دعا نقيب الفلاحين حسين أبو صدام المواطنين للتوجه نحو شراء الدواجن بعد تراجع أسعارها إلى 75 جنيهاً للكيلو، مقابل الارتفاع الكبير في أسعار اللحوم الحمراء، لتخفيف الضغط المعيشي في ظل الأزمة الاقتصادية.
وأكد وجود لحوم جاموسي قائم بسعر 140 جنيهاً للجزارين، مطالباً بخفض أسعار اللحوم تماشياً مع تراجع التكاليف، وداعماً لجهود الدولة في زيادة الإنتاج المحلي وضبط الأسواق.
نقيب الفلاحين يؤكد أن سعر الكيلو القائم من اللحوم انخفض 50 جنيهًا عن الشهرين الماضيين، لكن الجزارين لم يخفضوا أسعار البيع. وقال إن السعر العادل لا يتجاوز 350 جنيهًا للكيلو، ومن يبيع بـ700 أو 800 جنيه يستغل المواطنين.
آراء النشطاء
فكتب أحمد: "على طلاق بتلاته. لسه حالا بشوف سعر كيلو اللحمة بكام. لقيتوا 400 جنيه. قولت اتعشي فطير وعسل أبيض، وبناقص اللحمة شوفتها حالا دلوقتي. فين بقى نقيب الفلاحين عشان وادي له كف على قفا المسلطح."
https://x.com/Ahmed655323/status/1964400873892638968
وتهكم مالك قائلاً: "يا ريت يا فندم تحدد أنهو جزار بالضبط. يا ترى جزار فواتير الكهرباء، ولا جزار فواتير الغاز، ولا جزار فواتير المياه، ولا جزار الضرائب؟ عشان نفهم من سيادتك بس المشكلة فين."
https://x.com/malek11993011/status/1964286897124962395
أما القعقاع فأشار إلى أن غلاء أسعار اللحوم مترتب على ارتفاع أسعار الأعلاف، وهو نتيجة لرفع الدعم عن المصانع بشكل عام، من كهرباء ومحروقات وغاز، حتى الفلاح كان يزرع أرضه ويشارك في الاقتصاد الموازي للدولة، فرفع الدعم عنه وزيادة سعر الكيماويات ترك الأرض بلا حماية.
https://x.com/hazim37777/status/1964429914226184694
وأضاف هاني: "تجار مين يا ابن الجزمة. فين الدولة؟ ده كل شيء نار."
https://x.com/HanySharef/status/1964298865554694155
وقال محمد: "وإنت وأمثالك لازمتكم إيه؟ شوية شِلّت قاعدين على كراسي."
https://x.com/UocQv/status/1964309133856833928
هذه التعليقات تكشف أن الشارع لم يعد يقتنع بخطاب يحمّل المواطن أو التاجر وحده المسؤولية، بينما يظل النظام الحاكم بعيدًا عن المساءلة.
السيسي وسياسات التجويع
تجاهل أبو صدام، شأنه شأن بقية المسؤولين المقربين من النظام، ذكر الدور المباشر لسياسات قائد الانقلاب السيسي وحكومته في الأزمة.
فمنذ رفع الدعم عن الطاقة والكهرباء والغاز، ارتفعت تكاليف الإنتاج الحيواني والزراعي بشكل غير مسبوق. ومع انهيار قيمة الجنيه أمام الدولار، تضاعفت أسعار الأعلاف المستوردة، لتثقل كاهل المربين والمنتجين.
وبدلاً من أن تتدخل الدولة بسياسات جادة لدعم الإنتاج المحلي أو توفير بدائل غذائية بأسعار عادلة، تُرك المواطن فريسة لجشع التجار وسوء الإدارة الحكومية.
السيسي، الذي لا يتوقف عن التباهي بمشروعات وهمية كالعاصمة الإدارية أو صفقات السلاح، لم يخصص جزءًا من الموازنة لمعالجة ملف الأمن الغذائي.
النتيجة أن لحوم المصريين باتت رفاهية لا يقدر عليها إلا الأثرياء، بينما يُطلب من الطبقة المتوسطة والفقيرة الاكتفاء بالدواجن أو حتى التراجع عن استهلاك البروتين الحيواني أصلاً.
تواطؤ النقابات الصورية مع السلطة
النقاد يرون أن موقف أبو صدام ليس سوى انعكاس لدور النقابات الرسمية التي تحولت إلى أذرع للنظام.
فبدلاً من أن يدافع نقيب الفلاحين عن مصالح الفلاحين والمواطنين، ويتحدث عن أزمة الأعلاف وغياب الدعم الحكومي، انشغل بمهاجمة الجزارين وتوجيه النصائح للمستهلكين.
هذا الدور الملتبس لا يختلف كثيرًا عن خطاب الإعلام الرسمي الذي يلوم الشعب على خياراته المعيشية بدلًا من محاسبة السلطة.
النشطاء يعتبرون أن النقابات في عهد السيسي فقدت استقلاليتها، وصارت مجرد واجهة شكلية تبرر فشل السياسات الحكومية، تمامًا كما فعل أبو صدام في ملف اللحوم.
فحين تُحرم الأسر من أبسط حقوقها الغذائية، لا يمكن أن يكون الحل بالوعظ أو بالتحايل على الواقع، بل بمواجهة الأسباب البنيوية للأزمة، وعلى رأسها السياسات الاقتصادية التي فرضت الجوع على ملايين المصريين.
تصريحات نقيب الفلاحين الأخيرة كشفت عن أزمة أعمق من مجرد ارتفاع أسعار اللحوم. إنها أزمة نظام سياسي واقتصادي كامل يتعمد إلقاء العبء على المواطن البسيط، بينما يبرئ نفسه من المسؤولية.
السيسي وحكومته هم السبب الحقيقي وراء الانفلات السعري، عبر رفع الدعم وتدمير القدرة الإنتاجية المحلية، فيما تتواطأ النقابات والإعلام لتضليل الرأي العام.
أما الشعب، فلم يعد أمامه سوى السخرية والرفض، تعبيرًا عن وعيٍ متزايد بأن "الذبح الحقيقي" ليس من فعل الجزارين وحدهم، بل من سياسات السلطة نفسها.