مع تزايد معدلات الفقر بصورة غير مسبوقة في المجتمع المصرى في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي، وتدهور الأوضاع الاقتصادية وتراجع مستوى المعيشة بجانب ما يقدم في إعلام العسكر من سخافات وتفاهات وتجاهل غرس القيم التربوية في المدارس والبيوت، ودور العبادة، انتشرت جرائم القتل حتى بين الأقارب، بل يقوم بعض الأبناء بقتل آبائهم وآمهاتهم لأسباب تافهة، وهو ما تسبب في اإارة حالة من القلق والخوف بين المواطنين .

جرائم القتل تكشف عن كوارث نظام الانقلاب الذي استولى على السلطة من خلال الإجرام وسفك الدماء وخيانة الأمانة، حيث انقلب السيسي على رئيسه الشهيد محمد مرسي، وهو ما شجع عددا من المصريين على اللجوء إلى نفس هذه الوسائل الإجرامية لتحقيق أهدافهم وما يتطلعون إليه، فالناس على دين ملوكهم ولو صلح الراعي لانصلحت الرعية كما يقال في الأمثال الشعبية .

التقرير التالي يتناول بعض هذه الجرائم الشاذة التي لم تعرفها مصر إلا في زمن الانقلاب الدموي وتعليق الخبراء عليها وتوضيح أسباب انتشارها وكيف يمكن مواجهتها .

 

الأب والأم

في هذا السياق تجرأ شاب على قتل والده بمنطقة المقطم، بسبب خلافات على المصاريف ورفض الأب إعطاؤه المزيد من الأموال ، وتلقت مديرية أمن الانقلاب بالقاهرة بلاغا بوجود جثة لشخص مقتول بدائرة قسم شرطة المقطم، وتبين أنه قتل بعدة بطعنات، وأن وراء ارتكاب الواقعة نجل الضحية بسبب خلافات عائلية بينهما على المصاريف.

وفي الجيزة أقدم شاب عشريني على قتل والدته، حيث تعدى عليها بالضرب ومنعها من النزول إلى الشارع، بدعوى إدمانها للمخدرات، وانتهت الواقعة بقتل الأم “فاطمة” صاحبة الـ40 عامًا، على يد ابنها “محمد أ”،

وتم العثور على جثة الضحية ملقاه داخل شقتها ومصابة بسحجات وجروح في أنحاء متفرقة من الجسم نتيجة التعدي عليها بعصا، وأكد شهود العيان من الأهالي والجيران أن نجلها هو من قام بقتلها وهرب من المنطقة.

 

قتلوا “خالهم”

في البدرشين لقي سائق توك توك مصرعه في مشاجرة مع أبناء شقيقته، وتم إجراء معاينة تصويرية لجثة المتوفي، وتكليف الطب الشرعي بإعداد تقرير بالصفة التشريحية لجسده، تمهيدا للتصريح بدفنه.

وتبين من التحريات والمعاينة مقتل سائق التوك توك في مشاجرة مع أبناء شقيقته بسبب خلافات أسرية دفعت المتهمين إلى التعدي عليه وطعنه بسكين في مناطق متفرقة من جسده، وهو ما تسبب في مصرعه وجرى نقل الجثة إلى ثلاجة المستشفى تحت تصرف النيابة العامة.

 

قتل الصديق

في الجيزة أيضا لقي شاب مصرعه في مشاجرة مع صديقه ، وصرحت النيابة بدفن جثة المتوفى بعد الاطلاع على تقرير الطب الشرعي بأسباب وفاته.

وكشفت التحريات عن العثور على جثة عامل به آثار 20 طعنة نافذة، نتيجة نشوب مشادة كلامية بين المجني عليه وصديقه عقب وصلة هزار تحولت إلى مشاجرة، قام فيها المتهم بالانهيال بسلاح أبيض على المجني عليه محدثا إصابته التي أودت إلى وفاته، وتم نقل الجثة إلى ثلاجة المستشفى تحت تصرف النيابة العامة.

 

ضغوط نفسية

حول هذه الجرائم ودوافعها، قال الدكتور رشاد عبد اللطيف، أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان: إن “السبب الحقيقي وراء انتشار جرائم قتل الأباء والأقارب، يرجع الى وجود خلل نفسي أو عقلي لدى بعض الأشخاص، يتسبب في ارتكابهم مثل هذه الجرائم الغريبة على المجتمع المصري والتي لم تكن منتشرة بالصورة التي هي عليها في الوقت الحاضر”.

وأضاف عبد اللطيف في تصريحات صحفية : لا يوجد شخص عاقل يقدم على قتل أبيه أو أمه أو أي صديق أو مقرب منه، مؤكدا أن مثل تلك الجرائم تعد حالات شاذة على المجتمع .

وأشار إلى أن بعض الضغوط النفسية والاجتماعية قد تقود بعض الأشخاص للانحراف وتنفيذ مثل هذه الجرائم، موضحا أن هناك ظروفا مجتمعية حال توفرها قد تؤدي إلى تنشئة خاطئة وتحفز على انتشار هذه الجرائم .

وأوضح عبداللطيف أن من هذه الظروف عدم الإلمام بالأمور الدينية وفهمها الفهم الصحيح من قبل الجاني، بجانب الشك والتوتر الزائد، والتربية والتنشئة الاجتماعية غير الصحيحة.

 

المسلسلات والأفلام

وقال الدكتور الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس: إن “هناك بعض المحفزات التي تؤدي إلى انتشار هذه الثقافة المجتمعية المنحرفة وتدفع الأبناء لقتل ذويهم سواء آباء أو أمهات، موضحا أن من بين هذه المحفزات ما يقدم في الإعلام والدراما والسينما، التي تشرف عليها وتشجعها عصابة العسكر”.  

وأضاف “فرويز” في تصريحات صحفية أن انتشار العنف المجتمعي بشكل مبالغ فيه في المسلسلات والأفلام، يجعل من بعض الأشخاص يتشربون هذا العنف على أنه شيء عادي ويمكن أن يحدث، وبالتالي يحفز مشاعر العنف لديهم وقد يجعلهم يقدمون على تنفيذ مثل تلك الجرائم.
ودعا إلى ضرورة العمل على تخصيص وقت كاف في وسائل الإعلام وفي المدارس والبيوت للتربية والتقرب من الأطفال من أجل تنشئتهم التنشئة الصحيحة، محذرا من أن غياب أساليب التربية والعقاب في المدارس من الأسباب الرئيسية وراء انتشار هذه الجرائم.