تبدأ بعثة صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع المراجعة الخامسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر، وسط ظروف اقتصادية دقيقة وتحديات اجتماعية متفاقمة، وتُعدّ هذه المراجعة محطة حاسمة في مسار البرنامج الذي شهد خلال مراحله السابقة تقلبات واسعة بين الإفراج عن شرائح تمويلية وبين تعثرات أدت إلى تأخير الدعم وفرض إجراءات تقشفية صارمة.

كان الصندوق قد وافق في أبريل الماضي على صرف الشريحة الرابعة من القرض بقيمة 1.2 مليار دولار، بعد الانتهاء من المراجعة الرابعة للبرنامج. ويُنتظر أن تفتح نتائج المراجعة الخامسة الباب أمام صرف شريحة جديدة من التمويل، وسط ترقب شديد من الحكومة والأسواق المالية.
 

برنامج متعثر ومطالب قاسية
   رفعت مصر في مارس 2024 قيمة القرض الموقع مع الصندوق من 3 إلى 8 مليارات دولار، في محاولة لاحتواء أزمة اقتصادية اندلعت مطلع عام 2022 وأثرت بعمق على مستويات المعيشة وسعر صرف الجنيه ومعدلات التضخم.

يركز البرنامج في مراحله الحالية على ثلاثة أهداف أساسية: تحقيق نمو اقتصادي أعلى، توسيع مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، والسيطرة على التضخم المتسارع. غير أن تحقيق هذه الأهداف يصطدم بواقع صعب يتمثل في تباطؤ الاستثمارات، واستمرار عجز الموازنة، وضعف القوة الشرائية للمواطنين.
 

المخاطر المحتملة في المراجعة الخامسة
   
تأخر صرف الشريحة الخامسة: في حال لم تقتنع بعثة الصندوق بجدية الإصلاحات، قد يتأخر صرف التمويل مما يزيد الضغط على السيولة الدولارية والاحتياطي النقدي.

التضخم والاحتجاجات الاجتماعية: سجل معدل التضخم في مارس الماضي أول ارتفاع له منذ ستة أشهر، ليبلغ 13.6% متأثراً بزيادة أسعار الوقود والنقل.
كما شهد مايو 2024 رفع سعر رغيف الخبز المدعم بنسبة 300% لأول مرة منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وهو ما أثار غضباً شعبياً كبيراً.

إرهاق الطبقات المتوسطة والفقيرة: الإجراءات المرتبطة بالمراجعات غالباً ما تُترجم إلى مزيد من التقشف، وهو ما يُضعف الاستقرار الاجتماعي.
 

كوارث المراجعات السابقة: دروس قاسية لم تُستوعب بعد
المراجعات الأربع السابقة شهدت محطات حرجة أثّرت على الاقتصاد والمجتمع بشكل مباشر:

  • المراجعة الأولى: تأخر صرف الشريحة الأولى نتيجة تباطؤ الحكومة في تنفيذ إصلاحات متعلقة بمحاربة الفساد وتوسيع القاعدة الضريبية.
  • المراجعة الثانية: تراجُع حاد في قيمة الجنيه المصري، ما أدى إلى موجة غلاء غير مسبوقة، وهروب ملحوظ لرؤوس الأموال من سوق الأوراق المالية.
  • المراجعة الثالثة: شهدت البلاد أزمة طاقة حادة، وارتفعت فاتورة الكهرباء على المواطنين، في ظل خسائر كبيرة لشركات الكهرباء العامة وتأجيل إصلاحات هيكلية متعلقة بها.
  • المراجعة الرابعة: رغم صرف الشريحة الرابعة، لم تحقق الحكومة تقدماً ملموساً في ملف خصخصة الشركات المملوكة للدولة، كما تآكل الاحتياطي الأجنبي نتيجة انخفاض التحويلات الخارجية والسياحة.