منذ أيام،تابع الفنانون ومحبو المسرح، المسرحية الجديدة للفنان محمد صبحي"فارس يكشف المستور"، متضمنة أبعادًا فنية وسياسية تتناول قضايا الأمة العربية برؤية شاملة.
المسرحية التي عُرضت على خشبة مسرح "مدينة سنبل"، ليست مجرد عرض فني، بل وثيقة إنسانية وفكرية تحاكي الواقع العربي وتواجه التحديات التي تهدد وحدته ومستقبله.
المسرحية تدور حول أحفاد "حافظ نجيب" الشهير بـ"الثعلب"، الشخصية التي ظهرت سابقًا في مسلسل "فارس بلا جواد"، وقد كرست حياتها لمقاومة الاحتلال والصهيونية. تفتح القصة بمشهد رمزي في محطة قطار، حيث يلتقي أفراد العائلة المنهكة اقتصاديًا ونفسيًا بعد دعوة لاستلام تركة الجد. لكن المفاجأة أن الكنز الذي تركه الجد هو "شفرة" تقودهم إلى شجرة زيتون ترمز للأرض والوطن.
وتعكس المسرحية شخصيات تعاني من أزمات معاصرة. الإعلامي الذي يلهث خلف الشهرة عبر فيديوهات التريند، خريجة الفلسفة التي تعيش عزلة فكرية، الموسيقي الموهوب الذي لا يجد التقدير داخل وطنه، والأثري الذي يعاني من فقدان الأمل. كل شخصية تمثل واقعًا معاشًا في العالم العربي، حيث الأزمات الاجتماعية والاقتصادية تُثقل كاهل المواطن، وسط مؤامرات دولية تستهدف تمزيق الهوية.
يتجلى الصراع بين أفراد العائلة الذين يحاولون فك شفرة الكنز وبين قوى خارجية، تمثلها شخصيات رمزية مثل "غازي" و"ميسون" (أمريكا وإسرائيل)، اللذين يسعيان لسرقة الأرض وتفكيك الدول العربية إلى دويلات ضعيفة.
هنا، تتداخل الرسائل التاريخية مع الإسقاطات السياسية، حيث يشير العرض إلى مخطط "الشرق الأوسط الجديد" الذي يستهدف ذوبان الأوطان والديانات لصالح الهيمنة الغربية.
واستطاعت المسرحية، عبر مزيج من الكوميديا والغناء، توجيه رسائل مشفرة تدعو للوحدة العربية وتسلط الضوء على أهمية الحفاظ على الهوية الوطنية.
يؤكد "فارس" بطل المسرحية، أن الكنز الحقيقي ليس في المال بل في قوة الروابط الأسرية والوطنية. كما تبرز المسرحية دور الأجيال الجديدة في مواصلة مسيرة النضال واستعادة الأرض المسلوبة.
ووفق خبراء، تميز العرض باستخدام تقنيات حديثة، تجمع بين الشاشات الضخمة لعرض لقطات وثائقية ومشاهد تمثيلية حيّة.
هذه المزاوجة بين الماضي والحاضر جعلت الجمهور يعيش تجربة بصرية ووجدانية مميزة.
مشاهد العدوان الإسرائيلي على غزة، التي عرضت ضمن المسرحية، أثارت عاصفة من التصفيق والدموع بين الحضور، مع ترديد الشعار الوطني: "لا تصالح".
وحظيت مسرحية "فارس يكشف المستور" بإشادة واسعة من الجمهور على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبّر العديد من المشاهدين عن انبهارهم بالعرض الذي جمع بين الإبداع الفني والرسائل الوطنية العميقة.
قالت هدير محمد: "المسرحية ليست مجرد عرض كوميدي، بل صدمة عاطفية؛ كل حرف يقال يحمل ألمًا وواقعًا مريرًا، منذ لحظة دخولي المسرح وحتى خروجي، كنت مذهولة بالدقة والنظام. هذه أول مسرحية أشاهدها للفنان محمد صبحي، وكانت تجربة لا تُنسى"، أما أم حسين علي فعلّقت: "الفنان محمد صبحي شخصية استثنائية؛ تعلمنا منه القيم والمبادئ. المسرحية أكدت أنه فنان مثقف ومبدع، أتمنى له الصحة والعافية ليستمر في تقديم هذه الأعمال الراقية."
وعبّر رفعت محمد عن إعجابه قائلاً: "قليلون هم من ينطبق عليهم وصف 'الفن رسالة'، وأنت يا أستاذ محمد من هؤلاء القلة، شكراً لأنك تمثل الفن النبيل"، فيما وصفت دعاء الشرقاوي العرض بقولها: "مسرح يمنحنا المتعة ولا يتخلى عن رسالته الوطنية والإنسانية، ويطرح قضايا الوطن بجرأة وصدق"، وأضاف محمد فتحي الشعشاعي: "عمل فني محترم وهادف يحمل رسالة توعية قوية ويدعو للتأمل، شكرًا لكل من شارك في هذا العمل الرائع."