يواصل المستوطنون الإسرائيليون تنفيذ عملية ضم فعلي لأجزاء واسعة من الأراضي الريفية في الضفة الغربية المحتلة، مما أدى إلى تهجير شبه كامل للبدو في العديد من المناطق، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة الجارديان.

على مدار سنوات، تم توثيق نشاط المستوطنين وعنفهم في المنطقة "ج" الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية بموجب اتفاق أوسلو 1993، لكن المستوطنين وسعوا نطاق نشاطهم مؤخرًا ليشمل المناطق الريفية في المنطقة "ب"، التي تخضع للسيطرة المدنية الفلسطينية.

وفي الوقت الذي طرح فيه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب فكرة نقل الفلسطينيين من غزة، ما اعتبر تأييدًا لسياسة التطهير العرقي، يتسارع التهجير القسري في الضفة الغربية، حيث يتعرض الفلسطينيون في المنطقة "ب" لضغوط متزايدة من المستوطنين المدعومين من اليمين المتطرف الإسرائيلي.

 

إفراغ المنطقة من البدو واستيلاء المستوطنين

في منطقة تقع بين بيت لحم والبحر الميت، بالقرب من مستوطنة تقوع، تم محو أي أثر للبدو الذين عاشوا هناك لعقود. أما في مناطق أخرى، فما زال البعض يتعرض للمضايقات والعنف من المستوطنين.

في تلك الأراضي القاحلة ذات الوديان العميقة والتلال الصخرية، كان البدو يعتمدون على الرعي خلال الشتاء، أو زراعة المحاصيل الموسمية في الوديان. لكن اليوم، تم الاستيلاء على تلك الأراضي من مستوطنين أقاموا بؤرًا استيطانية غير قانونية، تمتد من مستوطنة تقوع عبر التلال، متصلة بشبكات مياه غير شرعية لري الأشجار التي زرعها المستوطنون بدلاً من المساحات التي كانت مخصصة لرعي الأغنام.

وقال يوني مزراحي، الباحث في منظمة السلام الآن، إن إفراغ هذه المنطقة من سكانها البدو تسارع بعد هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، وهو الحدث الذي أدى إلى تصعيد كبير في نشاط المستوطنين في الضفة الغربية.

وأضاف: "يمكنك رؤية مدى الفراغ الذي خلفه التهجير، باستثناء بعض البؤر الاستيطانية. المستوطنون يقدمون أنفسهم كـ 'مزارعين'، لكن الحقيقة أنهم يسعون للسيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية، حتى دون الحاجة إلى دعم الجيش الإسرائيلي".

وكشف مزراحي أن عام 2024 شهد إنشاء 59 بؤرة استيطانية غير قانونية، وهو رقم قياسي مقارنة بالسنوات السابقة التي كانت تشهد ما بين صفر و12 بؤرة في العام.

 

عنف المستوطنين وإرهاب السكان

في منطقة مِنيّة، حيث يقع مكب نفايات ضخم على أطراف الصحراء، ما زالت بعض العائلات البدوية تحاول الصمود، رغم العنف المستمر من المستوطنين المتطرفين.

يقول جميل وشقيقه مجاهد شلالدة، اللذان يعيشان في مخيم صغير: "لقد عشنا هنا منذ 52 عامًا، لكن المستوطنين وصلوا قبل ثلاثة أشهر فقط، ومنذ ذلك الحين نعيش في خوف دائم."

ويضيف: "كان هناك عائلة أخرى هنا، لكنهم غادروا خوفًا من الاعتداءات. ليس لدينا مكان آخر نذهب إليه."

ووفقًا لشهادات السكان، قام المستوطنون، المعروفون باسم "قطيع إبراهيم"، بمهاجمة المخيم وسرقة المعدات وإشعال الحرائق وإطلاق الكلاب على الأطفال. ورغم تقديم شكاوى للشرطة الإسرائيلية، إلا أنها لم تفعل شيئًا.

 

الهدف: إنهاء أي إمكانية لدولة فلسطينية

يؤكد يهودا شاؤول، من مركز أُفق الإسرائيلي للشؤون العامة، أن ما يجري في تقوع ليس حالة فردية، بل جزء من مخطط واسع يهدف إلى طرد الفلسطينيين من أراضيهم.

وقال شاؤول: "في الأشهر الـ12 التي سبقت 7 أكتوبر 2023، تم تهجير حوالي 100 فلسطيني بسبب عنف المستوطنين، لكن بعد الهجوم، ارتفع العدد إلى 1400 شخص."

وأضاف: "قبل ثلاث سنوات ونصف، كانت هناك 240 ألف دونم ممنوعة على الفلسطينيين بسبب عنف المستوطنين. اليوم، وصل الرقم إلى 800 ألف دونم، أي 12% من مساحة الضفة الغربية".

 

"المسمار الأخير في نعش الدولة الفلسطينية"

بحسب شاؤول، فإن المستوطنين انتقلوا من فرض السيطرة على "المنطقة ج" إلى تفتيت أراضي الفلسطينيين في "المنطقة ب"، في محاولة لقتل أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وأضاف: "الآن، لم يعد الهدف محصورًا باحتواء الفلسطينيين في المناطق "أ" و"ب"، بل أصبحت المساحات المفتوحة في الضفة الغربية مستهدفة بالكامل، حيث يزعم المستوطنون أنها ملك لهم".

واختتم قائلًا: "إنهم يحاولون وضع آخر مسمار في نعش الدولة الفلسطينية".

https://www.theguardian.com/world/2025/feb/13/last-nail-in-the-coffin-israeli-settlers-push-on-with-fresh-west-bank-land-grab