثر قسوة؛ فبحسب مصادر الشبكة المصرية، جرى حبسه انفرادياً لأكثر من 3 أشهر في قسم شرطة الأزبكية بالقاهرة، قبل نقله مجدداً إلى معسكر الكتيبة 101 ثم مقر الأمن الوطني بالعريش، حيث انقطعت أخباره تماماً، ولا يزال مصيره مجهولاً حتى اليوم.

 

محاولة انتحار… شهادة تكشف معاناة قاسية

 

أصدرت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان تقريراً حول الحالة النفسية والصحية المتدهورة لعبد الله داخل مقر الأمن الوطني. ونقلت عن معتقل سابق كان محتجزاً معه أنه حاول الانتحار بتناول كميات كبيرة من الأدوية نتيجة اليأس والقهر الشديدين، قبل إنقاذه في اللحظة الأخيرة.

 

هذه الشهادة، التي تعد من أخطر ما ورد عن وضع الطفل، تعكس حجم المأساة والضغوط النفسية التي يتعرض لها طفل محروم من أدنى حقوقه الأساسية.

 

نداءات عاجلة ومطالبات بوقف الانتهاكات

 

طالبت الشبكة المصرية النائب العام بفتح تحقيق عاجل والكشف عن مصير الطفل والإفراج الفوري عنه، مؤكدة أن ما يتعرض له يمثل انتهاكاً صارخاً للدستور المصري واتفاقية حقوق الطفل والمواثيق الدولية.

 

كما اعتبرت الشبكة أن ممارسة الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري بحق الأطفال تعد جريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، وأن استمرارها يتم في ظل «تواطؤ واضح» من بعض الأجهزة النيابية والقضائية.

 

أسرة تحت وطأة القهر… ثماني سنوات من الانتظار

 

تعيش أسرة عبد الله سنوات طويلة من العذاب وعدم اليقين. فالأم والأب لم يتلقيا أي معلومة رسمية عن مصيره، ولا يُسمح لهما بالزيارة أو الاطلاع على حالته الصحية، ليبقى الطفل السيناوي رهينة صمت السلطات وتجاهلها المستمر.

 

https://www.facebook.com/ENHR2021/posts/865783572469370?ref=embed_post