قرية شبرا ملس، التي تُعد من أكبر قلاع زراعة وتصنيع الكتان في مصر بمشاركة نحو 80–86% من الإنتاج الوطني، تشهد حرائق متكررة تهدد صناعة بأكملها وتضيع مليارات الجنيهات يوميًا.

ومنذ ساعات اندلع حريق ضخم بشونة للكتان، التهم أطنانا من محصول الكتان في قرية شبراملس في زفتى بمحافظة الغربية، أظهرت الفيديوهات عجز وصرخات الأهالي عن حماية محصولهم وضياع شقى موسم كامل ضحوا فيه بالغالي والنفيس من أجل زراعة تلك الأطنان التي تحولت لكوم من التراب وسط حسرة الأهالي والمزارعين.

https://x.com/i/status/1962440038970802666

وفي وقت سابق اضطرت الحماية المدنية في مايو 2025 إلى تمركز خزان مياه ضخم (35 طن) طوال موسم الكتان، ويُستخدم لخدمة الحرائق الهائلة التي تلتهم الشون بسرعة خارقة، بعد اندلاع حريق ضخم التهم مئات الأفدنة، لكن لم تستطع تلك التمركزات من اخماد الحريق.

وفي حادث آخر مطلع العام نفسه، استمرت النيران لأربع ساعات متواصلة والتهمت نحو 1,000 متر مربع من المحصول، رغم الدفع بـ25 سيارة إطفاء

 

الأهالي يصرخون… والوحدات عاجزة

غضب الأهالي وصل ذروته بعد أن أصبحت القرى "قنبلة قابلة للاشتعال" في أي لحظة بسبب غياب الأمن الصناعي وافتقارها لوسائل الحماية الأساسية.

يقول محمود إبراهيم، أحد المزارعين المتضررين: "نزرع ونتعب طول السنة وفي لحظة نخسر كل شيء، لأن لا يوجد من يطفي الحريق، والسيارات الموجودة مستهلكة".

رغم وعود مسؤولي التنمية المحلية بوحدات إطفاء، لم يُنفّذ شيء على الأرض رغم توفر قطعة أرض بجوار وحدة الإسعاف، وموافقة مبدئية من المحافظة.


الحكومة تتأخر

أهمية الكتان كصناعة وطنية دفع نواب الدائرة إلى تقديم مذكرات عاجلة لرئيس وزراء حكومة السيسي ووزيري الداخلية والتنمية المحلية، مطالبين بوحدة إطفاء متكاملة، وشبكات مياه للحماية، وتشكيل لجنة لتقنين أوضاع المصانع غير المرخصة.

كذلك طالبوا بإقامة مصنع غزل ونسيج حكومي لاستغلال المحصول محليًا بدلًا من تصديره كخام، وإنشاء منطقة صناعية على أراضي الأوقاف المتاحة.

رغم هذه الضغوط، ظلت الاستجابة الحكومية بطيئة، ولم يتم تنفيذ مشاريع جذرية حتى الآن.

 

الأزمة تتسع… والصناعات تنهار

المعضلة تمتد إلى ما هو أعمق من الحرائق، حيث تواجه القرية مشاكل متنوعة بدءًا من إغلاق مصانع والتأخر في إصدار تراخيص، إلى ارتفاع أسعار الأراضي والديون المترتبة على المزارعين.

فقد أدى غلق مصنع طنطا للكتان إلى تشريد مئات الفلاحين نتيجة تعطّل استلام مستحقاتهم، بينما ارتفعت إيجارات الأرض من 1,500 إلى 4,000 جنيه للفدان.

أصحاب المصانع يصفون الوضع بأنه مؤشرات الانهيار الصناعي، مطالبين الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة أو مواجهة تصدّع سلاسل الإنتاج والتصدير.

 

كتان مصر في مهب الريح… لا حماية، لا شراكة، لا خطة

وفي النهاية فقرية شبرا ملس مثال صارخ على إهمال الدولة للمناطق الصناعية الحيوية. فلا حرائقها تُطفأ، ولا ثرواتها يُحمى بها إنتاجها ولا مستقبل صناعتها. التحذيرات والاقتراحات صدحت، من النواب وحتى الأهالي، لكن دون جدوى.

الكتان يتحول إلى رماد تحت عيون الدولة، التي تكتفي بالوعود وتأخير التنفيذ. فقدت الصناعة الوطنية فرصتها، والمزارعون أهْلُها، لا يحصلون إلا على الخراب والقلق الدائم على لقمة العيش. إن لم تنتقل الوعود إلى أرض الواقع، فإن ما ننتظره هو فشل نهائي لصناعة كانت يومًا روح الاقتصاد المحلي.