في تحليل كتبه الصحفيتان كاثرين هيرست وديانا العقاد، يوضح موقع ميدل إيست آي كيف تصاعدت عمليات تسليم المعارضين العرب في دول الشرق الأوسط في الأشهر الأخيرة، من خلال نظام مذكرات اعتقال غامض يديره مجلس وزراء الداخلية العرب.
ويثير هذا الأمر مخاوف متزايدة لدى النشطاء السياسيين، حيث يبدو أن بعض الحكومات تستغل هذا النظام لتصفية الحسابات السياسية بعيدًا عن الرقابة الدولية.
في نوفمبر الماضي، تلقى أحمد كامل، وهو مصري يبلغ من العمر 34 عامًا ويقيم في السعودية منذ نحو عقد، استدعاءً إلى مركز شرطة جدة الجنوبي دون إبلاغه بالسبب.
وبعد تنقله بين المكاتب، قيل له في البداية إنه لا توجد أي قضية ضده، لكنه سرعان ما استُدعي مجددًا ليُبلّغ بأن مصر تطالب بتسليمه دون توضيح التهم الموجهة إليه.
كان كامل قد فرّ من بلاده عام 2015 بعد مشاركته في احتجاجات الثورة المصرية، والتي تعرّض خلالها للاعتقال والتعذيب. وفي 2017، صدر ضده حكم بالسجن المؤبد غيابيًا. في الفترة التي سبقت اعتقاله، كان يسعى للحصول على تأشيرة لمّ شمل للانتقال إلى الولايات المتحدة للعيش مع زوجته وأطفاله في نيويورك.
لكن منذ توقيفه، لم تتمكن عائلته من معرفة أي تفاصيل رسمية عن قضيته، وتخشى زوجته من تسليمه المفاجئ إلى مصر، حيث قد يواجه التعذيب أو الاختفاء القسري.
لم يكن كامل الوحيد الذي واجه هذا المصير. فقد تم توقيف أربعة أشخاص على الأقل خلال الأشهر الأخيرة بناءً على طلبات تسليم مشبوهة.
من بين هؤلاء، عبد الرحمن يوسف القرضاوي، الشاعر والناشط المصري الذي اعتقل في لبنان بعد زيارته لسوريا وظهوره في فيديو يحتفل بسقوط نظام بشار الأسد.
ورغم أن مصر والإمارات طلبتا تسليمه، إلا أن لبنان سلمّه إلى الإمارات سريعًا، حيث اختفى عن الأنظار تمامًا، ولم تسمع عائلته عنه شيئًا منذ ذلك الحين.
كذلك، واجه المعارض الكويتي سلمان الخالدي مصيرًا مشابهًا.
فبعد لجوئه إلى المملكة المتحدة، قرر زيارة العراق لكنه اعتُقل هناك وسُلّم إلى الكويت بسرعة قياسية، رغم قلق منظمات حقوق الإنسان من أنه يواجه أحكامًا تصل إلى 40 عامًا من السجن بسبب انتقاداته العلنية للحكومة الكويتية.
تشير التقارير الحقوقية إلى أن مجلس وزراء الداخلية العرب أصبح أداة رئيسية تستخدمها بعض الحكومات لتجاوز إجراءات الإنتربول الأكثر صرامة فيما يخص الترحيل السياسي.
فبينما تتطلب طلبات الإنتربول مراجعات قانونية مكثفة لمنع تسليم المطلوبين لأسباب سياسية، يبدو أن المجلس يُستخدم كمسار بديل يسمح باعتقال المعارضين وتسليمهم بسرعة ودون تدقيق.
وفي كثير من الحالات، تتسبب هذه الآلية في حالة من الغموض القانوني، حيث يختلط الأمر بين الإنتربول ومجلس وزراء داخلية العرب، مما يُصعّب على المحامين والعائلات فهم كيفية التصرف قانونيًا لحماية المعتقلين.
كما أن بعض الدول تسارع إلى تنفيذ أوامر التسليم دون إعطاء المعتقلين فرصة الدفاع عن أنفسهم أو استئناف قرارات التسليم.
من أبرز المشكلات في هذه الموجة الجديدة من القمع هو السرعة التي يتم بها اعتقال وترحيل الأفراد، إذ يتم ذلك في غضون أيام أو أسابيع فقط، دون منحهم الوقت الكافي للطعن قانونيًا في قرارات الترحيل.
على سبيل المثال، تم تسليم القرضاوي إلى الإمارات خلال أقل من 24 ساعة من موافقة الحكومة اللبنانية على تسليمه، بينما اختفى رجل الأعمال الإماراتي خلف الرميثي فجأة من سجن في الأردن قبل أن تعلن الإمارات لاحقًا أنها استلمته.
منظمات حقوق الإنسان، بما في ذلك منا لحقوق الإنسان وخبراء الأمم المتحدة، حذّروا مرارًا من استغلال مجلس وزراء داخلية العرب لأغراض سياسية، مطالبين بمزيد من الشفافية والمحاسبة.
لكن رغم هذه التحذيرات، يبدو أن بعض الدول العربية تستخدم هذا النظام بشكل متزايد لاستهداف المعارضين دون الحاجة للخوض عبر الإجراءات الدولية التقليدية.
ما يحدث حاليًا يمثل تهديدًا خطيرًا لحقوق الإنسان في المنطقة العربية، حيث باتت الأنظمة السلطوية تتعاون بشكل غير مسبوق لتبادل المعارضين عبر الحدود.
ومع تزايد حالات الترحيل السياسي، يجد المعارضون العرب أنفسهم في مأزق قانوني خطير، حيث يمكن اعتقالهم في أي لحظة وتسليمهم إلى دول قد يتعرضون فيها للتعذيب أو حتى الإعدام.
https://www.middleeasteye.net/big-story/aimc-are-arab-dissidents-facing-new-wave-repression