إحالة مخالفات البناء إلى القضاء العسكري.. إرهاب المصريين لإجبارهم على التصالح ودفع الإتاوات
الثلاثاء 22 أبريل 2025 05:00 م
في مخالفة صريحة لنصوص الدستور، كشفت خطاب رسمي موجه من الأجهزة الأمنية إلى رؤساء مدن بمحافظة الجيزة، يشير إلى أن وقائع التعدي بالبناء بدون ترخيص باتت من اختصاص القضاء العسكري، وفقًا لتعليمات صدرت مؤخرًا.
الخطاب الصادر عن مساعد مدير الأمن للشؤون الأمنية، جاء بناءً على كتاب مساعد وزير الداخلية لقطاع أمن الجيزة رقم 4492 المؤرخ في 16 إبريل الجاري، وأكد أن القضاء العسكري أصبح مختصًا، اعتبارًا من هذا التاريخ، بالنظر في جميع قضايا التعديات بالبناء بدون ترخيص.
وشدد الخطاب على مسؤولية المختصين بالمحليات – سواء بالحي أو المركز في تحرير المحاضر اللازمة بشكل فوري داخل أقسام الشرطة، مع ضرورة أن تكون تلك المحاضر مستوفاة لجميع البيانات، والتي تشمل بيانات مالك العقار، والمقاول المنفذ، وشركات الخرسانة الجاهزة المتورطة، مع إيضاح موقف التعدي السابق إن وُجد، وتضمين الرقم القومي لكل طرف.
القرار الحكومي لاقى رفضًا وغضبًا سياسيًا وشعبيًا، وقال حزب المحافظين في بيان له عبر عن رفضه التام لإحالة مخالفات البناء إلى القضاء العسكري، مشددًا على ضرورة احترام الدستور ومبدأ سيادة القانون.
وقال الحزب، إن هذا التوجه يُعد مخالفة صريحة للمادة (97) من الدستور، التي تنص على أن “لا يُحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي، والمحاكم الاستثنائية محظورة”. وأضاف أن الأصل في التعامل مع المخالفات المدنية هو القضاء المدني المختص، الذي يكفل العدالة ويضمن حق الدفاع.
كما حذّر من الزج بالمؤسسة العسكرية في منازعات مدنية، مؤكدًا أن ذلك لا ينسجم مع طبيعة دورها الوطني، ويُعد تراجعًا عن المفهوم المدني للدولة، وينذر بتداخل غير صحي بين السلطات، قد يؤثر على العلاقة بين المواطن والقوات المسلحة.
وأكد الحزب احترامه العميق للقوات المسلحة ودورها في حماية الوطن، لكنه حذّر من أن إدخالها في قضايا مدنية قد يُحدث شرخًا مجتمعيًا، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى تعزيز التماسك الوطني لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
انتهاك للدستور
بدوره، أكد المحامي طارق العوضي، عضو لجنة العفو الرئاسي، رفضه إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري في قضايا المباني المخالفة.
وقال العوضي، في بيان، إن القرار يُعد انتهاكًا صريحًا للدستور، ولا سيما المادة (204) التي تنص على عدم جواز محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، إلا في الجرائم التي تمثل اعتداءً مباشرا على المنشآت العسكرية أو ما في حكمها، وهي شروط لا تنطبق على قضايا البناء المخالف أو التعدي على أراضي الدولة.
وأضاف أن هذا التوجه يمثل تراجعًا خطيرًا عن مبدأ استقلال القضاء الطبيعي، ويُعد انتقاصًا من حقوق المواطنين وضماناتهم القانونية، ما يُعد ضربًا لمبدأ المحاكمة العادلة.
وأكد أن مصر تملك نظامًا قضائيًا مدنيًا قادرًا على الفصل في جميع النزاعات، بما فيها قضايا التعديات العمرانية، ما يجعل اللجوء إلى القضاء العسكري غير مبرر قانونيًا أو دستوريًا.
وطالب العوضي السلطات المختصة بالتراجع عن القرار، وضمان حق المواطنين في المثول أمام قاضيهم الطبيعي، داعيًا جميع القوى الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني إلى التكاتف من أجل وقف هذا “الانتهاك الخطير” للمبادئ الدستورية، وصون ثقة المواطن في منظومة العدالة.
يُذكر أن عدد مخالفات البناء في مصر يُقدّر بنحو 3 ملايين مخالفة، وفق تصريحات سابقة للنائب أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب.
وقبل أيام، أعلنت الحكومة مد العمل بقانون التصالح في مخالفات البناء وتقنين أوضاعها لمدة ستة أشهر إضافية، تبدأ من 5 مايو المقبل.
ويأتي ترافق القراراين، ليعبر عن رغبة جامحة من السيسي لتحصيل مزيد من الإتاوات والأموال من قبل المواطنين، وهو ما يسعى له السيسي منذ سنوات، معبرًا عن توقعاته بتحصيل نحو 7 مليارات جنيه من المصريين.