بدأت المعارضة السورية التخطيط لعملية عسكرية منسقة للإطاحة بنظام بشار الأسد منذ أكثر من عام، وبلغت ذروتها في هجوم منضبط استفاد من الإستراتيجيات المتقدمة والأسلحة المطورة حديثًا والقيادة الموحدة. كانت العملية، التي أطلق عليها "ردع العدوان"، بمثابة نهاية حكم الأسد الذي دام 54 عامًا وأظهرت تحول قوات المعارضة إلى قوة قتالية متماسكة.
في أول مقابلة إعلامية له منذ الإطاحة بالأسد، كشف أبو حسن الحموي، القائد العسكري لهيئة تحرير الشام، عن التخطيط المعقد والتعاون بين جماعات المعارضة من شمال غرب وجنوب سوريا. وتواصلت هيئة تحرير الشام، المتمركزة في إدلب، مع المعارضة في الجنوب لإنشاء غرفة حرب موحدة تهدف إلى تطويق دمشق.
وكانت بذور هذا النصر مزروعة قبل سنوات. بعد خسارة مساحة كبيرة من الأراضي في هجوم شنه النظام في عام 2019، أدركت هيئة تحرير الشام الحاجة إلى قيادة موحدة. وعززت المجموعة قوتها باستيعاب أو إخضاع الفصائل المنافسة، بما في ذلك تنظيمات مثل حراس الدين. كما طورت هيئة تحرير الشام هيكلاً عسكريًا منضبطًا، شمل وحدات متخصصة وقوات أمنية.
كانت نقطة التحول الرئيسة هي إنشاء برنامج هيئة تحرير الشام الخاص بالطائرات المُسيرة في عام 2019. من خلال الجمع بين الخبرة من المهندسين والكيميائيين والميكانيكيين، طورت المجموعة طائرات مُسيرة للاستطلاع والهجوم والانتحار. لعبت طائرة "شاهين"، وهي نموذج جديد من الطائرات المُسيرة الانتحارية، دورًا محوريًا في المعارك الأخيرة، حيث عطلت مدفعية النظام بضربات دقيقة.
وشهد جنوب سوريا، الخاضع لسيطرة النظام منذ عام 2018، نشاطًا متقطعًا للمعارضة، لكن التنسيق ظل محدودًا. وبتوجيه من هيئة تحرير الشام، تم إنشاء غرفة عمليات موحدة، جمعت 25 مجموعة من المعارضة. وتضمنت الإستراتيجية هجمات متزامنة من الشمال والجنوب، تتقارب نحو دمشق.
انطلقت العملية في 29 نوفمبر، حيث استولت قوات هيئة تحرير الشام بسرعة على حلب، وهي مدينة بالغة الأهمية استغرقت قوات الأسد أربع سنوات لاستعادتها في عام 2016. ثم تقدمت المعارضة جنوبًا، واستولوا على حماة وحمص في تتابع سريع. وفي الجنوب، استولوا على درعا ووصلوا إلى دمشق قبل أن تتمكن قوات هيئة تحرير الشام من ذلك. وفي 8 ديسمبر، فر بشار الأسد من سوريا.
ويخطط الحموي، المهندس الزراعي السابق الذي شرده النظام، للانتقال إلى دور حكومي مدني. ومع ذلك، لا تزال هناك مخاوف بشأن الإيديولوجية الإسلامية لهيئة تحرير الشام وتأثيرها على الأقليات الدينية. وأكد الحموي على الشمولية، مشيرًا إلى أن الأقليات تتمتع بحقوق متساوية في سوريا الجديدة. كما أقر بالتحديات التي تنتظر إعادة بناء أمة مزقتها الحرب.
لم تُطح هذه السلسلة السريعة من الأحداث بالأسد فحسب، بل أنهت أيضًا سنوات من الجمود بين قوات النظام وفصائل المعارضة، وأعادت تشكيل مستقبل سوريا وربما أشارت إلى فصل جديد للبلد الذي مزقته الحرب.