تحوّلت «الموافقة الأمنية» التي تشترطها الجهات السيادية المصرية لدخول حاملي جنسيات من دول تعيش أزمات وصراعات، من إجراء إداري إلى صناعة قائمة بذاتها تُدرّ أرباحًا بالدولار. باتت تُعرف وسط اللاجئين والوسطاء باسم «سبوبة العرجاني»، في إشارة إلى شبكة وسطاء وشركات سياحة ترتبط بعلاقات وثيقة بدوائر أمنية وتحتكر هذا الملف الحساس. اليوم صارت الرسوم الباهظة، والوساطة، وحتى التهريب عبر الصحراء، ملامح لواقع جديد يحدّد كيفية وصول اللاجئين والمهاجرين إلى مصر.
 

ملخص النتائج

  • أُلغيت الاستثناءات السابقة التي سمحت لحاملي إقامات وتأشيرات أوروبية وخليجية بالدخول دون موافقة مسبقة، واستُبدلت بقرار عام (دخل حيّز التنفيذ منذ 14 ديسمبر 2024) يفرض على فئات واسعة التقدّم للحصول على «موافقات أمنية».
  • ارتفعت أسعار الحصول على هذه الموافقات بشكل غير مسبوق: إذ وصلت أحيانًا إلى 3,000–3,300 دولار للسودانيين، و2,200–2,300 دولار للسوريين عند طلب «الموافقة السريعة»، بينما تراوحت مبالغ جنسيات أخرى بين 100 و500 دولار.
  • يسيطر على الملف عمليًا ثلاث شركات مصرية رئيسية: لاكي تورز، ماستر ترافيل، وأراب أفريكان تورز (الأخيرة حلّت تدريجيًا محل شركة أقدم). هذه الشركات على صلة مباشرة أو غير مباشرة بدوائر سيادية، وفق مصادر التحقيق.
  • يستحوذ الوسطاء المحليون والأجانب على نسب محدودة من المبالغ، فيما تذهب الحصة الأكبر لشركات الموافقات المصرية.
  • تصاعدت كلفة الموافقات فدفع ذلك كثيرين للجوء إلى شبكات التهريب عبر الصحراء، مع ما يحمله ذلك من مخاطر جسيمة على حياتهم.
     

شهادات إنسانية

  • ندى (سورية مقيمة في القاهرة): مُنعت من العودة إلى مصر في 14 ديسمبر 2024 رغم امتلاكها تأشيرة شنغن سارية، بعدما أبلغتها شركة الطيران بوجوب الحصول على موافقة أمنية. لجأت لاحقًا إلى وسطاء عرضوا عليها استخراج الموافقة مقابل مبالغ بالدولار.
  • منذر (سوداني يقيم في الخليج): دفع 1500 دولار مقدّمًا لوسيط سوداني، مع التزام بدفع المبلغ نفسه بعد دخوله مطار القاهرة.
  • مصعب (سوداني): لم يستطع تأمين 3,000 دولار، فاختار عبور الصحراء عبر شبكات تهريب وصفها بأنها «أرخص وأسرع» رغم خطورتها.

 

آلية الموافقات وتكاليفها

  1. تقديم الطلب: عبر وكالات محلية أو وسطاء يجمعون المستندات.
  2. الوسيط والشركات: تُرسل الوثائق إلى شركات سياحة مصرية «قريبة من الدوائر الأمنية».
  3. أنواع الموافقات:
    بطيئة: تستغرق 15–30 يومًا، كلفتها للسوريين نحو 1,150–1,200 دولار.
    سريعة: 3–7 أيام، كلفتها 2,200–2,300 دولار.
  4. الإخطار: تصل القوائم إلى شركات الطيران والسفارات قبل 48 ساعة من السفر.
  5. الدفع: يختلف بين دفع كامل بعد الدخول أو نصف المبلغ مقدمًا.

 

اللاعبون الرئيسيون

  • لاكي تورز (تأسست 1974، ترخيص 111).
  • ماستر ترافيل (تأسست 1985، ترخيص 529).
  • أراب أفريكان تورز (تأسست 1991، ترخيص 869، ويرأسها لواء متقاعد).

إلى جانبهم، يعمل وسطاء سودانيون وسوريون ومصريون يتولون التعامل المباشر مع طالبي الموافقات.
 

أثر القرارات
قبل ديسمبر 2024، سُمح بدخول بعض حاملي تأشيرات وإقامات من الولايات المتحدة وأوروبا والخليج وتأشيرات عند الوصول. أما بعد القرارات الجديدة، فصارت «الموافقة الأمنية» شرطًا مسبقًا، مع إلزام المتقدمين بالحصول على التأشيرة من السفارات بعد صدور الموافقة، بدلاً من منحها عند الوصول.

الأرقام

  • سودانيون: 1,000–3,300 دولار.
  • سوريون: 1,150–2,300 دولار.
  • يمنيون: 125–200 دولار.
  • عراقيون: 200–300 دولار.
  • فلسطينيون (الضفة): 250–500 دولار.
  • تونسيون/مغاربة/جزائريون/لبنانيون: 100–500 دولار.

 

ملاحظات قانونية وإنسانية
يرى محامون وناشطون أن هذه الإجراءات تُسوّغ أمنيًا، لكنها عمليًا فتحت بابًا واسعًا للفساد والوساطة. النتيجة: تحوّلت الحاجات الإنسانية إلى عبء مالي ثقيل على الفئات الأضعف، فيما يُجبر آخرون على اللجوء إلى طرق غير شرعية محفوفة بالخطر.