يشير انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة في عام 2024 إلى تحولات كبيرة في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، وخاصة في سياق الصراع المستمر بين الاحتلال الصهيوني وحماس.
ومن المتوقع أن يفضل نهج ترامب، استنادًا إلى ولايته السابقة (2017-2021) وتصريحات حملته الأخيرة، اتخاذ تدابير حازمة ضد التهديدات المتصورة من إيران، وتأييد قوي لأمن الاحتلال واستمرار محتمل لإطار اتفاقيات أبراهام الهادف إلى التطبيع الإقليمي.
وعلى عكس ولايته الأولى، فإن الشرق الأوسط في حالة تغير مستمر، مع تفاقم الصراع بين الاحتلال وإيران إلى أزمة أمنية إقليمية.
إعادة توجيه السياسة تجاه إيران
خلال فترة ولاية ترامب الأولى، نفذت إدارته حملة "الضغط الأقصى" ضد إيران، فانسحبت من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 وفرضت عقوبات اقتصادية صارمة - تم فرض ما يقرب من 1500 عقوبة على إيران، وكذلك على الشركات والأفراد الأجانب الذين يتعاملون معها.
وقد قيدت هذه الاستراتيجية بشكل كبير القدرات الاقتصادية لإيران وهدفت إلى الحد من نفوذها في المنطقة.
غالبًا ما استشهد ترامب بالتحديات الأمنية المتزايدة في المنطقة في ظل إدارة جو بايدن كدليل على الحاجة إلى موقف أكثر صرامة تجاه إيران.
ويزعم أن حزم إيران المتزايد، الذي يشمل دعمها لجماعات مثل حماس وحزب الله، كان من الممكن تخفيفه في ظل نظامه.
خلال الحملة، انتقد ترامب إدارة بايدن لرفع بعض العقوبات.
وندد بنائبة الرئيس كامالا هاريس بعد الضربة الصاروخية الإيرانية في أكتوبر 2024 على الكيان الصهيوني، واصفًا إياها وبايدن بأنهما "غير كفؤين بشكل صارخ" وحذر من أنهما "يقودان [الولايات المتحدة] إلى شفا الحرب العالمية الثالثة".
إلى حد ما، أشار ترامب إلى استعداده لإبرام صفقة مع إيران لمنعها من تطوير قدرات نووية.
وفي حين نفت إيران مزاعم تورطها في الانتخابات الأمريكية، تعهد ترامب خلال حملته الانتخابية بـ "تدمير" إيران إذا هددت مرشحًا للانتخابات الأمريكية، مشيرًا إلى "تهديدات خطيرة" من الأمة.
يشير هذا الموقف، إلى جانب تفضيله للتدابير العقابية على الدبلوماسية المتعددة الأطراف، إلى أن سياسة ترامب قد تركز على عزلة متجددة لإيران، والتي يزعم أنها ضرورية للاستقرار الإقليمي.
علاوة على ذلك، تخشى إيران أن يؤدي فوز ترامب إلى ضربات صهيونية على المواقع النووية وزيادة العقوبات الغربية.
تعزيز العلاقات الأمريكية
كان دعمه الثابت للاحتلال حجر الزاوية في سياسة ترامب في الشرق الأوسط.
وفي ولايته الأولى، اتخذ ترامب خطوات غير مسبوقة لتعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة والاحتلال، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس (الاعتراف بها عاصمة للاحتلال) وتأييد سيادة الاحتلال على مرتفعات الجولان.
انسحب ترامب من الاتفاق النووي مع إيران، وأوقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي تساعد اللاجئين الفلسطينيين، وخرج من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بسبب ما وصفه بالتركيز المفرط على الكيان الصهيوني.
كما قدم خطة سلام صهيونية فلسطينية لعام 2020 انتقدها القادة الفلسطينيون، الذين زعموا أنها تصب في مصلحة الاحتلال بشدة وتقوض مطالبهم بالقدس.
وقد لقيت هذه الخطوات استحسان الكثيرين داخل الكيان المحتل وبين قاعدته الشعبية المحلية، لأنها ترمز إلى تحول في السياسة الأمريكية التي وضعت الدعم القوي وغير المشروط للاحتلال فوق التوازنات الدبلوماسية التقليدية.