نشر موقع ميدل إيست آي تقريرًا يُوثق الأجواء المشحونة التي شهدتها مدينة القدس خلال عيد الفصح اليهودي، حيث اختفى الفلسطينيون تقريبًا من البلدة القديمة، التي امتلأت بعناصر الشرطة والمستوطنين المسلحين والحواجز الحديدية. أُغلقت كل المحال التجارية، واستُبدلت جموع المصلين المعتادة في محيط المسجد الأقصى برجال أمن مسلحين.

أفادت امرأة فلسطينية من القلائل الذين التقيناهم أن الإسرائيليين "يبصقون علينا ويستهدفون من ترتدي الحجاب"، وأكدت أنها تتجنب الذهاب للأقصى في أي عيد يهودي بسبب تزايد المضايقات.

رافق عناصر الشرطة آلاف المستوطنين إلى باحات المسجد الأقصى، وكان من بينهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وشخصيات سياسية يمينية متطرفة. واحتفل هؤلاء بما وصفوه بـ"رقم قياسي" في أعداد الزوار اليهود لما يسمونه جبل الهيكل. غرّد حساب إدارة جبل الهيكل مشيرًا إلى زيادة بنسبة 37٪ في أعداد المصلين خلال عيد الفصح، حيث بلغ عددهم 6,315 شخصًا.

داخل أحد أقدس المواقع الإسلامية، علت أصوات طقوس يهودية، في مشهد صادم يؤكد حجم التوتر. المسلمون والمسيحيون على حد سواء يشعرون بالغضب، بعد منعهم المتكرر من أداء عباداتهم في أماكنهم المقدسة. مؤسسة الوقف الإسلامي، التابعة للأردن والمشرفة على المسجد الأقصى، فقدت السيطرة تمامًا، وفق ما أكده أحد موظفيها، مشيرًا إلى أن إدخال ألعاب للأطفال إلى مكتبة الأقصى استغرق أكثر من شهر للحصول على إذن به. وأضاف أن سجادًا تبرع به الملك عبد الله الثاني ما زال ينتظر السماح بإدخاله، ما يعكس انعدام تأثير الرعاية الأردنية على أرض الواقع.

القيود لم تقتصر على المسلمين. على الجانب الآخر من البلدة القديمة، تعرض المسيحيون الفلسطينيون للاعتداء على يد الشرطة الإسرائيلية أثناء محاولتهم دخول كنيسة القيامة. وُجه السلاح إلى أحد أعضاء الكشافة الأرثوذكسية، واعتُدي على نساء وأطفال ورجال دين، فتحولت مناسبة دينية إلى ساحة عنف. حتى المبعوث البابوي، أدولفو تيتو يلانا، لم يُسمح له بعبور الحواجز لحضور قداس عيد الفصح.

رغم مزاعم الاحتلال بأن الساحة كانت مكتظة، أظهرت تسجيلات مصورين فلسطينيين أنها كانت شبه خالية. منذ جائحة كورونا، فُرضت قيود مشددة على دخول الكنيسة، بحجة الحفاظ على السلامة العامة، بينما يؤكد الصحفي الفلسطيني ينال جبارين أن هذه القيود تزداد عامًا بعد عام.

يقول الخبير السياسي زافييه أبو عيد، المستشار السابق لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن إسرائيل تنفذ خطة واضحة لتغيير الوضع القائم في الأماكن المقدسة بالقدس. وحذّر من أن نجاحها يعني نهاية الوجود المسيحي الفلسطيني في المدينة، قائلاً: "هم يسعون لإفراغ الحيين المسيحي والأرمني من سكانهما".

وفي غزة والضفة الغربية، اتخذ عيد الفصح طابعًا حزينًا. استُبدلت الاحتفالات بصلوات هادئة ورسائل رمزية تعكس الصمود. في شمال غزة، تواصلت الغارات الإسرائيلية، وتعرض أكبر مستشفى في القطاع للحصار، بينما واصل المسيحيون أداء شعائرهم وسط الدمار.

الراعي الإنجيلي منثر إسحق من بيت لحم صرّح بأن المسيحيين في غزة والضفة يواجهون خطر الفناء نتيجة الهجمات الإسرائيلية المتكررة. وقال: "للعام الثاني نحتفل بعيد الفصح تحت ظل الإبادة الجماعية في غزة". وأضاف أن "فلسطين ما زالت تمشي في طريق الآلام، تعاني الحصار وسياسات الفصل العنصري"، مؤكدًا أن "العنف الذي قتل المسيح لا يزال حاضرًا في أرضنا".

https://www.middleeasteye.net/opinion/jerusalem-christians-celebrate-easter-gunpoint