في ظاهرة غير مسبوقة تعكس أوجه الأزمة الاقتصادية وتداعيات السياسات الزراعية في مصر، تصدّرت أسعار الليمون قائمة اهتمامات المواطنين بعد أن تجاوز سعر الكيلو 200 جنيه في بعض المحافظات، متفوقًا بذلك على أسعار التفاح المستورد، بل وعلى معظم الفواكه الموسمية الأخرى.

ارتفاع الأسعار لم يكن مفاجئًا لدى كثير من المراقبين، إذ جاء في أعقاب قرارات حكومية بفتح باب تصدير الليمون إلى الخارج، في وقت يعاني فيه السوق المحلي من تراجع حاد في الإنتاج بسبب آفة ضربت أشجار الليمون الصيف الماضي، ووسط طلب محلي متزايد مدفوع بتغيرات الطقس ومواسم الأعياد التي يزيد فيها استهلاك الأصفر الحامض.
 

صعود جنوني.. من سوق المرج إلى دمياط
   في أسواق القاهرة الشعبية مثل السيدة زينب والمرج، بلغ سعر الكيلو 150 جنيهًا، فيما قفز إلى 180 جنيهًا في بعض مناطق دمياط، بل تخطى حاجز الـ200 جنيه في مناطق أخرى بالمحافظة نفسها مع اقتراب احتفالات أعياد الربيع، حسب ما أكده بائع الخضروات طارق كرم.

أما في محافظات الصعيد مثل الأقصر والمنيا، فتراوحت الأسعار بين 120 و150 جنيهًا للكيلو، وسط حالة من الغضب الشعبي، ومطالبات بوقف تصدير المحصول حتى استقرار السوق المحلي.

يقول صالح علي، بائع في سوق المرج: "الناس بدأت تشتكي والبيع قل جدًا. بقينا نتحايل على الزبون يشتري ليمون في موسمه".

وفي شبين الكوم، علّق البائع محمد عبد الرحمن على الحال قائلاً: "الناس بتيجي تسأل، ولما تعرف السعر بتمشي. محدش قادر يشتري".
 

أزمة معيشية في طبق السلطة
   تحولت ثمار الليمون من مكون أساسي في طعام المصريين إلى سلعة فاخرة يشتريها المواطن بالقطعة. تقول أم محمود، ربة منزل: "كنا زمان بنستخدمه في كل حاجة.. دلوقتي بنحسب كل نقطة، ولما غلي البلدي لجأنا للأضاليا، لكنه كمان غلي".

وتؤكد سميرة أحمد، موظفة: "كنت بشتريه يوميًا طازج، النهاردة بشتريه على قد الحاجة وبقيت أستغنى عنه كتير".

وفي القليوبية وكفر الشيخ، وصل السعر إلى 160 جنيهًا، بالتزامن مع ارتفاع تكاليف النقل والإنتاج إثر الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود، ما فاقم العبء على المواطن البسيط، بحسب تجار ومواطنين.
 

التصدير في قلب العاصفة
   يرى خبراء وتجار أن تصدير الليمون رغم تراجع الإنتاج هو السبب الرئيس في إشعال الأسعار، إذ أشار نائب رئيس شعبة الخضروات والفاكهة باتحاد الغرف التجارية، حاتم النجيب، إلى أن "زيادة حجم التصدير تسببت في تفريغ السوق المحلي من المعروض، رغم تضرر أشجار الليمون بآفة زراعية، وتراجع الإنتاج بشكل ملحوظ".

وأكد النجيب أن العجز سيستمر حتى يوليو المقبل، وهو موعد بدء الموسم الزراعي الجديد، مؤكدًا أن "الأسعار ستظل مرتفعة حتى تعافي الأشجار وعودة الإنتاج تدريجيًا".

وبحسب مصادر زراعية، فإن أبرز مناطق الإنتاج مثل محافظة البحيرة شهدت أضرارًا بالغة بسبب العوامل المناخية والآفات، ما أدى إلى انخفاض كبير في المحصول.
 

بدائل فاشلة.. والأضاليا في مرمى الغلاء
   مع تراجع القدرة على شراء الليمون البلدي، اتجه المواطنون لاستخدام بدائل مثل الليمون الأضاليا، أو حتى الخل، لكن تلك البدائل لم تصمد أمام موجة الغلاء، إذ ارتفع سعر الأضاليا إلى 50 جنيهًا، وأحيانًا 100 جنيه، بحسب الجودة والمنطقة.

وتقول فاطمة علي، ربة منزل، مضيفة:"حتى البديل مبقاش بديل دلوقتي ممكن أشتري تفاح أرخص من الليمون".
 

المناخ والوقود.. عوامل متشابكة
   لا يقف الأمر عند الإنتاج وحده، إذ تداخلت عوامل أخرى في مشهد الغلاء، منها ارتفاع أسعار الوقود، والتي انعكست على تكاليف النقل والتوزيع، ما زاد من تكلفة المنتج النهائي في الأسواق.

الإعلامي أحمد موسى، علّق في برنامجه "على مسئوليتي" قائلاً: العجيب يا مصريين، كيلو الليمون في مصر أغلى من كيلو التفاح.. كيلو الليمون بـ100 جنيه، وفي بعض الأماكن وصل لـ130 جنيه، في حين أن كيلو التفاح يبدأ من 80 جنيه".

وأشار موسى إلى أن المواطنين عبروا عن استيائهم من ارتفاع الأسعار، ووجهوا رسائل مباشرة إلى الحكومة ورئيس الوزراء، مطالبين باتخاذ إجراءات عاجلة للسيطرة على الأسعار.
 

ِشاهد:
https://www.youtube.com/watch?v=Q232ZhojU7U
https://x.com/AlshoubBreaking/status/1911856987022696726