أثار الكاتب الصحفي جمال سلطان جدلاً واسعًا بعد نشره مقارنة صادمة بين تعامل الدولة مع وزير النقل السابق هشام عرفات، وبين الوزير الحالي كامل الوزير، في سياق تكرار كوارث السكك الحديدية بمصر.
طرح سلطان يسلط الضوء على ما يصفه بـ"حكم العسكر" واختفاء مبدأ المساءلة عندما يتعلق الأمر بقيادات عسكرية، مهما بلغت فداحة الأخطاء.
حادث واحد أطاح بوزير مدني
يذكّر جمال سلطان في مقاله بأن هشام عرفات، وزير النقل السابق، أُقيل من منصبه في فبراير 2019 عقب حادث محطة مصر الشهير، الذي أسفر عن مقتل 22 شخصًا وإصابة 40 آخرين.
ورغم أن التحقيقات أثبتت أن الخطأ المباشر كان من السائق، إلا أن المسؤولية السياسية حُمّلت للوزير المدني، الذي بادر بالاستقالة فورًا في مشهد اعتبره الكثيرون تطبيقًا لمبدأ المحاسبة.
عشرات الكوارث في عهد كامل الوزير بلا محاسبة
على النقيض، يشير سلطان إلى أن كامل الوزير، وهو شخصية عسكرية بارزة، شهدت فترة توليه الوزارة منذ مارس 2019 أكثر من 20 حادثة قطار مروعة، من بينها ستة حوادث كبرى حصدت أرواح نحو 50 شخصًا وأصابت المئات.
ويعدد الكاتب أبرز هذه الكوارث:
- حادث سوهاج (مارس 2021): 32 قتيلاً و108 مصابين.
- حادث طوخ (أبريل 2021): 11 قتيلاً و98 مصابًا.
- حادث الزقازيق (سبتمبر 2024): 4 قتلى و49 مصابًا.
- حادث المنيا (أكتوبر 2024): 3 قتلى و20 مصابًا.
- حادث مطروح (أغسطس 2025): 3 قتلى و94 مصابًا.
ويضيف سلطان أن هذه القائمة لا تشمل مئات حوادث الطرق القاتلة التي حدثت بسبب سوء حالة الطرق وفساد عمليات التسليم والصيانة، إذ تحتاج بعض الطرق إلى إعادة إصلاح بعد أشهر قليلة من افتتاحها.
ازدواجية صارخة.. المدني يُحاسب والعسكري محصن
وفقًا لجمال سلطان، تكشف هذه الوقائع عن ازدواجية خطيرة في تطبيق مبدأ المحاسبة، حيث يُقال الوزير المدني عند أول أزمة، بينما يُحصن الوزير العسكري مهما تكررت الكوارث. يقول سلطان في نص كلماته:
"الوزير المدني يقال بسبب حادث واحد، أما العسكري فيرتكب عشرات الحوادث، ولا يقال، بل يتم الدفاع عنه وتثبيته في مركزه، وربما تكريمه ومكافأته، هذا هو حكم العسكر."
دفاع إعلامي بدل المساءلة
يلفت سلطان إلى أن النظام بدلاً من محاسبة كامل الوزير، يطلق آلته الإعلامية لتبرير الحوادث والدفاع عن الوزير، مستخدمًا خطابًا يلقي باللوم على الموظفين الصغار أو حتى الضحايا، في الوقت الذي تُنفق فيه مليارات الجنيهات على مشروعات لا تُترجم إلى أمان حقيقي للمواطنين.
النتيجة: دماء المصريين بلا ثمن
الحصيلة النهائية لهذه السياسات، كما يحذر سلطان، هي مذبحة متواصلة على السكك الحديدية والطرق، يدفع ثمنها المواطن البسيط الذي يجد نفسه ضحية الإهمال والفساد وغياب المحاسبة. ويؤكد أن استمرار هذه المعادلة يعني أن الأرواح بلا قيمة في دولة يغيب عنها العدل والشفافية.
هل يتغير المشهد؟
يطرح جمال سلطان في ختام مقاله تساؤلاً مريرًا: "كم من الدماء يجب أن تسيل حتى يتحرك مبدأ المحاسبة؟ ولماذا يظل العسكريون بمنأى عن أي مساءلة مهما بلغت الكوارث؟".