أثار مشهد رفع الحواجز الأمنية من أمام السفارة البريطانية في القاهرة موجة واسعة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد احتفالات اللجان المؤيدة للسيسي التي اعتبرت الخطوة "دليلًا على قوة الدولة وسيادتها"، وبين انتقادات لاذعة من النشطاء الذين وصفوا المشهد بـ"الاستعراض الإعلامي" الذي يفتقد للموضوعية، متسائلين: لماذا لم تُرفع هذه الحواجز من أمام السفارة الأمريكية والإسرائيلية؟
 

الخطوة المثيرة للجدل: نهاية قيود عمرها سنوات
الإجراء الذي تم خلال الساعات الماضية، وشمل إزالة المتاريس الحديدية والحواجز الخرسانية أمام مبنى السفارة البريطانية في حي جاردن سيتي، اعتبرته وسائل الإعلام الموالية للنظام نجاحًا أمنيًا ورسالة طمأنة للمستثمرين والسياح بأن القاهرة باتت آمنة ومستقرة.

اللجان الإلكترونية أطلقت وسمًا بعنوان #القاهرة_آمنة احتفى بالخطوة، وتداولت صورًا تُظهر عمالًا يرفعون الحواجز ويعيدون فتح الممرات المرورية، وسط إشادة بـ"حكمة القيادة السياسية التي أنهت المشهد الأمني المشدد أمام السفارات الكبرى".
 

ردود فعل النشطاء: ازدواجية واضحة في المعايير
في المقابل، انفجرت وسائل التواصل الاجتماعي بانتقادات حادة، حيث اعتبر كثيرون أن إزالة الحواجز من أمام السفارة البريطانية مجرد خطوة شكلية، لأن الشوارع أمام السفارة الأمريكية والسفارة الإسرائيلية لا تزال مغلقة منذ سنوات.

فكتب الإعلامي محمد ناصر " عودة الأبطال وإغلاق السفارة البريطانية فى مصر .. آخر انجازات السيسي والمخابرات !!".
https://x.com/M_nasseraly/status/1962303282497405398

وأضاف منير الخطير " بغض النظر عن موقف المكايدة لكن انت زعلان ليه علشان الشوارع اللي جنب السفارة البريطانية البلطجية اتفتحت للمصريين والسكان من تاني ؟ حضرتك حفيد اللورد كرومر مثلا ؟ ، يا ريت المصريين في أمريكا يضغطوا علشان نفتح شوارع سفارة أمريكا البلطجية كمان ، الحرية لجاردن سيتي".
https://x.com/farag_nassar_/status/1962135675932659730

الكاتبة الصحفية سيلين ساري.. الدبلوماسية المصرية على طريقة "كيد النسا" قرار القاهرة المفاجئ برفع الحواجز الأمنية عن السفارة البريطانية تحت شعار "المعاملة بالمثل" قد يبدو في ظاهره موقفًا مبدئيًا. جميل… لكن ما النتيجة؟! أُغلق المبنى الرئيسي للسفارة وخرجت لندن لتعلن: "نُعيد تقييم الوضع الأمني في القاهرة." هكذا انقلبت الرسالة من محاولة " لاثبات الذات وحماية النظام" إلى عنوان صارخ: مصر أقل أمانًا.".
https://x.com/egy_technocrats/status/1962119947825365314

الغعلامي هيثم أبو خليل " شكرا لمن أزال الحواجز التي تغلق الشوارع حول السفارة البريطانية أنا مع المعاملة بالمثل ولكن أين ردات الفعل عما فعلته إثيوبيا في مياه النيل هل بتحلية مياه البحر كما صرح مصطفى مدبولي اليوم؟ أين الندية في ما يفعله العدو من احتلال تخومنا وقتل جنودنا وتهجير أهلنا في غزة على حدودنا؟!".
https://x.com/haythamabokhal1/status/1962108847994052671

إحنا حنشيل الحواجز الأسمنتية من عند السفارة البريطانية في القاهرة عشان كرامتنا أهم حاجة بس حفضل اشحت منهم ٤ مليار يورو منهم عشان الكرامة والمعاملة بالمثل رقم واحد عندنا مش قولتلكم النظام ده ماشي بمبدأ حش وارمي للبهايم".
https://x.com/AnasHabib98/status/1962107571608719713

السياسي أسامة رشدي " الأزمة التي افتعلها نظام #السيسي حول السفارات المصرية في الخارج تتطور ككرة الثلج بسبب الإدارة الطفولية من البداية كما تشاهدون من تعليقات أبواق السيسي الإعلامية. فالنظام قرر يرفع الحراسات والحواجز من امام #السفارة_البريطانية_في_القاهرة ردا على اعتقال البلطجي الذي يعمل لحساب الأجهزة؛ #احمد_عبدالقادر_ميدو والذي هدد #أنس_حبيب واعتقل وهو يحمل سلاح أبيض وقاوم السلطات في لندن، ويبدوا ان مشكلته والقضية ضده مستمرة في #لندن رغم الإفراج عنه على ذمة القضية. السفارة البريطانية في القاهرة ردت باغلاق مبناها الرئيسي، وقصر التواصل مع السفارة عن طريق التليفون. ومن المتوقع ان تتسع الأزمة، وربما تشمل سفارات أخرى في القاهرة".
https://x.com/OsamaRushdi/status/1962097124968890666

أحد النشطاء كتب: "يا ريت نفس الشجاعة قدام سفارة الاحتلال.. ولا هناك الموضوع حساس؟".

آخر أضاف ساخرًا: "هو رفع الحواجز من قدام الإنجليز بيأكد السيادة؟ السيادة الحقيقية قدام تل أبيب مش لندن".

النشطاء نشروا صورًا للشوارع المغلقة منذ سنوات حول السفارة الأمريكية التي تحولت لثكنة عسكرية، والسفارة الإسرائيلية التي تحيط بها الحواجز الخرسانية الضخمة. فهل تجرؤ السلطة على رفعها؟ بالطبع لا، لأن الأمر ليس سيادة، بل تنفيذ أوامر الخارج بحرفية.
 

النظام يحتفل بإنجاز وهمي
الإعلام الموالي خرج في ماراثون من التهليل، متحدثًا عن "القاهرة الآمنة" و"هيبة الدولة"، وكأن إزالة بعض الحواجز هي المقياس الحقيقي للأمن والسيادة! اللجان الإلكترونية أطلقت وسم #القاهرة_آمنة في حملة مدفوعة، نشرت صورًا للمتاريس المرفوعة وكأننا أمام فتح عسكري، متجاهلين حقيقة أن مصر تعاني من قمع سياسي خانق وأزمات اقتصادية خانقة.

حقيقة الاستعراض: تلميع للنظام بعد فضائح حقوق الإنسان

الخطوة ليست صدفة، بل جزء من حملة تلميع للنظام أمام الغرب بعد الانتقادات الحادة بسبب الاعتقالات والتضييق على الحريات. الرسالة بسيطة: "انظروا، القاهرة آمنة.. استثمروا عندنا". بينما الحقيقة أن الشعب يعيش تحت القبضة الأمنية، ويُسحق اقتصاديًا.
 

اللجان الإلكترونية: بروباجندا مأجورة
الاحتفالات التي صنعتها اللجان لم تقنع أحدًا. النشطاء سخروا:

"يا جماعة شيلوا الحواجز من قدام الحريات قبل قدام السفارات".

آخر كتب:"هو النظام فاكر إن الإنجليز اللي بيقفوا عند السفارة كانوا سبب أزمة الدولار؟".

هذه البروباجندا الفجة تعكس عقلية النظام الذي يظن أن التجميل الخارجي سيخفي الانهيار الداخلي.

وأخيرا فإن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا السفارة البريطانية فقط؟ لأن رفع الحواجز أمام الأمريكان أو الإسرائيليين خط أحمر. ببساطة لأن النظام لا يملك سيادته، بل ينفذ أجندات القوى الكبرى التي تحميه سياسيًا واقتصاديًا.

النظام يبيع الوهم لشعب مسحوق: يرفع الحواجز من أمام سفارة لندن، بينما يترك سفارات الاحتلال والاستعمار الأمريكي محصنة كالقصور الملكية. المشهد كله رسالة واحدة: نحن أقوياء أمام الضعفاء.. أذلاء أمام الأقوياء.