أعلنت جامعة هارفارد الأميركية عن رفع دعوى قضائية ضد إدارة الرئيس دونالد ترامب، بعد أن قررت الأخيرة تجميد أكثر من ملياري دولار من التمويل الفيدرالي المخصص للجامعة، في ظل تصاعد الاحتجاجات الطلابية الرافضة للحرب الإسرائيلية على غزة، والداعية لحقوق الفلسطينيين.

جاءت الدعوى التي رفعتها هارفارد، لتشكل أول رد قانوني مباشر من مؤسسة أكاديمية كبرى ضد ما تصفه بـ"الإجراءات الانتقامية غير القانونية" من جانب الإدارة الأميركية. وقال آلان غاربر، القائم بأعمال رئيس الجامعة، في بيان رسمي: "الحكومة الفيدرالية اتخذت في الأسبوع الماضي خطوات عدة لمعاقبة هارفارد على موقفها، بعدما رفضنا الرضوخ لمطالب تتجاوز حدود سلطتها القانونية والدستورية. ولهذا رفعنا الدعوى لوقف تجميد التمويل غير القانوني".

 

التمويل مقابل الولاء: تهديدات تطال الجامعات وطلابها

بحسب تقارير إعلامية أبرزها ما نشرته وول ستريت جورنال، فإن قرار إدارة ترامب يشمل تجميد منح وعقود اتحادية متعددة السنوات، ويترافق مع تهديدات بإلغاء الإعفاء الضريبي لهارفارد ما لم تغيّر سياساتها.

وطالبت الإدارة أيضًا بفرض قيود على بعض برامج الجامعة، من بينها إنهاء برامج التنوع والعدالة الاجتماعية، وفرض حظر على استخدام الأقنعة داخل الحرم الجامعي، في إشارة إلى الاحتجاجات الطلابية المتواصلة.

ولم يتوقف الأمر عند جامعة هارفارد، بل شمل قائمة من الجامعات الأميركية الكبرى التي شهدت احتجاجات مماثلة، مثل كولومبيا، وبرينستون، وبراون، وكورنيل، وجامعة بنسلفانيا، ونورثويسترن، والتي جُمد أو أُلغي جزء من تمويلها أيضًا.

 

الاحتجاجات على غزة... محور المواجهة

يأتي هذا التصعيد الحكومي في سياق أوسع من المواجهة بين إدارة ترامب والمؤسسات الأكاديمية، إثر اندلاع موجة احتجاجات طلابية عارمة منذ إبريل/ 2024، احتجاجًا على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي أوقع آلاف الضحايا المدنيين، بحسب منظمات حقوقية.

انطلقت شرارة الاحتجاجات من جامعة كولومبيا، وامتدت إلى أكثر من 50 جامعة أميركية، حيث نصب الطلاب خيامًا داخل الحرم الجامعي ونظموا اعتصامات ومسيرات تطالب بوقف الدعم الأميركي لإسرائيل، وبتحقيق العدالة للفلسطينيين. وشارك في الاحتجاجات طلاب من خلفيات متعددة، بينهم جماعات يهودية مناهضة للحرب.

من جانبه، وصف ترامب، المحتجين بأنهم "متطرفون يشكلون تهديدًا للسياسة الخارجية الأميركية"، واتهمهم بمعاداة السامية، مشيرًا إلى أنهم "يتعاطفون مع حماس".

كما بدأت إدارته باتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد الطلاب الأجانب المشاركين في هذه التحركات، عبر إلغاء مئات التأشيرات، والتهديد بترحيلهم أو منعهم من مواصلة الدراسة.

 

حرب على حرية التعبير؟

تقول الجامعة، ومعها طيف واسع من منظمات حقوقية وأكاديمية، إن إدارة ترامب تسعى إلى فرض رقابة سياسية على الحرم الجامعي، وتستهدف استقلال الجامعات والحق في التعبير عن الرأي والاحتجاج السلمي. وتصف شخصيات أكاديمية القرار بأنه "ابتزاز سياسي"، ومحاولة لفرض أجندة حكومية على مؤسسات مستقلة.

وفيما تشير هارفارد إلى دعم واسع من خريجيها من كبار الأثرياء والسياسيين، الذين يعارضون قرارات ترامب، فإن المعركة القانونية قد تمتد لسنوات، لتشكل سابقة في علاقة الجامعات الأميركية بالحكومة الفيدرالية.