في مشهد يكتنفه الحزن والغموض، تواصل مأساة المواطن عبد الرحمن محمود عبد النبي، البالغ من العمر 38 عامًا، حكايتها المؤلمة، عبد الرحمن، العامل البسيط في مجال الأعمال الحرة، الذي ينحدر من مدينة الخانكة بمحافظة القليوبية، أصبح رمزًا لمعاناة مستمرة تحت وطأة الإخفاء القسري منذ أكثر من عشر سنوات، وسط إنكار وصمت رسمي.
الرسالة الأخيرة.. بداية المأساة
في الساعات الأولى من صباح يوم 11 سبتمبر 2014، تلقت أسرة عبد الرحمن رسالة نصية قصيرة من هاتفه المحمول، جاء فيها: “اتمسكت أنا وواحد صاحبي من على الدائري”، تلك الكلمات القليلة كانت آخر ما وصل من عبد الرحمن قبل أن ينقطع التواصل معه تمامًا.
الرسالة أُرسلت في حوالي الساعة 12:15 بعد منتصف الليل، بعد ساعات من إغلاق هاتفه المحمول، الذي أُعيد فتحه لفترة قصيرة لإرسال الرسالة ثم أُغلق مجددًا.
آخر مرة شوهد فيها عبد الرحمن كانت في محل عمله بمدينة أبو زعبل، حيث توجه بعدها إلى منزله الذي يبعد دقائق قليلة عن مكان عمله.
لم تصل الأسرة أي أخبار عنه سوى الرسالة النصية، حتى ظهر لاحقًا شاهد عيان، وهو أحد جيرانه، أكد أنه رآه بعد شهر من اختفائه بجانب سيارة ترحيلات في منطقة بنها بمحافظة القليوبية.
إنكار وتجاهل رسمي
رغم الشهادات والبلاغات المقدمة، أنكرت وزارة الداخلية بمحافظة القليوبية وقسم شرطة الخانكة أي علاقة لهما باعتقال عبد الرحمن أو احتجازه.
وبينما نفت الأجهزة الأمنية معرفتها بمصيره، أكدت الأسرة على تقديمها كافة البلاغات القانونية المطلوبة، بدايةً من إخطار قسم شرطة الخانكة يوم 11 سبتمبر 2014، مرورًا بمكتب النائب العام، وصولًا إلى رفع دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري.
إجراءات قانونية ومساعٍ حقوقية
اتخذت أسرة عبد الرحمن جميع السبل القانونية الممكنة للمطالبة بالكشف عن مصيره، حيث قدمت بلاغات إلى النائب العام، ووزارة الداخلية، والمجلس القومي لحقوق الإنسان.
كما رفعت دعوى قضائية تحمل رقم 68109 لسنة 70 قضاء إداري، طالبت فيها بإلزام السيسي ووزارة داخليته ومصلحة السجون بالكشف عن مكانه.
ورغم كل هذه الجهود، استمر الغموض يلف مصير عبد الرحمن، إذ لم تتعامل الأجهزة الأمنية مع الأدلة التي قدمتها الأسرة، بما في ذلك الرسالة النصية الأخيرة وشهادة الجيران الذين رأوه بجانب سيارة الترحيلات.
هذا التجاهل المستمر يعمق جراح الأسرة التي تعيش في قلق دائم على مصيره.
دعوات للعدالة والمساءلة
في مواجهة هذا الوضع، دعت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان النائب العام ووزارة الداخلية إلى تحمل مسؤولياتهم تجاه عبد الرحمن، مطالبة بالكشف الفوري عن مكان احتجازه وإطلاق سراحه.
وأكدت الشبكة أن استمرار الإخفاء القسري يمثل انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان والقوانين الدولية.