شهدت الصحافة المصرية تطوراً دراماتيكياً مع إعلان نقابة الصحافيين عن ارتفاع عدد الصحافيين المحبوسين من 19 إلى 24، وذلك رغم جهود بذلت خلال العام الماضي لخفض أعداد المحبوسين وإغلاق ما وصفته النقابة بـ"الباب الدوار" لاعتقال الصحافيين.
البيان الختامي للمؤتمر العام السادس للنقابة، الذي انعقد على مدار ثلاثة أيام، كشف عن تحديات كبرى تواجه الصحافيين في مصر، تتراوح بين قيود على الحريات وأزمات اقتصادية وتكنولوجية.
واقع الحريات.. قيود متزايدة وأرقام صادمة
أفاد بيان النقابة أن من بين الصحافيين المحبوسين، هناك 15 صحافياً تجاوزت فترات حبسهم الاحتياطي عامين كاملين، وهو ما يعد انتهاكاً للقانون المصري الذي ينص على حد أقصى للحبس الاحتياطي لمدة عامين.
بل وصل الحال ببعض الصحافيين إلى قضاء خمس سنوات كاملة في الحبس الاحتياطي، دون محاكمة، ما دفع النقابة إلى المطالبة بتطبيق القانون والإفراج عنهم فوراً.
أزمات مهنية واقتصادية
ناقش المؤتمر التحديات الاقتصادية والمهنية التي تواجه الصحافة المصرية في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة.
وأشار إلى أن أزمة تراجع الحريات لم تؤثر فقط على أداء الصحافيين، بل امتدت لتنعكس على أوضاعهم الاقتصادية، حيث يعاني العديد منهم ظروفاً صعبة نتيجة غياب الدعم المالي وتراجع فرص العمل.
كما أظهرت نتائج استبيان أجرته النقابة، بمشاركة 1568 صحافياً، أن 88% من المشاركين يعانون أزمات مهنية واقتصادية حادة.
وأوضحت النقابة أن هذا الاستبيان يرسم خريطة واضحة لأوجاع الصحافيين، ويؤكد الحاجة الملحة إلى تطوير الهيكل النقابي ليكون قادراً على الدفاع عن حقوقهم.
مواجهة التحديات.. نقابة أقوى أم استسلام للواقع؟
خلال المؤتمر، أكدت النقابة أنها أمام مفترق طرق: إما الاكتفاء بالنقاش داخل الغرف المغلقة، وإما مواجهة الواقع بشجاعة والعمل على بناء نموذج إعلامي جديد يقوم على الشفافية والمصداقية والابتكار.
وشددت النقابة على أهمية تحرير الصحافيين من القيود التشريعية والمهنية والاقتصادية التي تعيق أداءهم، معتبرة أن الحرية هي الركيزة الأساسية لأي ممارسة صحافية ناجحة.
كما تناول المؤتمر الأزمة التي تعيشها المؤسسات الصحافية المصرية، التي تعاني صراعاً بين الصحافة الورقية والإلكترونية، وسط تحديات اقتصادية خانقة جعلت العديد منها عاجزاً عن مواكبة التطورات التكنولوجية.
وأشارت النقابة إلى أن الحل يكمن في الاستثمار في تطوير الكوادر الصحافية، وإعداد محتوى يلبي احتياجات الجمهور، مع تعزيز التكامل بين المؤسسات الصحافية المختلفة.
تحية لشهداء الصحافة الفلسطينية وموقف ثابت ضد التطبيع
خصص المؤتمر جانباً من أعماله لتوجيه تحية إجلال وإكبار إلى 194 شهيداً من الصحافيين الفلسطينيين الذين ضحوا بأرواحهم خلال العدوان الأخير على قطاع غزة.
وأكد البيان الختامي موقف النقابة الثابت برفض كافة أشكال التطبيع مع الاحتلال الصهيوني، سواء على المستوى المهني أو الشخصي، مشدداً على أن هذا الموقف سيظل قائماً حتى تحرير كافة الأراضي المحتلة.
خلص المؤتمر إلى عدة توصيات تهدف إلى تحسين واقع الصحافة المصرية، أبرزها:
- إطلاق سراح الصحافيين المحبوسين: مطالبة الجهات المعنية بالالتزام بالقانون وإنهاء الحبس الاحتياطي الطويل.
- تعزيز دور النقابة: تطوير هيكلها المؤسسي لتكون قادرة على الدفاع عن حقوق الصحافيين وتمثيلهم بشكل أفضل.
- مواكبة التطورات التكنولوجية: دعم المؤسسات الصحافية لتحديث أدواتها وإمكاناتها بما يتلاءم مع العصر الرقمي.
- إصلاح التشريعات: مراجعة القوانين المتعلقة بالصحافة لضمان حرية التعبير وحماية حقوق العاملين في المهنة.
- تحسين البيئة الاقتصادية: تقديم الدعم المالي للمؤسسات الصحافية والصحافيين، لتخفيف الأعباء الاقتصادية وتعزيز استقلالهم.