قال الباحث خالد درويش إن السيسي خربها وغرق مصر في الديون والفقر حيث زاد معدل اقتراض البنك المركزي، ووصلت خلال يوم الأحد 1.5 مليار دولار عبر أذون الخزانة، لأجل عام، لسد عجز الموازنة وتوفير سيولة مالية للوزارات والهيئات الاقتصادية والعامة.
وأضاف أنه في خطوة صادمة وغير مدروسة، أصدر البنك المركزي توجيهات جديدة لكل البنوك بمنع تدبير العملة الأجنبية لتمويل استيراد السلع المعمرة والإلكترونية والكهربائية والعديد من السلع التي يعتبرها ترفيهية أو كماليات وذلك، رغم أن تلك الخطوة ترفع سعر الدولار في السوق السوداء، وربما نجد قفزة غير مسبوقة في أسعار تلك المنتجات، متسائلاً: هل أفلست مصر أم نهبها السيسي؟”.
رحلة صعود جديدة للدولار
وتمر مصر بأزمة كبيرة في توفير العملة الأجنبية، بسبب زيادة الطلب على الدولار للاستيراد مقابل قلة العرض المتاح ما يأثر على سعر الدولار مقابل الجنيه، ما خلق أزمة في تدبير العملة لمجالات حيوية زي السلع الغذائية والأدوية، حيث يعجز الانقلاب عن توفيرها، لذلك قرر البنك المركزي الاستغناء عن العديد من السلع لتوفير العملة الأجنبية للسلع الأساسية ما سيكبد المواطن أعباء فالحياة ليست أكل وشرب.
ومنع تدبير العملة الأجنبية للعديد من السلع ذات الرواج هي محاولة لإعادة إفقار المواطن ومنع سبل الترفيه عنه، ويهدف البنك المركزي من القرار زيادة الضغط على المواطن وتقليل العبء عن الحكومة، ويضمن أن العملة لن تتبخر بسرعة.
ويأتي ذلك التوجيه في ظل ما أظهرته أحدث بيانات البنك المركزي من تراجع صافي الأصول الأجنبية لدى القطاع المصرفي المصري شاملاً البنك المركزي، لأول مرة منذ تعويم العملة المحلية في مارس الماضي.
وانخفض صافي الأصول الأجنبية للبنوك والبنك المركزي (الأصول-الخصوم) بنحو 27% في أغسطس الماضي، مقارنة بـ يوليو الماضي، لتصل إلى 473.2 مليار جنيه (9.7 مليار دولار بسعر الصرف الحالي).
وذلك في وقت يتراجع فيه إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي غير المباشر “الأموال الساخنة” في أذون الخزانة المحلية، وفق أحدث أرقام البنك المركزي.
أوضاع تدعو للاستياء
ومن جانبه، حذر الدكتور إبراهيم نوار، الخبير الاقتصادي، من أن الدولار قد يبدأ رحلة صعود جديدة مقابل الجنيه، مع البدء في معاملات الأسبوع الحالي.
وعبر فيسبوك Ibrahim Nawar، قال نوار في مقال بعنوان “رحلة صعود جديدة للدولار فوق الجنيه المصري؟؟؟” إنه “من المتوقع أن يبدأ الدولار رحلة صعود جديدة مقابل الجنيه المصري، مع البدء في معاملات الأسبوع الحالي، بعد أن اصدر البنك المركزي المصري تعليمات لرؤساء البنوك التجارية في نهاية معاملات الأسبوع الماضي بتدبير الدولار للاعتمادات المستندية لاستيراد السلع غير الأساسية التي يتطلب استيرادها موافقة مسبقة منه، وفق مراكز الدولار في كل بنك”.
وأوضح أنه “سيلزم أولاً تحديد المركز المالي في كل بنك بالنسبة للمتاح لديه من العملات الأجنبية، وطلبات العملاء لتمويل وارداتهم. ويترتب على ذلك تحديد نسبة العجز التي ستكون محركًا رئيسًا لتحديد سعر الدولار. تعليمات البنك المركزي تنطوي على قدر كبير من عدم الوضوح بشأن حدود التمويل وحدود ارتفاع الدولار، خصوصًا وأن سياسة الدولة متقلبة وغير شفافة”.
وأوضح أن بعض المصرفيين يعتقدون أن هذه التعليمات قد تكون انحناءة مؤقتة لضغوط صندوق النقد الدولي، في شأن توفير قدر أكبر من المرونة في سعر الصرف. ولذلك فإنهم يلتزمون الحذر في شأن التعامل بالتعليمات الجديدة. أحد أهم الأسئلة المطروحة هو: هل سيتدخل البنك المركزي في السوق بائعًا للدولار، أم أنه سيكتفي بموقف المراقب عن بعد؟".
وأشار إلى أن “مؤشرات المعاملات اليوم قد لا تكون كافية بالقدر المطلوب لاستشفاف طبيعة السياسة النقدية، لكنها ستشهد ضغوطًا جديدة قوية على الجنيه”.
أوضاع
وعبر إبراهيم نوار عن فقدانه الأمل في النظام القائم، وعن وثيقة جديدة لتحديد سياسة دور الدولة في الاقتصاد؟ قال “هل من جديد؟.. هل فعلاً توجد دولة؟ أم هي مجرد شبه دولة؟ أم أنها بناء جديد “جمهورية جديدة” تضع أركانها في الصحراء لإقامة “مصر بديلة” ترحل تمامًا عن “مصر الأصيلة” لكن بعمل وعرق شعب الأخيرة؟ “.
وأضاف أنه “المطلوب أولاً دولة مؤسسية.. وأن تتصرف هذه الدولة وفقًا لمعايير الرشد والكفاءة والمصلحة الجماعية وتكافؤ الفرص في كل مجالات الحياة بما فيها السوق.. الدولة تصدر وثائق لا تحترمها، لأن الأهواء متقلبة.. وتصدر قوانين لا تعمل بها، لأن المصالح متضاربة.. وتوكل مسئولية اتخاذ القرار الأخير لفرد واحد في أي مستوى، مما جعل الاستقرار غير مؤكد وعدم اليقين هو الغالب.”.
السلع المحظورة
وحدد البنك المركزي 13 سلعة، بينها السيارات والمعدات الثقيلة والهواتف والملابس والمجوهرات، وجميع تلك السلع يعتبر المواطن في حاجة أساسية لها باستثناء بند واحد وهي السيارات الفاخرة، أما الأجهزة الإلكترونية والذهب تمثل ضرورة ملحة في المجتمع المصري لأهميتها التي ينبني عليها تكاليف الزواج.
وجاءت قائمة المنع لتشمل: السيارات كاملة الصنع، والموبايلات وكمالياتها، ونباتات وبذور غذائية، والفواكه الطازجة، والكاكاو، والمجوهرات واللؤلؤ، والتلفزيونات والأجهزة الكهربائية، والملابس الجاهزة، ولعب الأطفال، وإطارات مستعملة وأي شيء مستعمل، والمفروشات والأثاث، والمعدات الثقيلة (لوادر، بلدوزرات، أوناش).
ووضع البنك المركزي أولوية لتدبير العملة لـ17 سلعة أساسية، توفيرها في الأساس مسئولية حكومية، وهي: “الأدوية والمستلزمات الطبية والأمصال، والأعلاف وتقاوى البذور والأسمدة ، والسلع الغذائية (اللحوم، الدواجن، الأسماك، لبن البودرة ولبن الأطفال، الشاي، الفول والقمح والعدس والذرة، السمن والزيت”.
وتوقع مراقبون أن يؤثر هذا القرار أكثر على المستوردين الذين يعتمدون على تلك المنتجات في نشاطهم التجاري، وسيكون مستوردو الأجهزة الإلكترونية أول المتضررين، لأنهم سيلاقون صعوبة في الحصول على الدولار من البنوك، مما يمهد لرواج السوق السوداء للدولار وهذا سيؤدي لارتفاع الأسر مع قلة المعروض.
وأضاف المراقبون أنه في كل الأحوال يجد المواطن صعوبة كبيرة في شراء السلع الأساسية مثل الأكل والدواء نظرًا لارتفاع الأسعار، وبهذا القرار ستزداد الضغوطات عليه نظرًا لأن المنتجات التي حظر البنك المركزي توفير الدولار لها ليست لها بدائل مصرية وإن وجدت سيستغل التجار ذلك ويرفعون الأسعار وفي كل الأحوال سيتضرر المواطن البسيط.