أشارت كارلا سليم، الخبيرة الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وباكستان في بنك ستاندرد تشارترد، إلى أن التوقعات تشير إلى استمرار مسار تعافي الاقتصاد المصري، مدعومًا بزيادة الاستثمارات وتراجع معدل التضخم.
وخلال مؤتمر صحفي عُقد أمس الاثنين في القاهرة، أوضحت سليم أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر من المتوقع أن يصل إلى 4% خلال عام 2025، على أن يستمر في التحسن ليبلغ 4.5% بحلول عام 2026، وفقًا لتقديرات البنك.
وأوضحت سليم أن البنك يتوقع أن يتراوح معدل النمو للاقتصاد المصري بين 4.5% و6% خلال فترة تمتد من 12 إلى 18 شهرًا من الآن، أي بنهاية عام 2026. وأكدت مجددًا أن تعافي الاقتصاد المصري سيظل مدفوعًا بالتدفقات الاستثمارية وتباطؤ وتيرة التضخم، وهو ما يعزز من أداء الاقتصاد الكلي خلال الفترة المقبلة.
وفي سياق متصل، تناولت سليم تداعيات القرارات التجارية الأمريكية، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تواجه تحديات اقتصادية واضحة جراء فرض الرسوم الجمركية، بما في ذلك تراجع تراكمي في النمو الاقتصادي يصل إلى نقطة مئوية واحدة خلال عامين، حسب تقديرات البنك. وأضافت أن الأسعار المحلية في السوق الأمريكية مرشحة للارتفاع بنسبة 2.3% خلال نفس الفترة، نتيجة لهذه الرسوم، رغم القرار المؤقت الذي اتخذته الإدارة الأمريكية لتعليقها.
وشددت على أنه لا يوجد طرف رابح في الحرب التجارية، معربة عن تفاؤلها بأن تؤدي المفاوضات الجادة والنوايا الحسنة إلى تحسين الوضع العالمي. ولفتت إلى أن التعريفات الجمركية المفروضة شملت نسبة أساسية بلغت 10% على دول مجلس التعاون الخليجي ومصر ودول المنطقة بشكل عام، وهو ما يُعزى إلى الفوائض التجارية التي تحققها هذه الدول مع الولايات المتحدة.
تخارج الأموال الساخنة
وفي جانب آخر من المؤتمر، كشفت سليم أن الأسواق المالية شهدت خروج نحو 3 مليارات دولار من "الأموال الساخنة" من مصر خلال الأسبوع الماضي، في إشارة إلى استمرار الضغوط على السيولة الأجنبية رغم مؤشرات التعافي الاقتصادي.
كما توقعت سليم أن يتراجع معدل التضخم في مصر إلى ما بين 10% و15% بحلول نهاية عام 2025، مشيرة إلى أنه من المنتظر أن يحقق معدل التضخم مستهدفات البنك المركزي المصري البالغة 9% مع نهاية عام 2026، مما يعكس نجاح السياسات النقدية المتبعة في السيطرة على الأسعار.
54 جنيهًا للدولار
وفيما يتعلق بأسعار الصرف، قالت الخبيرة الاقتصادية إن التوقعات تشير إلى أن سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري سيصل إلى 52 جنيهًا خلال عام 2025، على أن يشهد مزيدًا من الارتفاع ليصل إلى 54 جنيهًا للدولار في عام 2026، وفقًا لتقديرات البنك.
وكان سعر الدولار الأمريكي قد تراجع بشكل ملحوظ أمام الجنيه المصري خلال تعاملات يوم الاثنين، حيث سقط أدنى 51 جنيهًا في بعض البنوك المصري بعد تصريحات محافظ البنك المركزي بشأن مرونة سعر الصرف في مصر، بجانب الكشف عن تحديثات جديدة بشأن التصنيف الائتماني للبلاد.
وحذر محمد عبد الحميد، خبير أسواق المال، من تداعيات مباشرة على الجنيه، متوقعًا انخفاض قيمته بنسبة تصل إلى 7%، مع تصاعد التضخم إلى مستويات قد تتجاوز 30%.
وأشار إلى أن زيادة التكلفة الجمركية ستقلص عوائد الصادرات المصرية، وتضغط على احتياطي النقد الأجنبي، ما سيزيد الطلب المحلي على الدولار ويدفع البنك المركزي نحو العودة إلى سياسات نقدية متشددة قد ترفع سعر الفائدة إلى مستويات قياسية.
ورغم أن مصر كانت من الدول التي واجهت أقل نسبة من الرسوم التي أعلنها ترامب -10% فقط مقارنة بـ17% على إسرائيل و39% على العراق- إلا أن الأسواق الناشئة لم تكن بمنأى عن التداعيات، حيث فرّ المستثمرون الأجانب من الأصول ذات المخاطر العالية نحو الملاذات الآمنة.