في تصعيد جديد ضد الأصوات الشبابية على وسائل التواصل الاجتماعي، اعتقلت السلطات المصرية الناشط على "تيك توك" عمر فرج وأخاه صاحب شخصية أم عمر، في خطوة تعكس استمرار سياسة القمع وتكميم الأفواه التي باتت سمة المرحلة.
يأتي الاعتقال ضمن حملة موسّعة استهدفت مؤخرًا العديد من صانعي المحتوى الذين وجدوا في "التوك توك" نافذة للتعبير عن معاناة الشارع وقضاياه. إلا أن هذا الفضاء الرقمي الذي منح الشباب صوتًا بديلًا، تحوّل إلى ساحة مطاردة من قبل الأجهزة الأمنية.
 

من هو عمر فرج؟
عمر فرج شاب مصري عرفه المتابعون من خلال مقاطع فيديو قصيرة على منصة "تيك توك"، حيث تناول في محتواه مشكلات الحياة اليومية، من غلاء الأسعار إلى أزمات المواصلات، بلغة بسيطة ساخرة قريبة من الجمهور.
لاقى محتواه انتشارًا واسعًا، ما جعله واحدًا من الوجوه البارزة في موجة "التوك توكر" الذين يمثلون صوت الشارع المصري المقهور.

غير أن هذا الحضور لم يرق للسلطات، التي باتت تنظر إلى كل تعبير مستقل على المنصات الرقمية كتهديد محتمل، خصوصًا إذا لامس قضايا الفساد أو أزمات المعيشة، وبحجة المساس بالقيم الأسرية، اعتقلته وشقيقه رغم أن دور الرجل الذي يجسد المرأة منتشر في العديد من الافلام أبرزهم اسماعيل ياسين وعبدالمنعم إبراهيم وفي الجيل الحالي شريف منير وتعرض أعمالهم على الشاشة الصغيرة دون حذف.
 

غضب من حملة القمع ضد "التوك توكر"
اعتقال فرج وأخيه ليس حادثًا معزولًا، بل يأتي ضمن سلسلة متواصلة من الاستهداف بدأت خلال العامين الأخيرين.
العشرات من صانعي محتوى "تيك توك" تعرضوا للاستدعاءات الأمنية، والتحقيقات، وأحيانًا للأحكام القضائية بالسجن. التهم عادةً ما تدور حول "بث أخبار كاذبة"، "إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي"، أو حتى "التحريض على الفوضى"، وهي عناوين فضفاضة تُستخدم لتبرير إغلاق المجال العام.

هذه الحملة تكشف عن خوف النظام من قدرة المنصات الجديدة على الوصول إلى شرائح واسعة من المواطنين، خارج سيطرة الإعلام الرسمي الذي فقد مصداقيته لدى الشارع.

ومن جهته أكد الغندور " أي صانع محتوي بمصر لن ينجو من النهب المؤسسي".


وأشار مصطفى " طيب مش كفايه الإعاقة الي عنده ياولاد الو....سخه".

 

وقالت روري " هما بس عملوا قرشين من الڤيديوهات فراحوا يصادروها،هما قاعدين لكل تيك توكر و يوتيوبر بيجيب فلوس من ڤيديوهاته يروحوا يلفقوله تهمة و يصادروا الفلوس حتى لو مبلغ تافه،يسيبوه يعيش؟ما يصحش!عايزين الشباب يا يدمn يا يبقى شمال!".

هما بس عملوا قرشين من الڤيديوهات فراحوا يصادروها،هما قاعدين لكل تيك توكر و يوتيوبر بيجيب فلوس من ڤيديوهاته يروحوا يلفقوله تهمة و يصادروا الفلوس حتى لو مبلغ تافه،يسيبوه يعيش؟ما يصحش!عايزين الشباب يا يدمn يا يبقى شمال!

— Rory Ilka (@RORY_ILKA) September 7, 2025

 

واستغرب حسين الباشا " أنا مش فاهم دوله هيضرم القيم الاسريه في ايه واحد تخين و مناخيره كبيره و سنانه مكسوره و التاني معاق و الدغ دي بقت وزارة المختلين عقلياً".

أنا مش فاهم دوله هيضرم القيم الاسريه في ايه واحد تخين و مناخيره كبيره و سنانه مكسوره
و التاني معاق و الدغ
دي بقت وزارة المختلين عقلياً

— HusseinElBasha (@unknowneddo) September 8, 2025

 

وأضاف حساب الارسنال " وبتوع إيجيبت مش حيقبضوا على حد منهم ولا إيه, ولا دول بتاع الوجه الحضاري لماسر, والمسلسلات بتوع المخابرات اللي فيها العري والكلام الخادش للحياء إعرابه إيه؟".

وبتوع إيجيبت مش حيقبضوا على حد منهم ولا إيه, ولا دول بتاع الوجه الحضاري لماسر, والمسلسلات بتوع المخابرات اللي فيها العري والكلام الخادش للحياء إعرابه إيه؟

— Arsenali 🇵🇸🇸🇪 (@Arsenal33828201) September 7, 2025

 

التوك توك: من وسيلة نقل إلى منصة مقاومة
اللافت أن تسمية "التوك توكر" جاءت من طبيعة المحتوى الذي يقدّمه هؤلاء الشباب، إذ يوظفون البيئة الشعبية المرتبطة بالتوك توك كرمز للطبقة المهمشة. مقاطعهم لا تزيَّن بديكورات فخمة أو معدات تصوير متقدمة، بل تنقل العفوية اليومية وصوت البسطاء. هذه البساطة جعلت منهم مصدر إزعاج للسلطات، التي تدرك أن السخرية من الفشل الاقتصادي قد تكون أبلغ تأثيرًا من الخطب السياسية المعارضة.
وبينما كان يُنظر إلى منصات مثل فيسبوك وتويتر على أنها ساحات المعارضة التقليدية، برز "تيك توك" كأداة أكثر خطورة من وجهة نظر الأجهزة الأمنية، لأنه يخاطب الجيل الأصغر بطريقة أسرع وأكثر انتشارًا.
 

تكميم الأفواه وتضييق المجال العام
اعتقال عمر فرج وأخيه يسلّط الضوء على اتساع الفجوة بين الدولة ومواطنيها. بدلًا من التعامل مع محتوى شبابي ساخر كجرس إنذار أو مؤشر لاحتقان شعبي، تُصرّ السلطة على قمعه. هذه السياسة لا تختلف عن النهج الأوسع الذي اتبعه النظام منذ سنوات في التعامل مع المعارضة السياسية، النقابات المستقلة، وحتى بعض الفنانين.

لكن خطورة استهداف "التوك توكر" تكمن في أنه يوجّه رسالة إلى الجيل الجديد مفادها: لا مكان لأي صوت مستقل حتى لو كان مجرد فيديو ساخر من الأسعار أو البنية التحتية. هذا يهدد بمفاقمة حالة الاحتقان الاجتماعي والسياسي بدلًا من معالجتها.
 

انعكاسات الاعتقال على المشهد الرقمي
إلى جانب الخوف الذي يثيره اعتقال فرج وأخيه لدى صانعي المحتوى الآخرين، هناك أيضًا أثر عكسي يتمثل في التضامن الشعبي. كثيرون أعادوا نشر مقاطع فرج بعد اعتقاله، معتبرين أن التضييق على الشباب لن ينجح في إخماد أصواتهم. مثل هذه الاعتقالات قد تؤدي إلى خلق رموز جديدة للرفض الشعبي، حتى وإن كان النظام يهدف إلى العكس تمامًا.

كما أن الرقابة المتزايدة على "تيك توك" قد تدفع المزيد من الشباب إلى البحث عن منصات بديلة، ما يجعل المطاردة الأمنية أشبه بلعبة القط والفأر التي لا تنتهي.
لذلك قاعتقال عمر فرج وأخيه ليس سوى حلقة جديدة في مسلسل القمع الذي يطال كل من يحاول التعبير عن هموم الشارع المصري خارج الخطاب الرسمي. غير أن هذا النهج يكشف في الوقت ذاته عن هشاشة النظام أمام أصوات عفوية لا تملك سوى هاتف محمول.
ففي بلد يعاني أزمات اقتصادية خانقة، يصبح الخوف من فيديو مدته دقيقة انعكاسًا لمأزق سياسي أكبر: نظام يسعى إلى إسكات أي صوت يذكّره بفشله.