بينما تغرق مصر في أزماتها الاقتصادية وتراجع مكانتها الإقليمية، لا تجد الحكومة وسيلة للتغطية على هذا العجز سوى تصدير “انتصارات كروية” مؤقتة، وكأن الفوز في مباراة كرة قدم يمكن أن يعالج انهيار العملة أو يوقف بناء سد النهضة.
هذا الاستخدام المفرط للرياضة كأداة دعاية سياسية يكشف حالة الإفلاس التي وصلت إليها السلطة، حيث تُحوَّل لحظات الفرح البسيطة للجماهير إلى مادة للتوظيف السياسي الرخيص.
ردود فعل ساخرة
هذا ما انعكس سريعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لم يتعامل كثير من المصريين مع الفوز على إثيوبيا باعتباره حدثاً رياضياً فقط، بل حوّلوه إلى مساحة للسخرية اللاذعة من الحكومة، معتبرين أن النظام يبحث عن أي إنجاز شكلي للتغطية على فشله في الملفات الجوهرية.
وجاءت ردود الأفعال ممتلئة بالتهكم والانتقاد، رافضةً أن يُقدَّم انتصار كروي بديلاً عن الانتصارات الحقيقية في السياسة والاقتصاد والمياه.
كتبت مُحبة غزة: "أنتم ربحتم المباراة وهم أخذوا النيل!!! مبروك عليكم هذا الفوز العظيم... ومبروك لمصر هذا الإنجاز الرائع..."
أنتم ربحتم المباراة وهم أخذوا النيل!!! مبروك عليكم هذا الفوز العظيم... ومبروك لمصر هذا الإنجاز الرائع...
— 🇩🇿🇵🇸محبة غزة (@lehis_saida) September 5, 2025
وسخرت مروة: "طيب ما تلعبوا مباراة كمان تفتحوا المعبر وتخلصونا من الكيان الصهيوني، وكمان مباراة تقوموا فيها الاقتصاد، ومباراة تنهضوا بالصحة، ومباراة للتعليم.. غسل عقول لأبعد حد".
طيب ما تلعبوا مباراه كمان تفتحوا المعبر و تخلصونا من إسرائيل و كمان مباراة تقوموا فيها الاقتصاد و مباراة تنهضوا بالصحة و مباراه للتعليم.. غسل عقول لأبعد حد 😏
— MA kka kh (@marwa_elkhaldi) September 6, 2025
وأشار محمد سلامة: "انتصارات وهمية لتخدير الشعب"
انتصارات وهمية لتخدير الشعب
— Mohamad Salama (@Mohamad35676718) September 6, 2025
وتهكم عبدالله محمود: "الحمد لله حقوق مصر رجعت قلبي كان حاسس إن حقنا هيرجع في يوم من الأيام أصل ربنا مبيرضاش بالظلم عقبال ما نلاعب السعودية "
الحمد لله حقوق مصر رجعت
— Abdullah Mahmoud (@Abdullah_M_DSV) September 5, 2025
قلبي كان حاسس إن حقنا هيرجع في يوم من الأيام
أصل ربنا مبيرضاش بالظلم
عقبال ما نلاعب السعودية 😉🏝️🏝️
استطرد أبو موكا: "حاجة حزن وخيبة تقيلة.. الصبر من عندك يارب"
حاجة حزن وخيبة تقيلة .. الصبر من عندك يارب 🤲
— AbuMocha (@AyHelw) September 6, 2025
وقال حساب Sofgesh : "مصر جابت جون"
مصر جابت جون
— Sofgesh 🇵🇸 🔻 (@ZOROFY) September 5, 2025
أضاف محمد الهلالي: "يا خيبتنا الثقيلة والله العظيم"
ياخيبتنا الثقيلة والله العظيم
— M.elhelali (@ElhelaliM) September 5, 2025
نوه جورج: "بيأكلوا الشعب الأونطة.. الاختيار 4 هيهدوا السد، وفي المباراة هدوا السد، وحش، والبهايم بتاكل"
بيأكلوا الشعب الاونطة
— gourg (@gourggoun1976) September 5, 2025
الاختيار 4 هيهدوا السد
و فى المبارة هدوا السد
و حش
و البهايم بتاكل
مواقف وتحليلات سياسية
من جانبهم، لم يفوّت محللون معارضون الفرصة للتعليق على هذا المشهد. فقد اعتبر عمرو حمزاوي أن النظام "يُغرق المصريين في إنجازات وهمية لصرف النظر عن أزمات الداخل".
بينما رأى حازم عبد العظيم أن "الاعتماد على كرة القدم لتسكين الغضب الشعبي لا يمكن أن يخفي الكارثة الحقيقية في ملف سد النهضة".
أما الباحث عمار علي حسن، فأكد أن "تسييس الرياضة بهذا الشكل يعكس مأزق السلطة التي لم تعد تملك ما تقدمه سوى شعارات جوفاء".
في حين أشار سيف الدين عبد الفتاح إلى أن "التعامل مع مباراة كرة قدم كمعركة وجودية يفضح خواء الخطاب الرسمي الذي يتهرب من مواجهة الواقع".
خاتمة
وفي النهاية، فبينما يواصل المسؤولون الترويج لفوز كروي عابر، يسخر الشارع المصري بذكاء مرير: إذا كانت مباراة تكفي لإسقاط السد، فلماذا لا نلعب مباراة أخرى لتحرير المعابر؟ وثالثة لإصلاح الاقتصاد؟ ورابعة لعلاج الصحة؟ وخامسة لتطوير التعليم؟
هكذا تتحول كرة القدم في ظل هذا النظام من رياضة شعبية إلى "حل سحري" لكل أزمات الوطن... فقط على الورق، وعلى لسان المعلقين.