خيّم الحزن على الأوساط الحقوقية والسياسية، بعد إعلان وفاة والدة السياسي والباحث محمد القصاص، نائب رئيس حزب مصر القوية، والمحبوس منذ أكثر من سبع سنوات، وذلك بعد يومين فقط من رفض مصلحة السجون تسلم طلب كانت قد تقدمت به أسرته للسماح له بزيارتها في منزلها، نظرًا لتدهور حالتها الصحية البالغة.
الراحلة عفاف محمد، البالغة من العمر 85 عامًا، كانت طريحة الفراش منذ فترة طويلة وتعاني من أمراض متعددة، أبرزها الروماتويد المزمن، والخشونة الشديدة في المفاصل، وعجز شبه كامل عن الحركة، ما جعل الأسرة تتوسل إلى وزارة الداخلية عبر طلب رسمي وصفته بـ"الزيارة الإنسانية"، حتى يتمكن القصاص من رؤيتها للمرة الأخيرة، غير أن الطلب لم يُقبل، ولم يُسمح حتى بتسليمه رسميًا.
طلب لم يُسلَّم.. ونداء لم يُسمع
روت إيمان البديني، زوجة القصاص، تفاصيل ما جرى قائلة إنها تقدمت، قبل يومين فقط من وفاة والدة زوجها، بطلب عاجل إلى وزير الداخلية ورئيس قطاع الحماية المجتمعية (مصلحة السجون سابقًا)، للسماح بخروج القصاص مؤقتًا لزيارة والدته المريضة.
وأضافت أن مسؤولي القطاع رفضوا استلام الطلب أصلًا، دون إبداء أسباب واضحة، رغم أنه مدعوم بتقارير طبية تؤكد تدهور حالتها الصحية، وتوصي بضرورة توافر دعم نفسي وعائلي لها في أيامها الأخيرة.
موقف قانوني معقد
وفي تفسير للموقف القانوني، أوضح المحامي الحقوقي مختار منير أن منح إذن بالخروج للمسجون في حالات إنسانية يخضع لتقدير وزير الداخلية أو مدير السجن، بموجب قانون مصلحة السجون ولائحته التنفيذية.
وقال منير إن الدفاع تقدم بطلب مشابه أيضًا إلى النيابة الكلية المختصة، غير أنها رفضت استلامه، مبررة ذلك بأن القصاص لم يعد محبوسًا احتياطيًا وإنما ينفذ حكمًا قضائيًا، وبالتالي لم يعد من اختصاص النيابة التصريح بالخروج في مثل هذه الحالات.
وأشار منير إلى أن هذا التعقيد الإجرائي جعل فرص القصاص في توديع والدته شبه معدومة، لافتًا إلى أن الدفاع لن يتقدم بطلبات جديدة لحضور الجنازة، لأن القرار النهائي في يد الجهات التنفيذية وحدها.
مطالب حقوقية عاجلة
في أعقاب الوفاة، أصدر مركز الشهاب لحقوق الإنسان بيانًا دعا فيه وزارة الداخلية إلى تمكين القصاص من حضور جنازة والدته، وإلقاء النظرة الأخيرة عليها، احترامًا للجانب الإنساني وحرصًا على ما تبقى من حقوقه القانونية.
كما شددت منظمة عدالة لحقوق الإنسان على أن الواقعة تكشف مجددًا ما وصفته بـ"غياب البعد الإنساني في معاملة السجناء السياسيين"، وحرمانهم من أبسط الحقوق المضمونة بموجب القوانين المصرية والمعايير الدولية، ومنها حقهم في وداع ذويهم وتلقي العزاء.
سنوات خلف الأسوار
ألقي القبض على القصاص في 8 فبراير 2018، أثناء عودته من حفل زفاف أحد أصدقائه، ووجهت إليه اتهامات تتعلق بـ"الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين ونشر أفكار تحريضية"، بحسب ما ورد في أوراق القضية.
وفي مايو 2022، أصدرت محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ حكمًا نهائيًا غير قابل للطعن، بالسجن المشدد 10 سنوات على القصاص، و15 عامًا على رئيس الحزب والمرشح الرئاسي السابق عبدالمنعم أبو الفتوح، ضمن القضية رقم 1059 لسنة 2021 أمن دولة طوارئ.
ووفقًا لتقارير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فإن القصاص ظل محبوسًا احتياطيًا لأكثر من أربع سنوات ونصف قبل الحكم عليه، وخلال تلك الفترة تنقل بين أربع قضايا متشابهة من حيث الاتهامات والمضمون، بحيث كان كل قرار بإخلاء سبيله يُعقبه قرار جديد بحبسه في قضية أخرى، دون أن يغادر محبسه فعليًا.

