شهدت أسواق الذهب في مصر يوم السبت 4 أكتوبر 2025 ارتفاعاً ملحوظاً في الأسعار، حيث واصل الذهب موجة صعوده المستمرة منذ أسابيع، متأثراً بالصعود العالمي للمعدن النفيس وزيادة الطلب عليه كملاذ آمن وسط تراجع الثقة بالأسواق والتوترات الجيوسياسية. بلغ سعر غرام الذهب عيار 24 حوالي 5971 جنيهاً للبيع و5942 جنيهاً للشراء، بينما سجل عيار 21 الأكثر تداولاً في مصر 5200 جنيه للشراء و5225 جنيهاً للبيع، وعيار 18 نحو 4457 جنيهاً للشراء و4478 جنيهاً للبيع. كما ارتفع سعر جنيه الذهب إلى نحو 41,800 جنيه للبيع، مع توقعات بمزيد من الزيادة خلال الأيام المقبلة.

هذه الأرقام القياسية جاءت بعد قرار البنك المركزي المصري خفض سعر الفائدة بنسبة 1% مؤخراً، في خطوة وُصفت من قبل خبراء الاقتصاد بأنها متسرعة وغير محسوبة، خصوصاً في ظل استمرار الضغوط التضخمية وعدم استقرار الأسواق العالمية. فبدلاً من أن يؤدي القرار إلى تحفيز الاستثمار أو تخفيف أعباء الدين، انعكس مباشرة على حركة الذهب، حيث اندفع المستثمرون والأفراد إلى تحويل مدخراتهم نحو المعدن النفيس كملاذ أكثر أماناً.
 

تداعيات قرار خفض الفائدة
فيما يخص سوق الصرف الأجنبي، استقر سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار قرب مستوياته السابقة رغم قرار البنك المركزي بخفض الفائدة. إذ بلغ سعر الدولار حوالي 47.69 جنيهاً للشراء و47.83 جنيهاً للبيع. واستقر اليورو عند 56.04 جنيهاً للشراء و56.21 جنيهاً للبيع، والجنيه الإسترليني عند 64.29 جنيهاً للشراء و64.49 جنيهاً للبيع. كما سجل الريال السعودي 12.71 جنيهاً للشراء، والدينار الكويتي 156 جنيهاً للشراء، والدرهم الإماراتي 12.98 جنيهاً للشراء.

ورغم هذا الاستقرار الظاهري في سوق الصرف، فإن انعكاسات خفض الفائدة كانت واضحة على سوق المعادن الثمينة، إذ تعزى زيادة أسعار الذهب إلى عوامل عدة، منها تراجع الفائدة الذي يشجع المستثمرين على اللجوء إلى الذهب كأداة تحوط، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية في المنطقة وعدم استقرار أسعار صرف العملات، مما يدفع للإقبال على الملاذات الآمنة مثل الذهب.
 

خبراء: الحكومة استعجلت القرار دون تهيئة السوق
بحسب تصريحات اقتصاديين ونواب في مصر، عزز خفض الفائدة من قبل البنك المركزي توجه المستثمرين نحو الذهب باعتباره ملاذاً آمناً، ومن المتوقع استمرار هذا الاتجاه مع احتمالات بمزيد من الخفض خلال الفترة المقبلة، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أوسع في أسعار الذهب.

ويرى محللون أن قرار الحكومة والبنك المركزي جاء في توقيت غير مناسب، حيث لم تُتخذ إجراءات موازية لحماية السوق المحلية أو ضبط آليات التسعير، ما جعل الأسعار تنفلت بشكل متسارع. فبينما كان الهدف المعلن من الخفض هو تحفيز الاستثمار والإنتاج، إلا أن النتيجة جاءت عكسية بارتفاع كبير في أسعار الذهب وتزايد المضاربة عليه، في ظل ضعف الثقة بالعملة المحلية وغياب أدوات رقابية فعالة.
 

تأثيرات على المواطن والاقتصاد المحلي
من جهة أخرى، ألقى ارتفاع أسعار الذهب بظلاله على السوق المحلية، حيث تراجعت القدرة الشرائية للمواطنين وتزايد الإقبال على بيع المشغولات القديمة لتغطية الاحتياجات الأساسية. ويرى مراقبون أن هذا الارتفاع سيؤدي إلى موجة جديدة من التضخم غير المباشر، مع ارتفاع أسعار السلع المرتبطة بالذهب مثل أدوات الزينة والحُلي، إضافة إلى تأثيرات سلبية على الصناعات الصغيرة المرتبطة بالمعدن الأصفر.

كما يشير محللون إلى أن استقرار سعر الدولار لا يعكس حقيقة التحديات النقدية، إذ تشهد السوق حالة ترقب وضبابية بسبب سياسات مالية متخبطة لا تراعي إيقاع السوق ولا مصالح المواطنين.

في المحصلة، وبينما تسعى الحكومة إلى تقديم خفض الفائدة كخطوة إيجابية لتحفيز الاقتصاد، تكشف تطورات سوق الذهب عن نتائج عكسية مباشرة أثارت مخاوف المستثمرين والمواطنين على حد سواء. فبدلاً من تحقيق استقرار نقدي، أدى القرار إلى مزيد من الاضطراب المالي وتآكل الثقة بالسياسات الاقتصادية.

وحتى إشعار آخر، يبدو أن أسعار الذهب في مصر ستواصل صعودها القياسي، في انعكاس واضح لتسرع الحكومة في اتخاذ قراراتها النقدية دون دراسة كافية لتأثيرها على السوق والمجتمع.