في قرار مفاجئ وغير متوقع، أصدر عبد الفتاح السيسي عفواً رئاسياً عن 54 معتقلاً من سكان محافظة شمال سيناء، بعد أيام قليلة من صدور أحكام عسكرية قاسية بحقهم في قضايا تتعلق بتظاهرات تطالب بحق العودة إلى أراضيهم في مدينة رفح.
القرار الذي جاء بعد جدل واسع في الساحة السياسية والحقوقية، أدى إلى إلغاء الأحكام العسكرية التي كانت قد صدرت في 14 ديسمبر الجاري بحق المعتقلين الذين شاركوا في تظاهرات سلمية قبل نحو 9 أشهر.
العفو يشمل أبرز الرموز القبلية والنشطاء
مصادر قبلية مطلعة أكدت أن العفو شمل العديد من المعتقلين البارزين في القضية، ومن بينهم الشيخ صابر حماد الصياح، أحد أبرز زعماء قبيلة الرميلات في سيناء، الذي كان قد صدر ضده حكم بالسجن 7 سنوات.
كما شمل العفو نجليه عبد الرحمن ويوسف، اللذين كانا قد حكم عليهما بالسجن لمدة 10 و3 سنوات على التوالي، بالإضافة إلى ذلك، تم الإفراج عن 11 معتقلاً آخرين كان قد صدر بحقهم أحكام بالسجن لمدة 7 سنوات، و41 آخرين حكم عليهم بالسجن 3 سنوات.
كما تم إلغاء الأحكام الغيابية التي صدرت بحق 7 متهمين، من بينهم الصحافيان حسين القيم وعبد القادر مبارك.
الخلفية والتطورات.. تظاهرات "حق العودة" في أكتوبر 2023
تعود أحداث القضية إلى أكتوبر 2023، عندما تجمع المئات من سكان شمال سيناء من أبناء قبيلتي الرميلات والسواركة في تظاهرات سلمية مطالبة بحق العودة إلى أراضيهم في رفح، وكانوا يعارضون مخططات صهيونية تهدف إلى دفع الفلسطينيين إلى سيناء.
هذه التظاهرات، التي اندلعت في مناطق قريبة من مدينة رفح وقرية الزوارعة جنوب مدينة الشيخ زويد، أثارت موجة من الاحتجاجات والمطالبات الشعبية بعودة الحقوق المشروعة للمواطنين الذين تم تهجيرهم قسراً.
الاحتجاجات الحقوقية والانتقادات للأحكام العسكرية
تزامن إصدار الأحكام العسكرية مع صدور بيان مشترك من 17 مؤسسة حقوقية مصرية، بما في ذلك المفوضية المصرية للحقوق والحريات، التي استنكرت بشدة هذه الأحكام وطالبت بإلغائها.
وجاء في البيان أن هذه الأحكام، الصادرة في 14 ديسمبر عن محكمة الجنايات العسكرية بالإسماعيلية، تعكس تصعيدًا خطيرًا في السياسات المصرية تجاه السكان المهجرين قسرًا.
كما أكدت المؤسسات الحقوقية أن المحاكمة العسكرية للمعتقلين لم توفر لهم الضمانات الأساسية للعدالة، مشيرة إلى أن الأحكام قاسية للغاية بالنظر إلى طول مدة العقوبات، وهي تمثل انتهاكًا لحق المواطنين في التظاهر السلمي.
التصديق على الأحكام.. خطوة نحو التصعيد أم تهدئة؟
بعد أربعة أيام من إصدار الأحكام، وفي 18 ديسمبر، صادق اللواء ممدوح جعفر، قائد الجيش الثاني الميداني، على كافة الأحكام دون أي تعديلات، مما أدى إلى مزيد من التوترات بين السلطات والمجتمع الحقوقي.
ومع ذلك، جاء قرار العفو الرئاسي ليشكل مفاجأة في هذا السياق، ويطرح تساؤلات حول دوافعه وارتباطه بالضغوط المحلية والدولية على سلطات السيسي بشأن ملف حقوق الإنسان في سيناء.